عضو جديد تسجيل دخول
 حق المسلم على المسلم عظيم قد بينه صلى الله عليه وسلم كما في حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: ((حق المسلم على المسلم ست))، قيل: ما هن يا رسول الله؟ قال: ((إذا لقيته فسلم عليه، وإذا دعاك فأجبه، وإذا استنصحك فانصح له، وإذا عطس فحمد الله فسمته-وفي رواية: فشمته - وإذا مرض فعده وإذا مات فاتبعه)).
4125
3 + 2 =
Solve this simple math problem and enter the result. E.g. for 1+3, enter 4.
1- عن أنس - رضي الله عنه -: "أن رجلاً من أهل البادية كان اسمه زاهراً بن حرام كان يهدي للنبي صلى الله عليه وسلم الهدية من البادية، فيجهزه رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يخرج، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن زاهراً باديتنا، ونحن حاضروه))، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يحبه وكان دميماً، فأتاه النبي صلى الله عليه وسلم يوماً وهو يبيع متاعه، فاحتضنه من خلفه وهو لا يبصره، فقال: أرسلني من هذا؟ فالتفت فعرف النبي صلى الله عليه وسلم فجعل لا يألو ما ألزق ظهره بصدر النبي صلى الله عليه وسلم حين عرفه، وجعل النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ((من يشترى العبد؟))، فقال: يا رسول الله إذاً والله تجدني كاسداً، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((لكن عند الله لست بكاسد)) أو قال: ((لكن عند الله أنت غال)) رواه أحمد برقم (12669)، قال الأرنؤوط: إسناده صحيح على شرط الشيخين.
2- وعن الحسن البصري مرسلاً قال: أتت عجوز إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم ادع الله أن يدخلني الجنة، فقال: ((يا أم فلان إن الجنة لا تدخلها عجوز))، قال: فولت تبكي، فقال: ((أخبروها أنها لا تدخلها وهي عجوز إن الله تعالى يقول: إِنَّا أَنشَأْنَاهُنَّ إِنشَاء * فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَارًا * عُرُبًا أَتْرَابًا (الواقعة: 53-37)، رواه الترمذي في الشمائل برقم (205)، وحسنه الألباني.
3- وعن صهيب رضي الله عنه قال: قدمت على النبي صلى الله عليه وسلم وبين يديه خبز وتمر، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((ادن فكل)) فأخذت آكل من التمر، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((تأكل تمراً وبك رمد؟))، قال: فقلت: إني أمضغ من ناحية أخرى، فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم. رواه ابن ماجه برقم (3443)، وحسنه الألباني.
4- وعن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: ((يا ذا الأذنين)) قال أبو أسامة يعني "يمازحه"، رواه الترمذي برقم (1992)، وصححه الألباني.
5-  وعن أسيد بن حضير رضي الله عنه قال: بينما رجل من الأنصار يحدث القوم وكان فيه مزاح بيننا يضحكهم، فطعنه النبي صلى الله عليه وسلم في خاصرته بعود، فقال: أصبرني، فقال: ((اصطبر))، قال: ((إن عليك قميصاً وليس علي قميص))، فرفع النبي صلى الله عليه وسلم عن قميصه فاحتضنه، وجعل يقبل كشحه، قال: إنما أردت هذا يا رسول الله. رواه أبو داود برقم (5226)، قال الألباني: صحيح الإسناد.
6- وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: إن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليخالطنا حتى يقول لأخ لي صغير: ((يا أبا عمير ما فعل النغير)) رواه البخاري برقم (5778).
