عضو جديد | تسجيل دخول |
-
- صبره صلى الله عليه وسلم
- صدقه صلى الله عليه وسلم
- رحمته صلى الله عليه وسلم
- رفقه ولينة صلى الله عليه وسلم
- كرمه صلى الله عليه وسلم
- حياؤه صلى الله عليه وسلم
- تواضعه صلى الله عليه وسلم
- زهده صلى الله عليه وسلم
- أمانته صلى الله عليه وسلم
- إخلاصه صلى الله عليه وسلم
- وفاؤه صلى الله عليه وسلم
- حلمه صلى الله عليه وسلم
- ذكاؤه صلى الله عليه وسلم
- شجاعته صلى الله عليه وسلم
- رفقه صلى الله عليه وسلم بالحيوان
-
- نسبه صلى الله عليه وسلم
- خِلقته صلى الله عليه وسلم
- زوجاته صلى الله عليه وسلم
- أولاده صلى الله عليه وسلم
- خدمه صلى الله عليه وسلم
- غزواته صلى الله عليه وسلم
- كُتَّابه صلى الله عليه وسلم
- مُؤذِّنوه صلى الله عليه وسلم
- حُرَّاسه صلى الله عليه وسلم
- شعراؤه صلى الله عليه وسلم
- بيته صلى الله عليه وسلم
- دوابه صلى الله عليه وسلم
- سيوفه صلى الله عليه وسلم
- لباسه صلى الله عليه وسلم
5522
1. قال الله تبارك وتعالى): فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ(آل عمران:159)).
2. وقال سبحانه: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ (الأنبياء:107)).
3. وعن عائشة رضي الله عنها زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت: "دخل رهط من اليهود على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: السام عليكم، قالت عائشة ففهمتها فقلت: وعليكم السام واللعنة، قالت: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ))مهلاً يا عائشة إن الله يحب الرفق في الأمر كله))، فقلت: يا رسول أو لم تسمع ما قالوا؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم )):قد قلت وعليكم(( رواه البخاري برقم (5678)؛ ومسلم برقم 2165)).
4. وعن أبي مسعود الأنصاري رضي الله عنه قال: "قال رجل: يا رسول الله لا أكاد أدرك الصلاة مما يطول بنا فلان، فما رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في موعظة أشد غضباً من يومئذٍ فقال)):أيها الناس إنكم منفرون، فمن صلى بالناس فليخفف فإن فيهم المريض، والضعيف، وذا الحاجة(( رواه البخاري برقم (90).
5. وعن معاوية بن الحكم السلمي رضي الله عنه قال: "بينا أنا أصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ عطس رجل من القوم فقلت: يرحمك الله، فرماني القوم بأبصارهم، فقلت: واثكل أمياه ما شأنكم تنظرون إلي، فجعلوا يضربون بأيديهم على أفخاذهم، فلما رأيتهم يصمتونني لكني سكت، فلما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فبأبي هو وأمي ما رأيت معلماً قبله ولا بعده أحسن تعليماً منه، فوالله ما كهرني، ولا ضربني، ولا شتمني، قال)):إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس، إنما هو التسبيح، والتكبير، وقراءة القرآن((أو كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، قلت: يا رسول الله إني حديث عهد بجاهلية، وقد جاء الله بالإسلام، وإن منا رجالاً يأتون الكهان، قال: ))فلا تأتهم((، قال: ومنا رجال يتطيرون، قال)):ذاك شيء يجدونه في صدورهم فلا يصدنهم(( ... الحديث" رواه مسلم برقم 537)).
6. وعن عبد الرحمن بن شماسة قال: أتيت عائشة أسألها عن شيء فقالت: ممن أنت، فقلت: رجل من أهل مصر، فقالت: كيف كان صاحبكم لكم في غزاتكم هذه، فقال: ما نقمنا منه شيئاً إن كان ليموت للرجل منا البعير فيعطيه البعير، والعبد فيعطيه العبد، ويحتاج إلى النفقة فيعطيه النفقة، فقالت: أما إنه لا يمنعني الذي فعل في محمد بن أبي بكر أخي أن أخبرك ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في بيتي هذا: ))اللهم من ولي من أمر أمتي شيئا فشق عليهم فاشقق عليه، ومن ولي من أمر أمتي شيئاً فرفق بهم فارفق به(( رواه مسلم برقم 1828)).
7. وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: " قاتل رسول الله صلى الله عليه وسلم محارب خصفة بنخل، فرأوا من المسلمين غرَّة، فجاء رجل منهم يقال له غورث بن الحرث حتى قام على رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم بالسيف، فقال: من يمنعك مني؟ قال: ))الله عز وجل((، فسقط السيف من يده، فأخذه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: ))من يمنعك مني؟((، قال: كن كخير آخذ، قال: ))أتشهد أن لا إله إلا الله((، قال: لا، ولكني أعاهدك أن لا أقاتلك، ولا أكون مع قوم يقاتلونك، فخلى سبيله، قال: فذهب إلى أصحابه، قال: قد جئتكم من عند خير الناس، فلما كان الظهر أو العصر صلى بهم صلاة الخوف، فكان الناس طائفتين: طائفة بإزاء عدوهم، وطائفة صلوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فصلى بالطائفة الذين كانوا معه ركعتين ثم انصرفوا، فكانوا مكان أولئك الذين كانوا بإزاء عدوهم، وجاء أولئك فصلى بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ركعتين، فكان للقوم ركعتان ركعتان، ولرسول الله صلى الله عليه وسلم أربع ركعات"[1].
8. وعن أبي هريرة رضي الله عنه: أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ))إنما مثلي ومثل الناس كمثل رجل استوقد ناراً فلما أضاءت ما حوله جعل الفراش وهذه الدواب التي تقع في النار يقعن فيها، فجعل ينزعهن ويغلبنه فيقتحمن فيها، فأنا آخذ بحجزكم عن النار، وأنتم تقحمون فيها(( رواه البخاري برقم (6118)، ومسلم 2284)).
9. وعن أنس بن مالك رضي الله عنه: أن أعرابياً بال في المسجد فقاموا إليه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ))لا تزرموه((، ثم دعا بدلو من ماء فصب عليه" رواه البخاري برقم (5679)؛ ومسلم برقم 284)).
10. وعن أبي هريرة رضي الله عنه: أن أعرابياً بال في المسجد فثار إليه الناس ليقعوا به فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((دعوه، وأهريقوا على بوله ذنوباً من ماء، أو سجلاً من ماء، فإنما بعثتم ميسرين ولم تبعثوا معسرين ((رواه البخاري برقم 5777)).
11. وعن أبي أمامة رضي الله عنه قال: إن فتى شاباً أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله ائذن لي بالزنا، فأقبل القوم عليه فزجروه، قالوا: مه مه، فقال: ))ادنه))، فدنا منه قريباً، قال: فجلس، قال: ))أتحبه لأمك؟((، قال: لا والله جعلني الله فداءك، قال: ))ولا الناس يحبونه لأمهاتهم))، قال: ))أفتحبه لابنتك؟((، قال: لا والله يا رسول الله جعلني الله فداءك، قال: ))ولا الناس يحبونه لبناتهم))، قال: ))أفتحبه لأختك؟((، قال: لا والله جعلني الله فداءك، قال: ))ولا الناس يحبونه لأخواتهم((، قال: ))أفتحبه لعمتك؟((، قال: لا والله جعلني الله فداءك، قال: ))ولا الناس يحبونه لعماتهم))، قال: ))أفتحبه لخالتك؟((، قال: لا والله جعلني الله فداءك، قال: ))ولا الناس يحبونه لخالاتهم((، قال: فوضع يده عليه وقال: ))اللهم اغفر ذنبه، وطهر قلبه، وحصن فرجه((، فلم يكن بعد ذلك الفتى يلتفت إلى شيء"[2].
12. وعن أبي قتادة الأنصاري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ))إني لأقوم إلى الصلاة وأنا أريد أن أطول فيها فأسمع بكاء الصبي فأتجوز في صلاتي كراهية أن أشق على أمه(( رواه البخاري برقم868)).
