عضو جديد | تسجيل دخول |
-
- صبره صلى الله عليه وسلم
- صدقه صلى الله عليه وسلم
- رحمته صلى الله عليه وسلم
- رفقه ولينة صلى الله عليه وسلم
- كرمه صلى الله عليه وسلم
- حياؤه صلى الله عليه وسلم
- تواضعه صلى الله عليه وسلم
- زهده صلى الله عليه وسلم
- أمانته صلى الله عليه وسلم
- إخلاصه صلى الله عليه وسلم
- وفاؤه صلى الله عليه وسلم
- حلمه صلى الله عليه وسلم
- ذكاؤه صلى الله عليه وسلم
- شجاعته صلى الله عليه وسلم
- رفقه صلى الله عليه وسلم بالحيوان
-
- نسبه صلى الله عليه وسلم
- خِلقته صلى الله عليه وسلم
- زوجاته صلى الله عليه وسلم
- أولاده صلى الله عليه وسلم
- خدمه صلى الله عليه وسلم
- غزواته صلى الله عليه وسلم
- كُتَّابه صلى الله عليه وسلم
- مُؤذِّنوه صلى الله عليه وسلم
- حُرَّاسه صلى الله عليه وسلم
- شعراؤه صلى الله عليه وسلم
- بيته صلى الله عليه وسلم
- دوابه صلى الله عليه وسلم
- سيوفه صلى الله عليه وسلم
- لباسه صلى الله عليه وسلم
7870
1. (فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانتَشِرُوا وَلا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنكُمْ وَاللَّهُ لا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ)، سورة الأحزاب (53).
2. عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن لكل دين خلقاً وخلقُ الإسلام الحياء)) ابن ماجة (4181)، وحسنه الألباني في صحيح سنن ابن ماجة (9 / 182).
3. وعن أبي مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (( إِنَّ مِمَّا أَدْرَكَ النَّاسُ مِنْ كَلَامِ النُّبُوَّةِ الْأُولَى إِذَا لَمْ تَسْتَحْيِ فَاصْنَعْ مَا شِئْتَ)) البخاري (6120).
4. وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ((الْإِيمَانُ بِضْعٌ وَسِتُّونَ شُعْبَةً، وَالْحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنْ الْإِيمَانِ)) البخاري (9)، وعند مسلم (35)، ((الْإِيمَانُ بِضْعٌ وَسَبْعُونَ شُعْبَةً وَالْحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنْ الْإِيمَانِ)).
5. وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّ عَلَى رَجُلٍ مِنْ الْأَنْصَارِ وَهُوَ يَعِظُ أَخَاهُ فِي الْحَيَاءِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((دَعْهُ فَإِنَّ الْحَيَاءَ مِنْ الْإِيمَانِ)) رواه البخاري (24)، ومسلم (36).
6. وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((الْحَيَاءُ مِنْ الْإِيمَانِ، وَالْإِيمَانُ فِي الْجَنَّةِ، وَالْبَذَاءُ مِنْ الْجَفَاءِ، وَالْجَفَاءُ فِي النَّارِ)) رواه الترمذي (2009)، وصححه الألباني في مشكاة المصابيح (3 / 101).
7. وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((الحياء والإيمان قرنا جميعا فإذا رفع أحدهما رفع الآخر)) المستدرك على الصحيحين (1 /73) (58)، وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب (3 / 3).
8. وعن عِمْرَانَ بْنَ حُصَيْنٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((الْحَيَاءُ لَا يَأْتِي إِلَّا بِخَيْرٍ)) فَقَالَ بُشَيْرُ بْنُ كَعْبٍ: مَكْتُوبٌ فِي الْحِكْمَةِ إِنَّ مِنْ الْحَيَاءِ وَقَارًا، وَإِنَّ مِنْ الْحَيَاءِ سَكِينَةً، فَقَالَ لَهُ عِمْرَانُ: أُحَدِّثُكَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتُحَدِّثُنِي عَنْ صَحِيفَتِكَ. رواه البخاري (6117).
9. وعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: ((كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَشَدَّ حَيَاءً مِنْ الْعَذْرَاءِ فِي خِدْرِهَا، وَإِذَا كَرِهَ شَيْئًا عُرِفَ فِي وَجْهِهِ)) رواه البخاري (3562)، ومسلم (2320).
10. وعَنْ أَنَسٍ بن مالك رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((مَا كَانَ الْفُحْشُ فِي شَيْءٍ إِلَّا شَانَهُ، وَمَا كَانَ الْحَيَاءُ فِي شَيْءٍ إِلَّا زَانَهُ)) رواه الترمذي (1974)، وصححه الألباني في صحيح سنن الترمذي (4 / 474).
11. وعن عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: ((كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُضْطَجِعًا فِي بَيْتِي، كَاشِفًا عَنْ فَخِذَيْهِ أَوْ سَاقَيْهِ، فَاسْتَأْذَنَ أَبُو بَكْرٍ فَأَذِنَ لَهُ وَهُوَ عَلَى تِلْكَ الْحَالِ، فَتَحَدَّثَ، ثُمَّ اسْتَأْذَنَ عُمَرُ، فَأَذِنَ لَهُ وَهُوَ كَذَلِكَ، فَتَحَدَّثَ، ثُمَّ اسْتَأْذَنَ عُثْمَانُ، فَجَلَسَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَسَوَّى ثِيَابَهُ، فَدَخَلَ فَتَحَدَّثَ فَلَمَّا خَرَجَ قَالَتْ: عَائِشَةُ دَخَلَ أَبُو بَكْرٍ فَلَمْ تَهْتَشَّ (الهشاشة: طلاقة الوجه وحسن اللقاء) لَهُ وَلَمْ تُبَالِهِ، ثُمَّ دَخَلَ عُمَرُ فَلَمْ تَهْتَشَّ لَهُ وَلَمْ تُبَالِهِ، ثُمَّ دَخَلَ عُثْمَانُ، فَجَلَسْتَ وَسَوَّيْتَ ثِيَابَكَ، فَقَالَ: أَلَا أَسْتَحِي مِنْ رَجُلٍ تَسْتَحِي مِنْهُ الْمَلَائِكَةُ)) رواه مسلم (2401).
12. وعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: ((كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا بَلَغَهُ عَنْ الرَّجُلِ الشَّيْءُ لَمْ يَقُلْ مَا بَالُ فُلَانٍ يَقُولُ؟ وَلَكِنْ يَقُولُ، مَا بَالُ أَقْوَامٍ يَقُولُونَ كَذَا وَكَذَا)) رواه أبو داود (4788)، وصححه الألباني.
13. وعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها، أَنَّ امْرَأَةً مِنْ الْأَنْصَارِ قَالَتْ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: كَيْفَ أَغْتَسِلُ مِنْ الْمَحِيضِ؟ قَالَ: خُذِي فِرْصَةً (القطعة من القطن أو الصوف) مُمَسَّكَةً فَتَوَضَّئِي ثَلَاثًا، ثُمَّ إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَحْيَا فَأَعْرَضَ بِوَجْهِهِ أَوْ قَالَ تَوَضَّئِي بِهَا، فَأَخَذْتُهَا فَجَذَبْتُهَا فَأَخْبَرْتُهَا بِمَا يُرِيدُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ)) البخاري (315).
14. وعَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: ((بُنِيَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِزَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ بِخُبْزٍ وَلَحْمٍ، فَأُرْسِلْتُ عَلَى الطَّعَامِ دَاعِيًا فَيَجِيءُ قَوْمٌ فَيَأْكُلُونَ وَيَخْرُجُونَ، ثُمَّ يَجِيءُ قَوْمٌ فَيَأْكُلُونَ وَيَخْرُجُونَ، فَدَعَوْتُ حَتَّى مَا أَجِدُ أَحَدًا أَدْعُو، فَقُلْتُ يَا نَبِيَّ اللَّهِ مَا أَجِدُ أَحَدًا أَدْعُوهُ، قَالَ: ارْفَعُوا طَعَامَكُمْ، وَبَقِيَ ثَلَاثَةُ رَهْطٍ يَتَحَدَّثُونَ فِي الْبَيْتِ، فَخَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَانْطَلَقَ إِلَى حُجْرَةِ عَائِشَةَ، فَقَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ وَرَحْمَةُ اللَّهِ، فَقَالَتْ: وَعَلَيْكَ السَّلَامُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ، كَيْفَ وَجَدْتَ أَهْلَكَ بَارَكَ اللَّهُ لَكَ، فَتَقَرَّى (تتبع) حُجَرَ نِسَائِهِ كُلِّهِنَّ، يَقُولُ لَهُنَّ كَمَا يَقُولُ لِعَائِشَةَ وَيَقُلْنَ لَهُ كَمَا قَالَتْ عَائِشَةُ، ثُمَّ رَجَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِذَا ثَلَاثَةٌ مِنْ رَهْطٍ فِي الْبَيْتِ يَتَحَدَّثُونَ، وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَدِيدَ الْحَيَاءِ فَخَرَجَ مُنْطَلِقًا نَحْوَ حُجْرَةِ عَائِشَةَ فَمَا أَدْرِي آخْبَرْتُهُ أَوْ أُخْبِرَ أَنَّ الْقَوْمَ خَرَجُوا فَرَجَعَ حَتَّى إِذَا وَضَعَ رِجْلَهُ فِي أُسْكُفَّةِ الْبَابِ (عتبته السفلى) دَاخِلَةً وَأُخْرَى خَارِجَةً أَرْخَى السِّتْرَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ وَأُنْزِلَتْ آيَةُ الْحِجَابِ)) البخاري (4793).
15. عن أنس بن مالك قال كان أبو ذر يحدث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((... فَفَرَضَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى أُمَّتِي خَمْسِينَ صَلَاةً، فَرَجَعْتُ بِذَلِكَ حَتَّى مَرَرْتُ عَلَى مُوسَى، فَقَالَ: مَا فَرَضَ اللَّهُ لَكَ عَلَى أُمَّتِكَ؟ قُلْتُ: فَرَضَ خَمْسِينَ صَلَاةً، قَالَ: فَارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَإِنَّ أُمَّتَكَ لَا تُطِيقُ ذَلِكَ، فَرَاجَعْتُ فَوَضَعَ شَطْرَهَا فَرَجَعْتُ إِلَى مُوسَى قُلْتُ وَضَعَ شَطْرَهَا، فَقَالَ: رَاجِعْ رَبَّكَ فَإِنَّ أُمَّتَكَ لَا تُطِيقُ، فَرَاجَعْتُ فَوَضَعَ شَطْرَهَا، فَرَجَعْتُ إِلَيْهِ فَقَالَ: ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَإِنَّ أُمَّتَكَ لَا تُطِيقُ ذَلِكَ فَرَاجَعْتُهُ فَقَالَ: هِيَ خَمْسٌ وَهِيَ خَمْسُونَ لَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ، فَرَجَعْتُ إِلَى مُوسَى فَقَالَ: رَاجِعْ رَبَّكَ فَقُلْتُ: اسْتَحْيَيْتُ مِنْ رَبِّي...)) البخاري (349)، مسلم (163).
16. وعن جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: ((لَمَّا بُنِيَتْ الْكَعْبَةُ ذَهَبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَبَّاسٌ يَنْقُلَانِ الْحِجَارَةَ، فَقَالَ الْعَبَّاسُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: اجْعَلْ إِزَارَكَ عَلَى رَقَبَتِكَ فَخَرَّ إِلَى الْأَرْضِ وَطَمَحَتْ (شخصت) عَيْنَاهُ إِلَى السَّمَاءِ، فَقَالَ أَرِنِي(أعطني) إِزَارِي فَشَدَّهُ عَلَيْهِ)) البخاري (1582)، مسلم (340).
