عضو جديد | تسجيل دخول |
-
- صبره صلى الله عليه وسلم
- صدقه صلى الله عليه وسلم
- رحمته صلى الله عليه وسلم
- رفقه ولينة صلى الله عليه وسلم
- كرمه صلى الله عليه وسلم
- حياؤه صلى الله عليه وسلم
- تواضعه صلى الله عليه وسلم
- زهده صلى الله عليه وسلم
- أمانته صلى الله عليه وسلم
- إخلاصه صلى الله عليه وسلم
- وفاؤه صلى الله عليه وسلم
- حلمه صلى الله عليه وسلم
- ذكاؤه صلى الله عليه وسلم
- شجاعته صلى الله عليه وسلم
- رفقه صلى الله عليه وسلم بالحيوان
-
- نسبه صلى الله عليه وسلم
- خِلقته صلى الله عليه وسلم
- زوجاته صلى الله عليه وسلم
- أولاده صلى الله عليه وسلم
- خدمه صلى الله عليه وسلم
- غزواته صلى الله عليه وسلم
- كُتَّابه صلى الله عليه وسلم
- مُؤذِّنوه صلى الله عليه وسلم
- حُرَّاسه صلى الله عليه وسلم
- شعراؤه صلى الله عليه وسلم
- بيته صلى الله عليه وسلم
- دوابه صلى الله عليه وسلم
- سيوفه صلى الله عليه وسلم
- لباسه صلى الله عليه وسلم
6138
1- قال سبحانه: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِّلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ) (سبأ:28).
2- وقال سبحانه: (قُمْ فَأَنذِرْ) (المدثر:2).
3- وقال سبحانه: (فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ إِن لَّمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا) (الكهف:6).
4- وقال سبحانه: (إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاء وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ) (القص:56).
5- وعَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ رضي الله عنه قَالَ: جَاءَتْ خَيْلُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَوْ قَالَ رُسُلُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا بِعَقْرَبٍ، فَأَخَذُوا عَمَّتِي وَنَاسًا، قَالَ: فَلَمَّا أَتَوْا بِهِمْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: فَصَفُّوا لَهُ، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، نَأَى الْوَافِدُ وَانْقَطَعَ الْوَلَدُ، وَأَنَا عَجُوزٌ كَبِيرَةٌ مَا بِي مِنْ خِدْمَةٍ، فَمُنَّ عَلَيَّ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْكَ، قَالَ: ((مَنْ وَافِدُكِ؟)) قَالَتْ: عَدِيُّ بْنُ حَاتِمٍ، قَالَ: ((الَّذِي فَرَّ مِنْ اللَّهِ وَرَسُولِهِ))، قَالَتْ: فَمَنَّ عَلَيَّ، قَالَتْ: فَلَمَّا رَجَعَ وَرَجُلٌ إِلَى جَنْبِهِ نَرَى أَنَّهُ عَلِىٌّ، قَالَ: سَلِيهِ حِمْلَانًا، قَالَ: فَسَأَلَتْهُ فَأَمَرَ لَهَا، قَالَتْ: فَأَتَتْنِي فَقَالَتْ: لَقَدْ فَعَلْتَ فَعْلَةً مَا كَانَ أَبُوكَ يَفْعَلُهَا، قَالَتْ: ائْتِهِ رَاغِبًا أَوْ رَاهِبًا، فَقَدْ أَتَاهُ فُلَانٌ فَأَصَابَ مِنْهُ، وَأَتَاهُ فُلَانٌ فَأَصَابَ مِنْهُ، قَالَ: فَأَتَيْتُهُ فَإِذَا عِنْدَهُ امْرَأَةٌ وَصِبْيَانٌ أَوْ صَبِيٌّ فَذَكَرَ قُرْبَهُمْ مِنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَعَرَفْتُ أَنَّهُ لَيْسَ مُلْكُ كِسْرَى وَلَا قَيْصَرَ، فَقَالَ لَهُ: ((يَا عَدِيُّ بْنَ حَاتِمٍ، مَا أَفَرَّكَ أَنْ يُقَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، فَهَلْ مِنْ إِلَهٍ إِلَّا اللَّهُ؟ مَا أَفَرَّكَ أَنْ يُقَالَ اللَّهُ أَكْبَرُ فَهَلْ شَيْءٌ هُوَ أَكْبَرُ مِنْ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ؟)) قَالَ: فَأَسْلَمْتُ، فَرَأَيْتُ وَجْهَهُ اسْتَبْشَرَ، وَقَالَ: ((إِنَّ الْمَغْضُوبَ عَلَيْهِمْ الْيَهُودُ وَالضَّالِّينَ النَّصَارَى))، ثُمَّ سَأَلُوهُ فَحَمِدَ اللَّهَ تَعَالَى وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ: ((أَمَّا بَعْدُ: فَلَكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ أَنْ تَرْضَخُوا –الرضخ: العطية القليلة- مِنْ الْفَضْلِ، ارْتَضَخَ امْرُؤٌ بِصَاعٍ- مكيال أهل المدينة تكال به الحبوب ويسع أربعة أمد-، بِبَعْضِ صَاعٍ، بِقَبْضَةٍ –القبضة: ملء الكف-، بِبَعْضِ قَبْضَةٍ))، قَالَ شُعْبَةُ: وَأَكْثَرُ عِلْمِي أَنَّهُ قَالَ: ((بِتَمْرَةٍ، بِشِقِّ تَمْرَةٍ، إِنَّ أَحَدَكُمْ لَاقِي اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ فَقَائِلٌ مَا أَقُولُ أَلَمْ أَجْعَلْكَ سَمِيعًا بَصِيرًا؟ أَلَمْ أَجْعَلْ لَكَ مَالًا وَوَلَدًا فَمَاذَا قَدَّمْتَ؟ فَيَنْظُرُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ وَعَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ شِمَالِهِ فَلَا يَجِدُ شَيْئًا فَمَا يَتَّقِي النَّارَ إِلَّا بِوَجْهِهِ، فَاتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ، فَإِنْ لَمْ تَجِدُوهُ فَبِكَلِمَةٍ لَيِّنَةٍ، إِنِّي لَا أَخْشَى عَلَيْكُمْ الْفَاقَةَ، لَيَنْصُرَنَّكُمْ اللَّهُ تَعَالَى، وَلَيُعْطِيَنَّكُمْ، أَوْ لَيَفْتَحَنَّ لَكُمْ، حَتَّى تَسِيرَ الظَّعِينَةُ - الظعن: الركوب للسفر، والظعينة المرأة في السفر- بَيْنَ الْحِيرَةِ ويَثْرِبَ أَوْ أَكْثَرَ مَا تَخَافُ السَّرَقَ عَلَى ظَعِينَتِهَا)) رواه أحمد برقم (18572)، قال شعيب الأرنؤوط: بعضه صحيح وفي هذا الإسناد عباد بن حبيش لم يرو عنه غير سماك بن حرب ولم يوثقه غير ابن حبان.
6- وعن أبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: بَعَثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيْلًا قِبَلَ نَجْدٍ، فَجَاءَتْ بِرَجُلٍ مِنْ بَنِي حَنِيفَةَ يُقَالُ لَهُ ثُمَامَةُ بْنُ أُثَالٍ، فَرَبَطُوهُ بِسَارِيَةٍ مِنْ سَوَارِي الْمَسْجِدِ، فَخَرَجَ إِلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: ((مَا عِنْدَكَ يَا ثُمَامَةُ؟))، فَقَالَ: عِنْدِي خَيْرٌ يَا مُحَمَّدُ، إِنْ تَقْتُلْنِي تَقْتُلْ ذَا دَمٍ، وَإِنْ تُنْعِمْ تُنْعِمْ عَلَى شَاكِرٍ، وَإِنْ كُنْتَ تُرِيدُ الْمَالَ فَسَلْ مِنْهُ مَا شِئْتَ، فَتُرِكَ حَتَّى كَانَ الْغَدُ، ثُمَّ قَالَ لَهُ: ((مَا عِنْدَكَ يَا ثُمَامَةُ؟))، قَالَ: مَا قُلْتُ لَكَ إِنْ تُنْعِمْ تُنْعِمْ عَلَى شَاكِرٍ، فَتَرَكَهُ حَتَّى كَانَ بَعْدَ الْغَدِ، فَقَالَ: ((مَا عِنْدَكَ يَا ثُمَامَةُ؟)) فَقَالَ: عِنْدِي مَا قُلْتُ لَكَ، فَقَالَ: ((أَطْلِقُوا ثُمَامَةَ))، فَانْطَلَقَ إِلَى نَجْلٍ –موضع قرب المسجد فيه ماء قليل- قَرِيبٍ مِنْ الْمَسْجِدِ فَاغْتَسَلَ ثُمَّ دَخَلَ الْمَسْجِدَ، فَقَالَ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، يَا مُحَمَّدُ، وَاللَّهِ مَا كَانَ عَلَى الْأَرْضِ وَجْهٌ أَبْغَضَ إِلَيَّ مِنْ وَجْهِكَ، فَقَدْ أَصْبَحَ وَجْهُكَ أَحَبَّ الْوُجُوهِ إِلَيَّ، وَاللَّهِ مَا كَانَ مِنْ دِينٍ أَبْغَضَ إِلَيَّ مِنْ دِينِكَ، فَأَصْبَحَ دِينُكَ أَحَبَّ الدِّينِ إِلَيَّ، وَاللَّهِ مَا كَانَ مِنْ بَلَدٍ أَبْغَضُ إِلَيَّ مِنْ بَلَدِكَ فَأَصْبَحَ بَلَدُكَ أَحَبَّ الْبِلَادِ إِلَيَّ، وَإِنَّ خَيْلَكَ أَخَذَتْنِي وَأَنَا أُرِيدُ الْعُمْرَةَ فَمَاذَا تَرَى؟ فَبَشَّرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَمَرَهُ أَنْ يَعْتَمِرَ، فَلَمَّا قَدِمَ مَكَّةَ قَالَ لَهُ قَائِلٌ: صَبَوْتَ، قَالَ: لَا، وَلَكِنْ أَسْلَمْتُ مَعَ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَا وَاللَّهِ لَا يَأْتِيكُمْ مِنْ الْيَمَامَةِ حَبَّةُ حِنْطَةٍ حَتَّى يَأْذَنَ فِيهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ" رواه البخاري برقم (4024)، ومسلم برقم (3310).
