عضو جديد | تسجيل دخول |
-
- صبره صلى الله عليه وسلم
- صدقه صلى الله عليه وسلم
- رحمته صلى الله عليه وسلم
- رفقه ولينة صلى الله عليه وسلم
- كرمه صلى الله عليه وسلم
- حياؤه صلى الله عليه وسلم
- تواضعه صلى الله عليه وسلم
- زهده صلى الله عليه وسلم
- أمانته صلى الله عليه وسلم
- إخلاصه صلى الله عليه وسلم
- وفاؤه صلى الله عليه وسلم
- حلمه صلى الله عليه وسلم
- ذكاؤه صلى الله عليه وسلم
- شجاعته صلى الله عليه وسلم
- رفقه صلى الله عليه وسلم بالحيوان
-
- نسبه صلى الله عليه وسلم
- خِلقته صلى الله عليه وسلم
- زوجاته صلى الله عليه وسلم
- أولاده صلى الله عليه وسلم
- خدمه صلى الله عليه وسلم
- غزواته صلى الله عليه وسلم
- كُتَّابه صلى الله عليه وسلم
- مُؤذِّنوه صلى الله عليه وسلم
- حُرَّاسه صلى الله عليه وسلم
- شعراؤه صلى الله عليه وسلم
- بيته صلى الله عليه وسلم
- دوابه صلى الله عليه وسلم
- سيوفه صلى الله عليه وسلم
- لباسه صلى الله عليه وسلم
5602
1- يقول سبحانه:( فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ) (آل عمران:159).
2- ( لَقَدْ جَاءكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ) (التوبة:128).
3- (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ) (الأنبياء:107).
4- وعن عائشة رضي الله عنها أنها قالت للنبي صلى الله عليه وسلم: هل أتى عليك يوم أشد من يوم أحد؟ قال: ((لقد لقيت من قومك ما لقيت، وكان أشد ما لقيت منهم يوم العقبة؛ إذ عرضت نفسي على ابن عبد ياليل بن عبد كلال فلم يجبني إلى ما أردت، فانطلقت وأنا مهموم على وجهي، فلم أستفق إلا وأنا بقرن الثعالب، فرفعت رأسي فإذا أنا بسحابة قد أظلتني، فنظرت فإذا فيها جبريل، فناداني فقال: "إن الله قد سمع قول قومك لك، وما ردُّوا عليك، وقد بعث الله إليك ملك الجبال، لتأمره بما شئت فيهم"، فناداني ملك الجبال، فسلم عليَّ، ثم قال: "يا محمد ذلك فيما شئت، إن شئت أن أطبق عليهم الأخشبين"، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((بل أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله وحده، لا يشرك به شيئاً)) رواه البخاري برقم (3059) ومسلم برقم (1795).
5- وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قدم الطفيل بن عمرو الدوسي وأصحابه على النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالوا: "يا رسول الله إن دوساً عصت وأبت، فادع الله عليها"، فقيل: هلكت دوس، قال: ((اللهم اهد دوساً، وأت بهم)) رواه البخاري برقم (2779)، ومسلم برقم (2524).
6- وعن أنس بن مالك رضي اللّه عنه قال: "دخلنا مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم على أبي سيف القين؛ وكان ظئراً (الظئر: زوج المرضعة) لإبراهيم عليه السّلام، فأخذ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم إبراهيم فقبّله وشمّه، ثمّ دخلنا عليه بعد ذلك وإبراهيم يجود بنفسه، فجعلت عينا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم تذرفان، فقال له عبد الرّحمن بن عوف رضي اللّه عنه: وأنت يا رسول اللّه؟ فقال: ((يا ابن عوف إنّها رحمة))، ثمّ أتبعها بأخرى، فقال صلّى اللّه عليه وسلّم: ((إنّ العين تدمع، والقلب يحزن، ولا نقول إلّا ما يرضى ربّنا، وإنّا بفراقك يا إبراهيم لمحزونون)) رواه البخاري برقم (1241).