الحياء خلق يحمل صاحبه على ترك القبيح من الصفات والأفعال والأقوال، ويمنع من التقصير في حق الله سبحانه، ومن التقصير في حق ذي الحق، ويكفي لمعرفة منزلة هذا الخلق ومكانته في الإسلام أن نقرأ قوله صلى الله عليه وسلم: ((الْإِيمَانُ بِضْعٌ وَسَبْعُونَ شُعْبَةً وَالْحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنْ الْإِيمَانِ))، فالحياء شعبة من شعب الإيمان، وأفرده النبي صلى الله عليه وسلم بالذكر؛ لأنه كالداعي إلى باقي الشعب إذا الحيي يخاف فضيحة الدنيا والآخرة فيأتمر وينزجر.
وإذا كانت منزلة الحياء في الإسلام على هذه الدرجة الرفيعة، فلا عجب أن يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم أعظم الناس اتصافاً بهذا الخلق الرفيع، فقد كان أكثر الناس حياءً، وأشدهم تمسكًا والتزامًا بهذا الخلق الكريم، فقد حاز صلى الله عليه وسلم من الحياء على الحظ الأوفر، والنصيب الأكبر، ويذكر لنا أصحابه الكرام حياءه عليه الصلاة والسلام وأنه ((كان أشد حياءً من العذراء (البكر) في خدرها (سترها))).
وكان عليه الصلاة والسلام يأخذ نفسه بالحياء ويستعمله، ويأمر به، ويحضُّ عليه، فيقول: ((الحياء من الإيمان))، و((الحياء لا يأتي إلا بخير)). و((الحياء خير كله)) ويقول لأصحابه: ((وَمَا كَانَ الْحَيَاءُ فِي شَيْءٍ إِلَّا زَانَهُ))، وكان يُعرف الحياء في وجهه.
وكان إذا رأى سلوكًا غير قويم، لا يخاطب ذلك الشخص بعينه، ولا يوجه كلامه إليه مباشرة، بل كان من خلقه وهديه في مثل هذا الموقف أن يوجه كلامه إلى عامة من حوله، فيقول: ((ما بال أقوام يقولون: كذا وكذا)).
ومع هذا كله فكان لا يمنعه الحياء من قول الحق، وهذا هو نهاية الحياء، وكماله، وحسنه، واعتداله، فمن منعه الحياء عن قول الحق فقد ترك الحياء من الخالق، واستحيا من الخلق، ومن كان هكذا فقد حرم نافع الحياء، وكان فيه خصلة من خصال النفاق والرياء.
من تأمل سيرة الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم يجد أن صفة الحياء لم تكن صفة طارئة فيه، بل كانت صفة ملازمة له في كل أحيانه وأحواله، فمجلسه مجلس حلم وحياء.
وقد كان عليه الصلاة والسلام مجبولاً على خلق الحياء حتى قبل بعثته، فعندما بُنِيَتْ الْكَعْبَةُ ذَهَبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالعَبَّاسٌ يَنْقُلَانِ الْحِجَارَةَ، فَقَالَ الْعَبَّاسُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: اجْعَلْ إِزَارَكَ عَلَى رَقَبَتِكَ فَخَرَّ إِلَى الْأَرْضِ وَطَمَحَتْ (شخصت) عَيْنَاهُ إِلَى السَّمَاءِ، فَقَالَ أَرِنِي(أعطني) إِزَارِي فَشَدَّهُ عَلَيْهِ)).
ومن أبرز مظاهر حيائه صلى الله عليه وسلم: حياؤه من ربه تبارك وتعالى، ففي ليلة المعراج لما طلب موسى عليه السلام من نبينا صلى الله عليه وسلم أن يراجع ربه ويسأله التخفيف في أمر الصلاة، بعد أن خففت إلى خمس صلوات قال صلى الله عليه وسلم لموسى: ((استحييت من ربي)) فمنعه خُلق الحياء من مراجعة ربه سبحانه وتعالى.