7- وعن عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ عَنْ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ وَمَرْوَانَ يُصَدِّقُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا حَدِيثَ صَاحِبِهِ قَالَا: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم زمن الحديبية ... الحديث، وفيه: "فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي كِنَانَةَ: دَعُونِي آتِيهِ!! فَقَالُوا: ائْتِهِ، فَلَمَّا أَشْرَفَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابِهِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((هَذَا فُلَانٌ وَهُوَ مِنْ قَوْمٍ يُعَظِّمُونَ الْبُدْنَ فَابْعَثُوهَا لَهُ)) فَبُعِثَتْ لَهُ، وَاسْتَقْبَلَهُ النَّاسُ يُلَبُّونَ، فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ قَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ! مَا يَنْبَغِي لِهَؤُلَاءِ أَنْ يُصَدُّوا عَنْ الْبَيْتِ، فَلَمَّا رَجَعَ إِلَى أَصْحَابِهِ قَالَ: رَأَيْتُ الْبُدْنَ قَدْ قُلِّدَتْ وَأُشْعِرَتْ، فَمَا أَرَى أَنْ يُصَدُّوا عَنْ الْبَيْتِ. رواه البخاري برقم (2592).
8- وعن سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِيهِ رضي الله عنهما قال: لَمَّا حَضَرَتْ أَبَا طَالِبٍ الْوَفَاةُ جَاءَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَوَجَدَ عِنْدَهُ أَبَا جَهْلِ بْنَ هِشَامٍ وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي أُمَيَّةَ بْنِ الْمُغِيرَةِ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَبِي طَالِبٍ: ((يَا عَمِّ، قُلْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ كَلِمَةً أَشْهَدُ لَكَ بِهَا عِنْدَ اللَّهِ))، فَقَالَ أَبُو جَهْلٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي أُمَيَّةَ: يَا أَبَا طَالِبٍ، أَتَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، فَلَمْ يَزَلْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعْرِضُهَا عَلَيْهِ وَيَعُودَانِ بِتِلْكَ الْمَقَالَةِ، حَتَّى قَالَ أَبُو طَالِبٍ -آخِرَ مَا كَلَّمَهُمْ-: هُوَ عَلَى مِلَّةِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، وَأَبَى أَنْ يَقُولَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((أَمَا وَاللَّهِ لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ مَا لَمْ أُنْهَ عَنْكَ))، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى فِيهِ: مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُواْ أَن يَسْتَغْفِرُواْ لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُواْ أُوْلِي قُرْبَى مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ(التوبة: 113). رواه البخاري برقم (1272) ومسلم برقم (35).
9- وعَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ((اللَّهُمَّ أَعِزَّ الْإِسْلَامَ بِأَحَبِّ هَذَيْنِ الرَّجُلَيْنِ إِلَيْكَ بِأَبِي جَهْلٍ أَوْ بِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ)) قَالَ: وَكَانَ أَحَبَّهُمَا إِلَيْهِ عُمَرُ" رواه الترمذي برقم (3614)، وصححه الألباني.
10- وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن عمر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما قَالَ: "قَرَأَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النَّجْمَ بِمَكَّةَ فَسَجَدَ فِيهَا، وَسَجَدَ مَنْ مَعَهُ غَيْرَ شَيْخٍ أَخَذَ كَفًّا مِنْ حَصًى أَوْ تُرَابٍ فَرَفَعَهُ إِلَى جَبْهَتِهِ وَقَالَ: يَكْفِينِي هَذَا، فَرَأَيْتُهُ بَعْدَ ذَلِكَ قُتِلَ كَافِرًا" رواه البخاري برقم (1005)، ومسلم برقم (902).
11- وعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ رضي الله عنهما قَالَ: اجْتَمَعَتْ قُرَيْشٌ يَوْمًا، فَقَالُوا: انْظُرُوا أَعْلَمَكُمْ بِالسِّحْرِ وَالْكَهَانَةِ وَالشِّعْرِ فَلْيَأْتِ هَذَا الرَّجُلَ الَّذِي قَدْ فَرَّقَ جَمَاعَتَنَا، وَشَتَّتَ أَمْرَنَا، وَعَابَ دِينَنَا، فَلْيُكَلِّمْهُ، وَلْيَنْظُرْ مَاذَا يَرُدُّ عَلَيْهِ، فَقَالُوا: مَا نَعْلَمُ أَحَدًا غَيْرَ عُتْبَةَ بْنَ رَبِيعَةَ، فَقَالُوا: أَنْتَ يَا أَبَا الْوَلِيدِ، فَأَتَاهُ عُتْبَةُ، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، أَنْتَ خَيْرٌ أَمْ عَبْدُ اللهِ؟، فَسَكَتَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ قَالَ: أَنْتَ خَيْرٌ أَمْ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ؟ فَسَكَتَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: فَإِنْ كُنْتَ تَزْعُمُ أَنَّ هَؤُلاَءِ خَيْرٌ مِنْكَ، فَقَدْ عَبَدُوا الآلِهَةَ الَّتِي عِبْتَ، وَإِنْ كُنْتَ تَزْعُمُ أَنَّكَ خَيْرٌ مِنْهُمْ فَتَكَلَّمْ حَتَّى نَسْمَعَ قَوْلَكَ، إِنَّا وَاللهِ مَا رَأَيْنَا سَخْلَةً قَطُّ أَشْأَمَ عَلَى قَوْمِهِ مِنْكَ، فَرَّقْتَ جَمَاعَتَنَا، وَشَتَّتَّ أَمْرَنَا، وَعِبْتَ دِينَنَا، وَفَضَحْتَنَا فِي الْعَرَبِ، حَتَّى لَقَدْ طَارَ فِيهِمْ أَنَّ فِي قُرَيْشٍ سَاحِرًا، وَأَنَّ فِي قُرَيْشٍ كَاهِنًا، وَاللهِ مَا نَنْتَظِرُ إِلاَّ مِثْلَ صَيْحَةِ الْحُبْلَى أَنْ يَقُومَ بَعْضُنَا إِلَى بَعْضٍ بِالسُّيُوفِ حَتَّى نَتَفَانَى، أَيُّهَا الرَّجُلُ، إِنْ كَانَ إِنَّمَا بِكَ الْحَاجَةُ، جَمَعْنَا لَكَ حَتَّى تَكُونَ أَغْنَى قُرَيْشٍ رَجُلاً وَاحِدًا، وَإِنْ كَانَ إِنَّمَا بِكَ الْبَاءَةُ، فَاخْتَرْ أَيَّ نِسَاءَ قُرَيْشٍ شِئْتَ فَلْنُزَوِّجَكَ عَشْرًا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ((فَرَغْتَ؟))، قَالَ: نَعَمْ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * حم * تَنزِيلٌ مِّنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ... (فصلت: 1-2) حَتَّى بَلَغَ: فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِّثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ(فصلت:13)، فَقَالَ عُتْبَةُ: حَسْبُكَ، حَسْبُكَ، مَا عِنْدَكَ غَيْرُ هَذَا؟ قَالَ: لاَ، فَرَجَعَ إِلَى قُرَيْشٍ، فَقَالُوا: مَا وَرَاءَكَ؟ فَقَالَ: مَا تَرَكْتُ شَيْئًا أَرَى أَنْ تُكَلِّمُونَهُ إِلاَّ قَدْ كَلَّمْتُهُ، قَالُوا: فَهَلْ أَجَابَكَ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: لاَ، وَالَّذِي نَصَبَهَا بَنِيَّةً مَا فَهِمْتُ شَيْئًا مِمَّا قَالَ، غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ: أَنذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِّثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ قَالُوا: وَيْلَكَ، يُكَلِّمُكَ الرَّجُلُ بالْعَرَبِيَّةِ لاَ تَدْرِي مَا قَالَ؟، قَالَ: لاَ وَاللهِ مَا فَهِمْتُ شَيْئًا مِمَّا قَالَ، غَيْرَ ذِكْرِ الصَّاعِقَةِ. رواه ابن أبي شيبة في مصنفه برقم (36560)، وقال صاحب مجمع الزوائد: فيه الأجلح الكندي وثقه ابن معين وغيره، وضعفه النسائي وغيره، وبقية رجاله ثقات (5/435).