7- وعن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: قالوا: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم، إنك تداعبنا!!، قال: ((نعم، غير أني لا أقول إلا حقاً)). رواه الترمذي برقم (1990)، وصححه الألباني.
8- وعن أنس بن مالك رضي الله عنه: "أن رجلاً استحمل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ((إني حاملك على ولد ناقة))، فقال: يا رسول الله ما أصنع بولد الإبل؟ فقال صلى الله عليه وسلم: ((وهل تلد الناقة إلا النوق)) رواه أبو داود برقم (5000) وصححه الألباني.
9- وعن عائشة رضي الله عنه قالت: "كنت ألعب بالبنات (وهي التماثيل من الصوف التي يلعب بها البنات)، وأنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكان يسرب إلى صواحباتي يلاعبنني" رواه ابن ماجه برقم (1982)، وصححه الألباني.
10- وعن حنظلة الأسيدي رضي الله عنه - وكان من كتَّاب رسول الله صلى الله عليه وسلم - قال: لقيني أبو بكر فقال: كيف أنت يا حنظلة؟ قال: قلت: نافق حنظلة، قال: سبحان الله ما تقول؟ قال: قلت: نكون عند رسول الله صلى الله عليه و سلم يذكرنا بالنار والجنة حتى كأنا رأي عين، فإذا خرجنا من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم عافسنا الأزواج والأولاد والضيعات فنسينا كثيراً، قال أبو بكر: فوالله إنا لنلقى مثل هذا، فانطلقت أنا وأبو بكر حتى دخلنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم، قلت: نافق حنظلة يا رسول الله؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((وما ذاك؟)) قلت: يا رسول الله نكون عندك تذكرنا بالنار والجنة حتى كأنا رأى عين، فإذا خرجنا من عندك عافسنا الأزواج والأولاد والضيعات نسينا كثيراً، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((والذي نفسي بيده إن لو تدومون على ما تكونون عندي وفي الذكر؛ لصافحتكم الملائكة على فرشكم وفي طرقكم، ولكن يا حنظلة ساعة وساعة - ثلاث مرات -)) رواه مسلم برقم (2750).
11- وعن أبي جحيفة رضي الله عنه قال: آخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بين سلمان وبين أبي الدرداء، فزار سلمان أبا الدرداء فرأى أم الدرداء متبذلة (أي رثة الثياب غير متزينة)، فقال: ما شأنك متبذلة؟ قالت: إن أخاك أبو الدرداء ليس له حاجة في الدنيا، قال: فلما جاء أبو الدرداء قرب إليه طعاماً، فقال: كل فإني صائم، قال: ما أنا بآكل حتى تأكل، قال: فأكل، فلما كان الليل ذهب أبو الدرداء ليقوم فقال له سلمان: نم فنام، ثم ذهب يقوم فقال له: نم فنام، فلما كان عند الصبح قال له سلمان: قم الآن، فقاما فصليا، فقال سلمان: إن لنفسك عليك حقاً، ولربك عليك حقاً، ولضيفك عليك حقاً، وإن لأهلك عليك حقاً، فأعط كل ذي حق حقه، فأتيا النبي صلى الله عليه وسلم فذكرا ذلك فقال له: ((صدق سلمان)) رواه الترمذي برقم (2413)، وصححه الألباني.
12- وعن عائشة رضي الله عنها أنها كانت مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر قالت: فسابقته فسبقته على رجلي، فلما حملت اللحم سابقته فسبقني، فقال: ((هذه بتلك السبقة)) رواه أبو داود برقم (2580).
الإسلام دين فطرة، لم يصادر على الإنسان شيء من طبيعته الفطرية كنزوعه إلى الضحك والانبساط والمرح، ولو بلغ الرجل مكانة سامقة في الديانة والربانية، بل أوجب عليه أن يكون هيّناً ليناً، بشوشاً سمحاً مبتسماً، أسوته في ذلك رسوله صلى الله عليه وسلم صاحب الهدي الأمثل، والدَّل الأكمل، فقد كان برغم همومه الكثيرة، وواجباته العديدة يتفكه ويداعب، ويمازح ويلاعب.
 