7- وعن عبد الله بن جعفر رضي الله عنهما قال: أردفني رسول الله صلى الله عليه وسلم خلفه ذات يوم...، فدخل حائطاً لرجل من الأنصار فإذا جمل، فلما رأى النبي صلى الله عليه وسلم حنّ وذرفت عيناه، فأتاه رسول الله صلى الله عليه وسلم فمسح ذِفراه (موضع الأذنين من مؤخر الرأس) فسكت، فقال صلى الله عليه وسلم: ((من ربّ (أي صاحب) هذا الجمل؟ لمن هذا الجمل؟)) فجاء فتى من الأنصار فقال: هو لي يا رسول الله، فقال له صلى الله عليه وسلم: ((أفلا تتقي الله في هذه البهيمة التي ملَّكك الله إياها؟ فإنه شكا إليَّ أنك تجيعه وتدئبه)) رواه أبو داود برقم (2551).
8- وعن أبي قتادة - رضي اللّه عنه - أنّه قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: ((إنّي لأقوم في الصّلاة أريد أن أطوّل فيها؛ فأسمع بكاء الصّبيّ فأتجوّز في صلاتي؛ كراهية أن أشقّ على أمّه)) رواه البخاري برقم (675).
9- وعن أبي هريرة - رضي اللّه عنه - أنّه قال: قيل: يا رسول اللّه ادع على المشركين. قال: ((إنّي لم أبعث لعّاناً، وإنّما بعثت رحمة)) رواه مسلم برقم (2599).
10- وعن أبي قتادة - رضي اللّه عنه - قال: "خرج علينا النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم وأمامة بنت أبي العاص على عاتقه فصلّى، فإذا ركع وضعها، وإذا رفع رفعها" رواه البخاري برقم (5650)، ومسلم برقم (543).
11- وعن أسامة بن زيد - رضي اللّه عنهما - قال: أرسلت ابنة النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم إليه: إنّ ابنا لي قبض، فأتنا، فأرسل يقرأ السّلام ويقول: ((إنّ للّه ما أخذ وله ما أعطى، وكلّ عنده بأجل مسمّى فلتصبر ولتحتسب))، فأرسلت إليه تقسم عليه ليأتينّها، فقام ومعه سعد بن عبادة، ومعاذ بن جبل، وأبيّ بن كعب، وزيد بن ثابت، ورجال، فرفع إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم الصّبيّ ونفسه تتقعقع، قال: حسبته أنّه قال: كأنّها شنّ، ففاضت عيناه، فقال سعد: يا رسول اللّه ما هذا؟، فقال: ((هذه رحمة جعلها اللّه في قلوب عباده، وإنّما يرحم اللّه من عباده الرّحماء)).
12- وعن أبي هريرة - رضي اللّه عنه - أنّه قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: ((لولا أن أشقّ على أمّتي لأمرتهم بالسّواك مع كلّ صلاة)) رواه البخاري برقم (847)، ومسلم برقم (252).
13- وعن أبي هريرة - رضي اللّه عنه - أنّه قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: ((لولا أن أشقّ على أمّتي أو على النّاس ما تخلّفت عن سريّة، ولكن لا أجد حمولة، ولا أجد ما أحملهم عليه، ويشقّ عليّ أن يتخلّفوا عنّي، ولوددت أنّي قاتلت في سبيل اللّه فقتلت، ثمّ أحييت، ثمّ قتلت، ثمّ أحييت)) رواه البخاري برقم (2810).
14- وعن عبد اللّه بن عمر - رضي اللّه عنهما - قال: "اشتكى سعد بن عبادة شكوى له فأتاه النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم يعوده مع عبد الرّحمن بن عوف، وسعد بن أبي وقّاص، وعبد اللّه بن مسعود - رضي اللّه عنهم -؛ فلمّا دخل عليه فوجده في غاشية أهله فقال: ((قد قضى؟)) قالوا: لا يا رسول اللّه، فبكى النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، فلمّا رأى القوم بكاء النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم بكوا، فقال: ((ألا تسمعون؟ إنّ اللّه لا يعذّب بدمع العين، ولا بحزن القلب، ولكن يعذّب بهذا - وأشار إلى لسانه - أو يرحم، وإنّ الميّت يعذّب ببكاء أهله عليه)) رواه البخاري برقم (1242).