والحياء صفة جميلة من صفات الملائكة الكرام؛ لذلك استحى صلى الله عليه وسلم من عثمان لاستحياء الملائكة منه، فمرة دخل عليه أبو بكر ثم عمر وهو مضطجع كاشف عن ساقيه، ثم دخل عثمان فجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم وسوى ثيابه وقال: ((أَلَا أَسْتَحِي مِنْ رَجُلٍ تَسْتَحِي مِنْهُ الْمَلَائِكَةُ)).
فالواجب على الإنسان المؤمن أن يقتدي بحبيبه المصطفى صلى الله عليه وسلم في التخلق بهذا الخلق الرفيع، فإذا فعل ذلك فسيكون الحياء حاجزاً له من فعل المنكرات؛ ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم ((إِنَّ مِمَّا أَدْرَكَ النَّاسُ مِنْ كَلَامِ النُّبُوَّةِ الْأُولَى إِذَا لَمْ تَسْتَحْيِ فَاصْنَعْ مَا شِئْتَ))، وقد اتفقت الشريعة الربانية، والعقول السليمة، والتجربة العملية على أن الحياء مانع للإنسان عن ارتكاب القبائح والمنكرات التي تشينه، كما قال القائل:
ورب قبيحةٍ ما حال بيني *** وبين ركوبها إلا الحياءُ
فكان هو الدواء لها ولكن *** إذا ذهبَ الحياء فلا دواءُ
كان النبي صلى الله عليه وسلم أرق الناس طبعاً، وأنبلهم سيرة، ترجمت لنا سيرته العطرة حقيقة ذلك الحياء، في مواقف شتى في حياته عليه الصلاة والسلام، ففي ليلة زواجه من زينب بنت جحش رضي الله عنها، كان أصحابه في بيته قد حضروا وليمته، وطعموا حتى شبعوا، وظلّوا مستأنسين بالحديث في غفلةٍ عن حال النبي صلى الله عليه وسلم، فيستحي عليه الصلاة والسلام أن يواجههم بأمر الخروج من بيته، فحمله الحياء على أن يترك أخصّ حقوق نفسه في ليلة البناء بأهله والشوق إليهم، وتحمّل مشقة الحرج من أصحابه الذين أكرمهم بضيافته، فلم يصارحهم بما يجول في خاطره حياءً منهم، وحرصاً على توفير الراحة والانبساط لأصحابه رضي الله عنهم.
فتولّى ربه عزوجل أمره، ورفع عنه ما أهمّه، و أنزل قرآنا يتلى إلى يوم القيامة يصدع بما للنبي صلى الله عليه وسلم من الحقّ العظيم من الاحترام والتوقير والآداب المتعّينة له على أصحابه وأمته. فأنزل عليه قوله تعالى: فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانتَشِرُوا وَلا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنكُمْ وَاللَّهُ لا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ.
ومن حياء النبي صلى الله عليه وسلم، أنه كان إذا سئل عن أمور تخص النساء أجاب بالكناية بدون تصريح، فقد ورد أن امرأةً سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن كيفية التطهر من الحيض، فأخبرها أن تأخذ قطعةً من صوف ثم تتطهر بها، إلا أن تلك المرأة لم تفهم جواب النبي صلى الله عليه وسلم، فأعادت عليه السؤال ثانية، فأجابها كما أجابها في المرة الأولى، غير أنها لم تستوعب قوله أيضاً، فسألته مرة ثالثة فاستحيا منها وأعرض عنها، وكانت عائشة رضي الله عنها حاضرة الموقف، فبينت لها الأمر رضي الله عنها.
هكذا كان الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم متصفا بهذا الخلق العظيم، فحري بكل مسلم أن يجعل الحياء صفة بارزة في أخلاقه، ويقتدي بسيده وقدوته صلى الله عليه وسلم.