13. وعن عبد اللّه بن عمرو رضي اللّه عنهما أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم تلا قول اللّه عزّ وجلّ في إبراهيم: رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي (إبراهيم: 36) وقال عيسى عليه السّلام: إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (المائدة:118)، فرفع يديه وقال: ))اللّهمّ أمّتي أمّتي))، وبكى فقال اللّه- عزّ وجلّ: يا جبريل اذهب إلى محمّد وربّك أعلم فسله ما يبكيك؟، فأتاه جبريل عليه الصّلاة والسّلام، فسأله، فأخبره رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم بما قال وهو أعلم، فقال اللّه: يا جبريل اذهب إلى محمّد فقل: إنّا سنرضيك في أمّتك، ولا نسوؤك(( رواه مسلم برقم 202)).
14. وعن عائشة رضي اللّه عنها زوج النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم؛ أنّها قالت للنّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: "هل أتى عليك يوم كان أشدّ من يوم أحد؟" قال: ))لقد لقيت من قومك ما لقيت، وكان أشدّ ما لقيت منهم يوم العقبة، إذ عرضت نفسي على ابن عبد ياليل بن عبد كلال، فلم يجبني إلى ما أردت فانطلقت وأنا مهموم على وجهي، فلم أستفق إلّا وأنا بقرن الثّعالب[3]، فرفعت رأسي فإذا أنا بسحابة قد أظلّتني، فنظرت فإذا فيها جبريل، فناداني، فقال: إنّ اللّه قد سمع قول قومك لك، وما ردّوا عليك، وقد بعث اللّه إليك ملك الجبال لتأمره بما شئت فيهم، فناداني ملك الجبال فسلّم عليّ ثمّ قال: يا محمّد فقال: ذلك فيما شئت، إن شئت أن أطبق عليهم الأخشبين[4]((،فقال النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: ))بل أرجو أن يخرج اللّه من أصلابهم من يعبد اللّه وحده لا يشرك به شيئاً(( رواه البخاري برقم (3231) واللفظ له؛ ومسلم برقم 1795)).
15. وعن جابر بن سمرة رضي اللّه عنهما قال: "صلّيت مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم صلاة الأولى، ثمّ خرج إلى أهله وخرجت معه، فاستقبله ولدان، فجعل يمسح خدّي أحدهم واحداً واحداً، قال: وأمّا أنا فمسح خدّي، قال: فوجدت ليده برداً أو ريحاً كأنّما أخرجها من جؤنة عطّار" رواه مسلم برقم2329)).
16. وعن أبي هريرة رضي اللّه عنه قال: قدم الطّفيل بن عمرو الدّوسيّ وأصحابه على النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم فقالوا: يا رسول اللّه إنّ دوساً عصت وأبت، فادع اللّه عليها، فقيل: هلكت دوس، قال: ))اللّهمّ اهد دوساً وأت بهم(( رواه البخاري برقم (2937)؛ ومسلم برقم 2524)).
17. وعن عبد اللّه بن مسعود رضي اللّه عنه قال: كأنّي أنظر إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يحكي نبيّاً من الأنبياء ضربه قومه وهو يمسح الدّم عن وجهه ويقول: ))ربّ اغفر لقومي فإنّهم لا يعلمون(( رواه البخاري برقم (3477)، ومسلم برقم (1792) واللفظ له.
18. وعن أنس بن مالك رضي اللّه عنه قال: كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم من أحسن النّاس خلقاً، فأرسلني يوما لحاجة فقلت: واللّه لا أذهب، وفي نفسي أن أذهب لما أمرني به نبيّ اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، فخرجت حتّى أمرّ على صبيان وهم يلعبون في السّوق، فإذا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قد قبض بقفاي من ورائي، قال: فنظرت إليه وهو يضحك فقال: ))يا أنيس أذهبت حيث أمرتك؟(( قال: قلت: نعم، أنا أذهب يا رسول اللّه" رواه مسلم برقم 2310)).