12- وعن عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما، أَنَّ أَبَا سُفْيَانَ بْنَ حَرْبٍ أَخْبَرَهُ أَنَّ هِرَقْلَ أَرْسَلَ إِلَيْهِ فِي رَكْبٍ مِنْ قُرَيْشٍ وَكَانُوا تِجَارًا بِالشَّأْمِ فِي الْمُدَّةِ الَّتِي كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَادَّ فِيهَا أَبَا سُفْيَانَ وَكُفَّارَ قُرَيْشٍ فَأَتَوْهُ وَهُمْ بِإِيلِيَاءَ فَدَعَاهُمْ فِي مَجْلِسِهِ وَحَوْلَهُ عُظَمَاءُ الرُّومِ ثُمَّ دَعَاهُمْ وَدَعَا بِتَرْجُمَانِهِ.. وفيه "ثُمَّ دَعَا بِكِتَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِي بَعَثَ بِهِ دِحْيَةُ إِلَى عَظِيمِ بُصْرَى، فَدَفَعَهُ إِلَى هِرَقْلَ فَقَرَأَهُ، فَإِذَا فِيهِ: ((بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، مِنْ مُحَمَّدٍ عَبْدِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى هِرَقْلَ عَظِيمِ الرُّومِ، سَلَامٌ عَلَى مَنْ اتَّبَعَ الْهُدَى، أَمَّا بَعْدُ: فَإِنِّي أَدْعُوكَ بِدِعَايَةِ الْإِسْلَامِ أَسْلِمْ تَسْلَمْ يُؤْتِكَ اللَّهُ أَجْرَكَ مَرَّتَيْنِ، فَإِنْ تَوَلَّيْتَ فَإِنَّ عَلَيْكَ إِثْمَ الْأَرِيسِيِّينَ، ويَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْاْ إِلَى كَلَمَةٍ سَوَاء بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللّهَ وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللّهِ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقُولُواْ اشْهَدُواْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ(آل عمران :64) قَالَ أَبُو سُفْيَانَ: فَلَمَّا قَالَ مَا قَالَ، وَفَرَغَ مِنْ قِرَاءَةِ الْكِتَابِ كَثُرَ عِنْدَهُ الصَّخَبُ وَارْتَفَعَتْ الْأَصْوَاتُ، وَأُخْرِجْنَا" رواه البخاري برقم (6)، ومسلم برقم (3322).
13- وعن عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ بِكِتَابِهِ رَجُلًا وَأَمَرَهُ أَنْ يَدْفَعَهُ إِلَى عَظِيمِ الْبَحْرَيْنِ، فَدَفَعَهُ عَظِيمُ الْبَحْرَيْنِ إِلَى كِسْرَى، فَلَمَّا قَرَأَهُ مَزَّقَهُ فَحَسِبْتُ أَنَّ ابْنَ الْمُسَيَّبِ قَالَ: فَدَعَا عَلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُمَزَّقُوا كُلَّ مُمَزَّقٍ. رواه البخاري برقم (62). "وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد بعث الكتاب مع عبد الله بن حذافة السهمي فيه: "بسم الله الرحمن الرحيم من محمد رسول الله إلى كسرى عظيم فارس، سلام على من اتبع الهدى، وآمن بالله ورسوله، وشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله إلى الناس كافة؛ لينذر من كان حياً، أسلم تسلم، فإن أبيت فعليك إثم المجوس" تاريخ الأمم والملوك للطبري (2/132)، وحسن الألباني في فقه السيرة هذه الرواية (356).
14- وعن محمد بن إسحاق قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عمرو بن أمية الضمري إلى النجاشي في شأن جعفر بن أبي طالب وأصحابه، وكتب معه كتاباً ((بسم الله الرحمن الرحيم، من محمد رسول الله إلى النجاشي الأصحم ملك الحبشة سلام عليك، فإني أحمد إليك الله الملك القدوس المؤمن المهيمن، وأشهد أن عيسى بن مريم روح الله وكلمته، ألقاها إلى مريم البتول الطيبة الحصينة، فحملت بعيسى فخلقه من روحه ونفخه، كما خلق آدم بيده ونفخه، وإني أدعوك إلى الله وحده لا شريك له والموالاة على طاعته، وأن تتبعني وتؤمن بي وبالذي جاءني؛ فإني رسول الله، وقد بعثت إليكم ابن عمي جعفراً ومعه نفر من المسلمين، فإذا جاءوك فاقرهم ودع التجبر؛ فإني أدعوك وجنودك إلى الله، وقد بلغت ونصحت فاقبلوا نصيحتي، والسلام على من أتبع الهدى)). دلائل النبوة للبيهقي (2/309).