الرحمة كلمة تنشرح لذكرها الصدور، وتَرِقّ لتردادها القلوب، فياضة بالحب، جياشة بالعطف، محفوفة بالرفق، تسقى بماء الكرامة، لكن هل سمعت بأعظم من تحلى بها، وأزكى من تشرف أن يسكنه هذا الخلق.
نعم أدلك عليه: إنه نبيك عليه الصلاة والسلام، فو الله ما عرفت البشرية بأسرها كذاته الشريفة، بَهَرَ الدنيا بأخلاقه وسيرته، وملأ التاريخ بعظمته، وشمل الخلائق برحمته، حتى أثنى عليه أرحم الراحمين بقوله: وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ.
شملت رحمته البر والفاجر، والمؤمن والكافر، والأقارب والأباعد، حتى الحيوانات والجمادات نالت من رحمته عليه الصلاة والسلام.
تأمل صاحب القلب الرحيم حين قيل له: ادع على المشركين، فقال صلى الله عليه وسلم: ((إنما بعثت رحمة))!، سجايا تكتب بالذهب وأنَّى لها أن توزن به، آذوه، اضطهدوه، كادوا أن يقتلوه؛ فلم يزده ذلك إلا أن قال: ((اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون))، بأبي هو وأمي ما أرحمه وأرأفه مع الكفار، فما بالك كيف يكون مع أمته؟
ولندع القرآن يَستَنطق ليقول: بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ.
ولك أن تتلمس رحمته حيث حل وارتحل، وسافر ونزل، مع الصغير والكبير، واسأل التاريخ علَّه يجيبك حين يروي أنه كان عليه الصلاة والسلام يدخل في الصلاة ينوي أن يطيل؛ فيسمع بكاء الصبي؛ فيتجوز فيها، أتدري لمه؟ شفقة على أمه حتى لا تفتن ببكائه، صلى عليك الله أيها الرحمة المهداة.
يترك العمل خشية أن يفترض على أمته؛ فتعجز عن القيام به، والوفاء بحقه، ألم تقرؤوا كثيراً في سنته - صلى الله عليه وسلم - قوله: ((لولا أن أشق على أمتي))، رحمة تخرج مع أنفاسه، وتنبض مع خفقات قلبه، فماذا عساه المداد أن يسطر من مآثر، أو البليغ أن يصف من صور، أو الكاتب أن يُخَلِّد من ذكرى.
فبالله عليكم يا قوم هل وطأت الأرضَ قدمٌ تحمل مثل رحمته؟ وهل رأت شمس الدنيا بشراً في كريم نبله ورأفته؟
هوَ الرحمةُ المهداةُ للخلقِ حبذا كريمُ السجايا خيرُ بادٍ وحاضرِ
يا كرام: ما عرف التاريخ رجلاً في عظمة محمد صلى الله عليه وسلم، حين تستعرض تاريخه تأخذك الدهشة كثيراً، وحين تقرأ سيرته تأسرك سجاياه أسراً، ولعل من أعظم جوانب عظمته التي عرفت عنه عليه الصلاة والسلام تلك الرحمة التي كانت تخرج مع أنفاسه، وتنبض مع خفقات قلبه.
ولعلي أطلعك على جوانب من رحماته صلى الله عليه وسلم تمتطرنا بها سيرته الفذة، وتغدقنا بها سجاياه الكريمة السمحة:
لما دخل على ولده إبراهيم وهو يجود بنفسه جعلت عينا رسول الله صلى الله عليه وسلم تذرفان، فكان هذا محل استغراب من عبد الرحمن بن عوف - رضي اللّه عنه - صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ حتى صرح بذلك فقال: وأنت يا رسول اللّه (بمعنى أتبكي عليه وأنت رسول الله)؟ فلم يزد أن رد عليه بقوله: ((يا ابن عوف إنّها رحمة))، ثمّ أتبع دمعاته بأخرى.