19. وعن عمران بن حصين رضي اللّه عنهما قال: كانت ثقيف حلفاء لبني عقيل، فأسرت ثقيف رجلين من أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، وأسر أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم رجلاً من بني عقيل، وأصابوا معه العضباء[5]، فأتى عليه رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم وهو في الوثاق، قال: يا محمّد، فأتاه فقال: ))ما شأنك؟((، فقال: بم أخذتني؟ وبم أخذت سابقة الحاجّ، فقال: ))أخذتك بجريرة حلفائك ثقيف((، ثمّ انصرف عنه فناداه، فقال: يا محمّد يا محمّد، وكان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم رحيماً رقيقاً، فرجع إليه، فقال: ))ما شأنك؟))، قال: إنّي مسلم، قال: ))لو قلتها وأنت تملك أمرك أفلحت كلّ الفلاح((، ثمّ انصرف، فناداه، فقال: يا محمّد يا محمّد، فأتاه فقال: ))ما شأنك؟(( قال: إنّي جائع فأطعمني، وظمآن فاسقني، قال: ))هذه حاجتك((، ففدي بالرّجلين" رواه مسلم برقم 1641)).
من كريم صفاته، وجميل خلاله صلى الله عليه وسلم؛ ما زيَّنه به ربه سبحانه من لين ورفق فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَفهو ليِّن في الأقوال والأفعال.
وجد الناس ذلك، وأحسوه، ولمسوه واضحاً جلياً في كل معاملاته وتصرفاته؛ حتى سارت الركبان بأخبار رفقه ولينه صلى الله عليه وسلم، وتناقلوا جميل خصاله حتى قال أعرابي لقومه بعد أن خلى سبيله ومَنَّ عليه: "لقد جئتكم من عند خير الناس".
يدخل معاوية بن الحكم رضي الله عنه الصلاةَ مع النبي صلى الله عليه وسلم؛ فيعطس أحد المصلين، فيقول له معاوية: يرحمك الله، فيرميه الناس بأبصارهم، فيقول: واثكل أمياه ما شأنكم تنظرون إلي؟ فيزداد النكير عليه ليصمت، فيسكت بعد ذلك، ويتم النبي صلى الله عليه وسلم الصلاة، ثم يقول له بكلام لين، ويعلمه برفق منقطع النظير: ((إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس، إنما هو التسبيح والتكبير، وقراءة القرآن))، فينطلق لين تلك الكلمات، ورفق تلك المعاملة؛ إلى سويداء قلب معاوية رضي الله عنه ليفصح عن ذلك في قوله: "بأبي هو وأمي ما رأيت معلماً قبله ولا بعده أحسن تعليماً منه، فو الله ما كهرني، ولا ضربني، ولا شتمني".
رفق بالإنسان والحيوان، والزوجة والصاحب، والصغير والكبير، والقريب والبعيد، والبر والفاجر؛ حتى قال لزوجته وحبيبته عائشة رضي الله عنها عندما أغلظت القول على من دعا عليه من يهود: ((مهلاً يا عائشة، إن الله يحب الرفق في الأمر كله)).
ومن رفقه بأمته، وحرصه على الرفق بهم؛ أمره من يقوم على شؤونهم بالرفق بهم ((من صلى بالناس فليخفف، فإن فيهم المريض، والضعيف، وذا الحاجة))، بل دعا على من لم يرفق بهم فقال: ((اللهم من ولي من أمر أمتي شيئاً فرفق بهم فارفق به، ومن ولي من أمر أمتي شيئاً فشق عليهم فاشقق عليه)).
فيا أتباع ملته: اقتدوا بأخلاقه الكريمة، ومعاملته الحسنة، وألينوا الجانب، وارفقوا بالناس امتثالاً لأمر الله، واقتداء بسنة نبيه.
جُمعت الأخلاق الفاضلة، والشمائل الجميلة، والصفات الحسنة؛ في نبينا الكريم صلى الله عليه وسلم، فكان قمة في الكمال البشري
خُلقتَ مبرأً من كل عيب كأنك قد خلقت كما تشاء
إن جئته من باب الكرم فهو أبوه، وإن أتيته من باب الصبر فهو أستاذه، وإن خبرته من باب الحلم والرفق واللين فهو صاحبه، هو البحر من أي النواحي أتيته
خُلقٌ تعلقت النفوس بحبه فكأنه في كل قلب خيَّما
أفعاله تفصح عن رفقه ولينه، ولسان حال تصرفاته تبادرك ناطقه: هذا هو الدليل على ما نقول فانتبه.