15- وعن معاذ بن محمد الأنصاري عن جعفر بن عمرو بن جعفر بن عمرو بن أمية الضمري عن أهله عن عمرو بن أمية الضمري، -دخل حديث بعضهم في حديث بعض-، قالوا: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما رجع من الحديبية في ذي الحجة سنة ست أرسل الرسل إلى الملوك يدعوهم إلى الإسلام وكتب إليهم كتباً، فقيل: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم، إن الملوك لا يقرؤون كتاباً إلا مختوماً، فاتخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ خاتماً من فضة، فصه منه، نقشه ثلاثة أسطر: محمد رسول الله، وختم به الكتب، فخرج ستة نفر منهم في يوم واحد، وذلك في المحرم سنة سبع، وأصبح كل رجل منهم يتكلم بلسان القوم الذين بعثه إليهم...، وفيه قالوا: وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم حاطب بن أبي بلتعة اللخمي -وهو أحد الستة- إلى المقوقس صاحب الإسكندرية عظيم القبط يدعوه إلى الإسلام وكتب معه كتاباً، فأوصل إليه كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقرأه وقال له خيراً، وأخذ الكتاب فجعله في حق من عاج وختم عليه ودفعه إلى جاريته، وكتب إلى النبي صلى الله عليه وسلم: قد علمت أن نبياً قد بقي وكنت أظن أنه يخرج بالشام، وقد أكرمت رسولك، وبعثت إليك بجاريتين لهما مكان في القبط عظيم، وقد أهديت لك كسوة وبغلة تركبها، ولم يزد على هذا ولم يسلم، فقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم هديته، وأخذ الجاريتين مارية أم إبراهيم ابن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأختها سيرين، وبغلة بيضاء لم يكن في العرب يومئذ غيرها وهي دلدل، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ضن الخبيث بملكه)) طبقات ابن سعد (1/258).
16- وقَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: َقَدِمَ عَلَى رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَفْدُ طَيّئٍ فِيهِمْ زَيْدُ الْخَيْلِ، وَهُوَ سَيّدُهُمْ فَلَمّا انْتَهَوْا إلَيْهِ كَلّمُوهُ وَعَرَضَ عَلَيْهِمْ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ الْإِسْلَامَ فَأَسْلَمُوا، فَحَسُنَ إسْلَامُهُمْ" سيرة ابن هشام (2/577).
17- وعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: أُنْزِلَ عَبَسَ وَتَوَلَّى (عبس:1) فِي ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ الْأَعْمَى، أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجَعَلَ يَقُولُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرْشِدْنِي، وَعِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلٌ مِنْ عُظَمَاءِ الْمُشْرِكِينَ، فَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعْرِضُ عَنْهُ، وَيُقْبِلُ عَلَى الْآخَرِ، وَيَقُولُ: ((أَتَرَى بِمَا أَقُولُ بَأْسًا))، فَيَقُولُ: "لَا" فَفِي هَذَا أُنْزِلَ. رواه الترمذي برقم (3254)، قال الألباني: صحيح الإسناد.
18- وعن عائشة رضي الله عنها قالت: أنزل عَبَسَ وَتَوَلَّى(عبس:1) في ابن أم مكتوم الأعمى، أتى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فجعل يقول: يا رسول الله أرشدني، وعند رسول الله صلى الله عليه وسلم من عظماء المشركين، فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يعرض عنه ويقبل على الآخرين فيقول: ((أترون بما أقول بأسا؟))، فيقولون: كلا ففي هذا أنزلت عَبَسَ وَتَوَلَّى(عبس:1)" مسند أبي يعلى برقم (4848)، قال حسين سليم أسد: إسناده صحيح.
19- وعَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّهَا قَالَتْ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: هَلْ أَتَى عَلَيْكَ يَوْمٌ كَانَ أَشَدَّ مِنْ يَوْمِ أُحُدٍ؟ قَالَ: ((لَقَدْ لَقِيتُ مِنْ قَوْمِكِ مَا لَقِيتُ، وَكَانَ أَشَدَّ مَا لَقِيتُ مِنْهُمْ يَوْمَ الْعَقَبَةِ؛ إِذْ عَرَضْتُ نَفْسِي عَلَى ابْنِ عَبْدِ يَالِيلَ بْنِ عَبْدِ كُلَالٍ فَلَمْ يُجِبْنِي إِلَى مَا أَرَدْتُ، فَانْطَلَقْتُ وَأَنَا مَهْمُومٌ عَلَى وَجْهِي فَلَمْ أَسْتَفِقْ إِلَّا وَأَنَا بِقَرْنِ الثَّعَالِبِ، فَرَفَعْتُ رَأْسِي، فَإِذَا أَنَا بِسَحَابَةٍ قَدْ أَظَلَّتْنِي، فَنَظَرْتُ فَإِذَا فِيهَا جِبْرِيلُ فَنَادَانِي، فَقَالَ: "إِنَّ اللَّهَ قَدْ سَمِعَ قَوْلَ قَوْمِكَ لَكَ وَمَا رَدُّوا عَلَيْكَ، وَقَدْ بَعَثَ إِلَيْكَ مَلَكَ الْجِبَالِ لِتَأْمُرَهُ بِمَا شِئْتَ فِيهِمْ" فَنَادَانِي مَلَكُ الْجِبَالِ فَسَلَّمَ عَلَيَّ ثُمَّ قَالَ: "يَا مُحَمَّدُ، فَقَالَ: "ذَلِكَ فِيمَا شِئْتَ إِنْ شِئْتَ أَنْ أُطْبِقَ عَلَيْهِمْ الْأَخْشَبَيْنِ"، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((بَلْ أَرْجُو أَنْ يُخْرِجَ اللَّهُ مِنْ أَصْلَابِهِمْ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ وَحْدَهُ لَا يُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا)) رواه البخاري برقم (2992)، ومسلم برقم (3352).
رسالة الرسول صلى الله عليه وسلم هي للناس كافة وللأمم جمعاء أصفرها وأحمرها، أبيضها وأسودها، عربها وعجمها، صغيرها وكبيرها، وضيعها ورفيعها مصداق ذلك قوله سبحانه: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِّلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا) (سبأ:28)، ولذلك عرض صلى الله عليه وسلم دعوته على شتى الأمم ومختلف الأجناس، وخص في دعوته ملوك أهل الأرض الذين يرجى بإسلامهم أن ينفجر ينبوع الحق في قلوب أتباعهم ومن ولوا أمرهم، وقد حرص في ذلك أشد الحرص وسلك في كتبه إليهم مسلك ((أنزلوا القوم منازلهم))، فجاءت مخاطبته إياهم بعبارات تشعرهم بمكانتهم، ولا تنقصهم من قدرهم، فصدر الكتب بقوله: ((إلى عظيم ...)).
ولقد تركت تلك الرسائل في نفوسهم أثراً بالغاً وصداً مدوياً حدت ببعضهم إلى الإذعان لرسالة الإسلام وإعلان شهادة الحق، وتبعهم على ذلك خلق كثير من أقوامهم.
ومما زاد هذا الأثر في نفوسهم أن النبي صلى الله عليه وسلم كان في تعامله مع من أسلم من الملوك يقره على ملكه، ولا يخلع عن رقبته أبهة الزعامة، مما كان له منتهى الرضى في أعماق هؤلاء الملوك؛ لأنهم رأوا أن هذا الأمر لا يسلبهم ملكهم، ولا يأمرهم بما يضرهم، فكان هذا التعامل منه صلى الله عليه وسلم مساعداً على حوز رضاهم وتطيب نفوسهم، وذلك يتضح من خلال ردهم على الكتب التي أرسل بها النبي صلى الله عليه وسلم.
وكان النبي صلى الله عليه وسلم يحرص في مراسلاته أن يصطفي لحملها من رجاله الفطناء الأذكياء الذين يستطيعون التخاطب مع هذا الصنف بلطف عبارة، وحسن لباقة حتى يؤثروا فيهم، وما قول المقوقس لحاطب: "أحسنت حكيم جاء من عند حكيم" إلا شاهد على عبقرية النبي صلى الله عليه وسلم وحكمة تدبيره في اختياره المبلغين عنه دين الله عز وجل.
الناس تبع لزعمائهم وعظمائهم ولذلك لما صدع رسول الله صلى الله عليه وسلم بكلمة الحق، وأمره الله أن يبلغ رسالته للأمة كما قال سبحانه له: (قُمْ فَأَنذِرْ)، جعل المصطفى صلى الله عليه وسلم فئة الزعماء والكبراء والملوك من الناس نصب عينيه، ووجه إليهم نور دعوته، وقبس رسالته؛ فإنه كان يتطلع إلى إسلام قومهم من بعدهم إن هم دخلوا في الإسلام ودانوا برسالة الحق، وهذا معلوم من وقائع كثيرة في دعوته، ولذلك استفرغ وسعه ومنتهى طاقته صلى الله عليه وسلم في سبيل أن يذعن صناديد قريش وعتاولة الكفر للدعوة السماوية قبل غيرهم؛ كأمثال أبي جهل وعتبة بن ربيعة والوليد بن المغيرة،
وكان ينوع في ذلك الأساليب الممكنة لهدايتهم: فربما أسمعهم آيات الله التي تصدع لها الجبال وتهتز لسماعها قلوب الرجال؛ كما حدَّث عبد الله بن عمر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ النجم بمكة فسجد فيها، وسجد القوم معه غير شيخ أخذ كفاً من حصى أو تراب فرفعه إلى جبهته، وقال: يكفيني هذا.