ولم لا؟ وهو الذي قرر لأصحابه هذا المبدأ بقوله لحنظلة الأُسيدي رضي الله عنه: ((ساعة وساعة)) فكان تشريعاً، وأقر سلمان الفارسي رضي الله عنه على ذلك لما قال لأبي ذر: "إن لنفسك عليك حقاً"، ولذا كان صلى الله عليه وسلم يسمع المزاح  من أصحابه؛ ولا يزيده ذلك إلا تبسماً، ويمارسه بنفسه مع الصغار والكبار، والرجال والنساء؛ فهو محل القدوة والاستشراف من الناس، فلو ترك اللطافة والبشاشة؛ ولزم العبوس والقطوب؛ لأخذوا أنفسَهم بذلك، لكنه مزح ليمزحوا.
 
وهنا ألفت نظر القارئ إلى أمر لا بد أن يعيه بقلبه بعد أن يتمعنه بنظره وهو أن مزاحه صلى الله عليه وسلم لم يكن يخرج به عن الوقار، مزاحاً لا يُخلُّ بمقامه، ولا يوهن من هيبته، قليل وبقدر الاعتدال، لا يكذب فيه، ولا ينطق إلا بحق.
 
يمازح ليوصل رسائل تنصع بالمواساة والرأفة، وتشع بالتحبب والتربية، والوقائع بهذا شاهدة:
-   أتاه رجل فقال: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم احملني، قال: ((إنا حاملوك على ولد ناقة))، فاستنكر ذلك وما يدري أن صاحب الرسالة يداعبه وينبسط له، فيقول الرجل: وما أصنع بولد الناقة؟ وهنا تنكشف أسارير وجهه صلى الله عليه وسلم، وينطلق لسانه بحقيقة الملاطفة فيقول له: ((وهل تلد الإبلَ إلا النوقُ))، سيراً على قاعدته التي نص عليها صلى الله عليه وسلم ((غير أني لا أقول إلا حقاً)).
-   وينادى على خادمه المحب الأمين أنس فيقول: ((يا ذا الأذنين)) ويا سبحان الله، وهل إنسان بدون أذنين؟ ولكنها المداعبة لتأنيس الأرواح، وتأليف القلوب، ودواليك دواليك.

هذا الانبساط والمزاح منه صلى الله عليه وسلم حُفظ في بطون الأسفار كأنه أعجب قصة من قصص العبر والعظات، ورواه الثقات عن الثقات عصراً بعد عصر ليكون سنة من سنن خير البريات.

القائد العظيم تهابه النفوس، تجل مكانته، ولذا كان من حكمة التدبير، وحسن التسييس، وفطنة القائد أن يُذهب هذه الهيبة الزائدة عن حدها بملاطفة ومداعبة من يقودهم ويسوسهم، مداعبة لا تنزل من مقامه، ولا تضعف من هيبته بحيث يصير مضرب مثل، أو محل استنقاص واستخفاف!.

وهذا ما عاشه أعظم قائد عرفه التاريخ، وسطرت مناقبه كتب الزمان، وانطلقت بثنائه ألسن الأنس والجان، وها هم أصحابه يصارحونه بذلك فيقولون: يا رسول الله إنك تداعبنا!! فيجيبهم: ((نعم))، لكنه يستدرك فيقول: ((غير أني لا أقول إلا حقاً)).
 
وهنا ندع المشاهد تنطق بذاتها، والسير تورد ما في جعابها، والمصنفات تخرج ما بين دفاتها؛ لتوقفنا عند رجل عرف بالظرافة بين الصحابة، جلس يوماً يبيع متاعه؛ فجاء من احتضنه من خلفه وهو لا يبصره، ثم نادي في أهل السوق: ((من يشتري هذا العبد؟))، ليلتفت فيتفاجئ بأنه القائد الأعظم صلى الله عليه وسلم يمازحه، أسألكم يا سادة: هل سمعتم بزعيم من زعماء الدنيا صنع هذا مع رعيته؟ أدع الجواب لكم.
فقال: يا رسول الله إذا تجدني كاسداً، فيقول النبي صلى الله عليه وسلم كلمات كان لها أعظم معاني الرضى في قلب ذلك الصحابي: ((لست بكاسد، أنت عند الله غال))، بقى أن تعرفوا أن هذا الرجل، هو الصحابي الجليل: زاهر بن حرام، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يحبه.
 
مزاحه تأليفٌ للقلوب، ودعابته تأنيسٌ للأرواح، وضحكه بلسمٌ للنفوس.
 