يدخل عليه شاب يستأذنه صلى الله عليه وسلم في الزنا، فيزجره أصحابه رضي الله عنهم، ويهموا به، فيدنيه الرفيق الشفيق بأبي هو وأمي صلى الله عليه وسلم، ويقول له: ((أتحبه لأمك؟))، ((أتحبه لابنتك؟))، ((أتحبه لأختك؟))، ((أتحبه لعمتك؟))، ((أتحبه لخالتك؟)) كل ذلك والشاب يقول: لا والله جعلني الله فداءك، ثم وضع يده الشريفة على صدره وقال: ((اللهم اغفر ذنبه، وطهِّر قلبه، وحصن فرجه)).
كانت الصلاة أحب الأعمال إليه، إذا دخل فيها لم يرد أن ينهيها، لكنه الرحيم الشفيق؛ يترك ما يريد من الإطالة رحمةً وشفقة بالأمهات حين يبكى صغارهن فيقول عن نفسه صلى الله عليه وسلم: ((إني لأقوم إلى الصلاة وأنا أريد أن أطول فيها؛ فأسمع بكاء الصبي فأتجوز في صلاتي كراهية أن أشق على أمه))، فأيُّ رفق كرفقه، وأيُّ عطف ولين كعطفه ولينه صلى الله عليه وسلم؟
لم يحفظ التاريخ لأحد ما حفظه لنبينا صلى الله عليه وسلم من قصص ووقائع تدل على عظيم رفقه، وجليل لينه:
- فهذا الصحابي الجليل الطُّفيل بن عمرو الدَّوسي مع أصحابه يأتونه فيقولون: إن دوساً عصت وأبت فادع الله عليها!! فيقول الرفيق الشفيق صلى الله عليه وسلم: ((اللّهمّ اهد دوساً، وأت بهم)).
-وهذا أنس بن مالك رضي الله عنه خادم النبي صلى الله عليه وسلم يرسله عليه الصلاة والسلام لحاجة، فيخرج أنس فيجد الصبيان يلعبون، فيلعب معهم، ويتأخر عن حاجة الحبيب الشفيق الرفيق صلى الله عليه وسلم؛ ولم يشعر بذلك إلا حين يقبض عليه الصلاة والسلام بقفاه من ورائه، فينظر إليه أنس مذعوراً، فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يضحك ويقول له: ((يا أنيس أذهبت حيث أمرتك)).
-ومن رفقه ولينه صلى الله عليه وسلم أنه لما بال الأعرابي في المسجد، وهمَّ به أصحابه وزجروه، قال لهم: ((دعوه لا تزرموه))، ثم قرَّبه وعلَّمه بأن المساجد لم تبن لهذا، وإنما هي للصلاة وذكر الله تبارك وتعالى، وكان فيما قال لهم بعد أن صبَّ على بوله الماء: ((إنما بعثتم ميسرين، ولم تبعثوا معسرين)).
-وكان من رفقه صلى الله عليه وسلم أنه يمرُّ على الصبيان فيمسح على رؤوسهم، وخدودهم رفقاً ورحمة بهم، وعطفاً عليهم.
وحين أسرت ثقيف رجلين من المسلمين، وأسر الصحابة منهم رجلاً من بني عقيل؛ أتى عليه صلى الله عليه وسلم وهو موثوق: فناداه يا محمد!، فقال: ((ما شأنك؟))، فقال: بم أخذتني؟ فقال له: أخذتك بجريرة حلفائك ثقيف، ثمّ انصرف عنه فناداه فقال: يا محمّد يا محمّد، وكان رسول اللّه رحيماً رقيقاً؛ فرجع إليه فقال: ((ما شأنك؟))، قال: إنّي مسلم قال: ((لو قلتها وأنت تملك أمرك أفلحت كلّ الفلاح)) ثمّ انصرف، فناداه فقال: يا محمّد يا محمّد، فأتاه فقال: ((ما شأنك؟)) قال: إنّي جائع فأطعمني، وظمآن فاسقني، قال: ((هذه حاجتك)) فأطعمه وسقاه صلى الله عليه وسلم
فيا أتباع ملته: عليكم بالاقتداء به فهو الأسوة والقدوة، فإن الفلاح مرهون بذلك.