وربما رفع الدعوات الضارعة إلى من بيده القلوب يدعوه ويرجوه أن يكتب هدايتهم، كما كان يدعو أن يعز الله الإسلام بأحب هذين الرجلين إليه: بأبي جهل أو بعمر بن الخطاب، وكل منهما كان صاحب وجاهة في قريش، فكان أحبهما إليه عمر.
وكان ممن حرص على أن تصل رسالة الإسلام سويداء قلوبهم عمه أبو طالب الذي كان يحتل مكانة عظيمة في قريش ومنعة بينهم، وجاهد في سبيل هدايته غاية الجهاد، ولم يَدَعْه صلى الله عليه وسلم حتى وهو على شفير الموت فقد دخل عليه وعنده أبو جهل وابن أبي أمية فقال له: ((يا عم، قل: لا إله إلا الله كلمة أشهد لك بها عند الله))، ولكن رفقاء السوء حالوا بينه وبين لا إله إلا الله فلم يقلها، ليبقى العزاء إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاء.
ولا يخفى عليكم ما أمتاز به نبيكم صلى الله عليه وسلم من سمو الأخلاق وكريم الخصال في تعاملاته وأخذه وعطائه، هذه الأخلاق كانت دافعاً لبعض هولاء الزعماء للالتحاق بركب الهداية الميمون كما حدث مع ثمامة بن أثال سيد أهل اليمامة، وكذا عدي بن حاتم الذي ملّكته طئ عليها بعد موت أبيه، فقد دان برسالة الحق بعدما رأى نبل التعامل وخلق صاحب الدعوة، فصلى الله على ذلك الوجه ما أحلاه وما أبهاه، وعند ربه ما أرفعه وما أغلاه.
يا سادة: نبيكم صلى الله عليه وسلم ينبوع رحمة ومحل شفقة، تخرج هذه الشفقة مع أنفاسه، وتسير مع حيث سار، وتنطلق معه حيث انطلق، ولو شاء الله لتلك الشفقة أن تخرج من بين أضلاعه؛ لتدفقت كأنما هي الغيث المنهمر، ولعلك تعجب حينما تعرف أن شفقته نالت أولئك الذين تنكبوا طريق الهدى وردوا رسالة الإسلام، وكان على رأس أولئك القوم زعماء القبائل وكبراء العشائر وعظماء الملوك الذين تحملهم أنفة الزعامة وحساسية مواقعهم على ألا يتخلوا عما وجدوا عليه آباءهم، وفي ذات الوقت يكونون حائلاً دون إسلام قومهم، ولذلك اجتهد صلى الله عليه وسلم في سبيل هدايتهم وعرض رسالة الإسلام عليهم، طمعاً أن يشرفهم الله برسالة الإسلام.
ومن حرصه على هدايتهم أنه اجتمع ذات مرة بأشرافٍ من قريش فجعل يعرض عليهم الإسلام ويتلطف لهم في العبارة، فجاء ابن أم مكتوم فطلب من النبي صلى الله عليه وسلم أن يعلمه، فأعرض عنه وانشغل بأولئك القوم فعاتبه الله بقوله: عَبَسَ وَتَوَلَّى* أَن جَاءهُ الْأَعْمَى* وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى.
ومن حرصه أنه كان يعرض نفسه على القبائل يدعوهم إلى الإسلام ويحثهم على الدخول فيه، حتى أنه ذات مرة من تكذيب قومه لدعوته انطلق مهموماً مغموماً، فلم يشعر إلا وهو بقرن الثعالب وإذا جبريل على رأسه كأنه سحابة يقول له: "لقد سمع ربك قول قومك وما ردوه عليك، وقد بعث إليك ملك الجبال لتأمره بما شئت فيهم"، لكن الرحيم بأمته رفض ذلك، وقال: ((بل أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله لا يشرك به شيئاً)). ودواليك دواليك.
سبحان الله: ألا تعجبون من تنكرهم لصاحب الرسالة يريد أن يأخذ بحجزهم عن النار وهم يأبون عليه إلا تقحماً فيها، يريد أن يسلك بهم سبل النجاة ودرب الجنان، وهم لا يزدادون إلا فراراً منها. فيا لله ما أشد رحمته بهم وما أشد اختلافهم عليه.