رحمة فاضت من قلبه فأجرت دمع عينه، وصرخت في ضمائر أصحابه حتى استنزلت من المآقي ماءها، ولا غَرْوَ فهو القائل صلى الله عليه وسلم: ((إنما يرحم الله من عباده الرحماء)).
كان من رحمته صلى الله عليه وسلم بالصغار أنه يقبّلهم ويداعبهم؛ بل ويكنّيهم، ولندع المقام لأسامة بن زيد - رضي الله عنهما - يحكي جانباً من هذا فيقول: أخذني رسول الله عليه وسلم فأقعدني على فخذه، وأقعد الحسن بن علي على فخذه الآخر؛ ثم ضمهما ثم قال: ((اللهم ارحمهما فإني أرحمهما)).
مواقف تنم عن إنسان يحمل في جنباته، وبين أضلاعه؛ رحمة دفّاقة لو وزنت بجبال الدنيا لرجحت.
يأتيه أعرابي فيراه يُقبّل الحسن بن علي - رضي الله عنهما -؛ فيعجب من ذلك، ويقول: "تقبلون صبيانكم؟ فما نقبلهم"، فاستنكر عليه الصلاة والسلام صنيعه، وعزَّاه في رحمته التي فقدها؛ فقال له: ((أَوَأَملك أن نزع الله من قلبك الرحمة؟)).
لقد كان نبينا عليه الصلاة والسلام يحمل بين جنباته قلباً رحيماً؛ شمل الخلق جميعاً قريبهم وبعيدهم، حيوانهم وجمادهم، وكأني بالبعض يطلبني البينة على ذلك، أو الشاهد على أحسن الأحوال.
لا عليكم، لا عليكم فبطون المصنفات، وصفحات التاريخ؛ حافلة بسجلات زاكية، وشواهد خالدة؛ تنبئك عن سيرة عطرة لبشر حمل الرحمة بين أضلاعه.
ألم تسمعوا بذلك الجمل الذي ذرفت عيناه لما رأى النبي صلى الله عليه وسلم.
يا سبحان الله: جمل يبكي.
ولماذا يبكي فقط حينما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم؟
نعم يا قوم: إنه يعلم بإلهام سماوي أنه أمام رجل منصف، رحيم غير مجحف.
فماذا صنع به؟
مسح عليه حتى سكن، ثم أوصل إلى صاحب الجمل هذه الرسالة: ((أفلا تتقي الله في هذه البهيمة التي ملَّكك الله إياها، فإنه شكى إليَّ أنك تجيعه وتتعبه)).
فيا أرباب حقوق الحيوان هذا هو نبينا صلى الله عليه وسلم؛ فهل وصلت رحمتكم إلى عشر معشار ما بلغ؟
رحمته ينابيع عطاء، وبلسم دواء، وحياة هناء.
بلغ من رحمته أنه حثَّ أمته على إراحة الحيوان عند ذبحه وعدم تعذيبه فقال صلى الله عليه وسلم: ((إن الله كتب الإحسان على كل شيء؛ فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة، وليحد أحدكم شفرته؛ وليرح ذبيحته)).
وتعدّت رحمته إلى الجمادات حتى سمعنا بذلك الجذع الذي حنَّ حنيناً، وسمع الصحابة منه صوتاً كصوت البعير، فما كان من صاحب القلب الرحيم إلا أن سارع فاحتضنه حتى سكن، ثم التفت إلى أصحابه فقال لهم: ((لو لم أحتضنه لحن إلى يوم القيامة))؛ أتدرون لمه؟ شق عليه أن يتركه الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم بعدما كان يستند عليه في خطبته.
إنه محمد صلى الله عليه وسلم، رسالته رحمة، وشريعته رحمة، وتعاليمه رحمة؛ قال عن نفسه: (( إنما أنا رحمة مهداة))، و والله ما فارق الصدق قيد أنملة!!
رحمة الله عليك يا أرحم الخلق ما تمتم ماء، وهب هواء، وشاع ضياء.