وحين يتبادل المزاح مع أصحابه رضوان الله عليهم يتبادله بصدر رحب، ونفس منشرحة؛ لا يمنعه مقام الزعامة، ولا منصب القيادة، يقدم صهيب رضي الله عنه - بعدما أصاب الرمد عينه - عليه صلى الله عليه وسلم وبين يديه خبز وتمر، فيدعوه لمشاركته مائدته، وهنا تأتي الملاطفة منه صلى الله عليه وسلم فيقول: ((تأكل تمراً وبك رمد؟))، فيقول: "إني أمضغ من ناحية أخرى"، فلم تزدد الابتسامة على صاحب الثغر الباسم إلا ارتساماً على محياه ووجهه، ويمازح رجلاً من الأنصار فيطعنه في خاصرته بعود، فيطلب الأنصاري القَوَد والقصاص، فيرفع المصطفى صلى الله عن قميصه ليقتص، فما كان من الأنصاري إلا أن احتضنه وجعل يقبل كَشْحَه (هو ما بين الخاصرة إلى الضلع الأدنى من أضلاع الجنب)، ثم أردف معللاً: إنما أردت هذا يا رسول الله.

فصلى الله عليه وسلم ما تنفس صبح، وعسعس ليل.

حياة المصطفى صلى الله عليه وسلم مثال رائع للحياة الإنسانية الكاملة، تراه في الخلوات يصلي ويخشع، يبكي ويتضرع، ويقوم حتى تتورم قدماه، وفي مواقف الحق لا يبالي بأحد في جنب الله، فإذا ما كان مع الناس بش وتبسم، وانبسط ولاطف، وروَّح عن نفسه وأراح غيره.

مواقفه في ذلك تفوح عبقاً، وتبرق ضياءً، وتزهو جلالاً مع أجناس شتى من الناس صغارا وكباراً، ذكوراً وإناثاً، لا يرى في ذلك مانعاً ما دام المقام يقتضى انبساط النفس، وأريحية الطبع، فها هي امرأة عجوز تطلبه أن يدعو الله لها أن يدخلها الجنة، فتبعثه نفسه الكبيرة أن يعيش معها جواً من الفكاهة والدعابة فيقول لها: ((الجنة لا تدخلها عجوز))، فتولي وهي باكية، فيرسل صلى الله عليه وسلم في أثرها من يخبرها ((أنها لا تدخلها وهي عجوز))؛ لأن الله سبحانه أخبر أنه سيعيد العجائز يوم القيامة في الجنة أبكاراً متحببات إلى أزواجهن بالحلاوة، والظرافة، والملاحة.
 
هدي هداه الله إليه، ودلّه عليه، يعطي كل مقام حقه حتى لا يصلح في ذلك المقام إلا ما فعله، وإن شئت فاستعرض سيرته
تأتيك بالأخبار ما لم تزود.
 
تجده يقطع روتين الحياة الزوجية مع أهله بمداعبة تَنُمُّ عن نفس عظيمة، فيسابق عائشة رضي الله عنها فتسبقه أولاً ويسبقها آخراً، لكنه يجبر خاطرها ويواسيها - كما هو هديه - بقوله: ((هذه بتلك السبقة)).
وماذا أيضاً؟ يرسل إلى صواحباتها ليلعبن معها بالبنات (وهي التماثيل من الصوف التي يلعب بها الصغار)، ولا غضاضة فلكل مقام مقال.
 
وحتى الصغار الذين نغض طرفنا عنهم كان يداعبهم، فيمر ذات مرة على طفل لأبي طلحة يكنى بأبي عمير فيراه حزيناً- وكان إذا رآه مازحه- فيُخبر الطفلُ أنه مات نُغَرُه - طائر صغير - الذي كان يلعب به، فجعل رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول: ((يا أبا عمير ما فعل النُّغَير)).
 
مشاهد ومواقف يعز نظيرها، وتتوق النفس لعيشها، فكأن النفوس إذا سمعت بمثل هذا تنادي وتهتف:
فمن لي بهذا ليت أني صحبته                  فسامرته الساعات والسنوات

يا قوم: كل مزحة مكتوبة في دواوين الحديث على أنها سنة، وكل دعابة نقلها الرواة على أنها أثر وخلق من أخلاقه الشريفة تدعونا للاقتداء والاقتفاء بالنبي ا لمجتبى.

7 + 0 =
Solve this simple math problem and enter the result. E.g. for 1+3, enter 4.