عضو جديد تسجيل دخول
 حق المسلم على المسلم عظيم قد بينه صلى الله عليه وسلم كما في حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: ((حق المسلم على المسلم ست))، قيل: ما هن يا رسول الله؟ قال: ((إذا لقيته فسلم عليه، وإذا دعاك فأجبه، وإذا استنصحك فانصح له، وإذا عطس فحمد الله فسمته-وفي رواية: فشمته - وإذا مرض فعده وإذا مات فاتبعه)).
2942
3 + 10 =
Solve this simple math problem and enter the result. E.g. for 1+3, enter 4.
1- قال الله تعالى: ( فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ) (آل عمران:159).
2- وقال جل شأنه: (خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ ) (الأعراف:199).
3- وقال تعالى:( لَقَدْ جَاءكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ) (التوبة:128).
4- وقال الله تبارك وتعالى:(وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ) (سورة الأنبياء:107).
5- وعن أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ: "بَيْنَمَا نَحْنُ فِي الْمَسْجِدِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ جَاءَ أَعْرَابِيٌّ، فَقَامَ يَبُولُ فِي الْمَسْجِدِ، فَقَالَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَهْ مَهْ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((لَا تُزْرِمُوهُ، دَعُوهُ))، فَتَرَكُوهُ حَتَّى بَالَ، ثُمَّ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَعَاهُ، فَقَالَ لَهُ: ((إِنَّ هَذِهِ الْمَسَاجِدَ لَا تَصْلُحُ لِشَيْءٍ مِنْ هَذَا الْبَوْلِ وَلَا الْقَذَرِ، إِنَّمَا هِيَ لِذِكْرِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَالصَّلَاةِ، وَقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ))، أَوْ كَمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَمَرَ رَجُلًا مِنْ الْقَوْمِ فَجَاءَ بِدَلْوٍ مِنْ مَاءٍ فَشَنَّهُ عَلَيْهِ" البخاري برقم (220)، ومسلم برقم (285) واللفظ له، وفي لفظ البخاري: ((..فَإِنَّمَا بُعِثْتُمْ مُيَسِّرِينَ وَلَمْ تُبْعَثُوا مُعَسِّرِينَ))، وعند البخاري أيضاً: قال أَبو هُرَيْرَةَ: "فقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي صَلَاةٍ وَقُمْنَا مَعَهُ، فَقَالَ أَعْرَابِيٌّ وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ : اللَّهُمَّ ارْحَمْنِي وَمُحَمَّدًا، وَلَا تَرْحَمْ مَعَنَا أَحَدًا، فَلَمَّا سَلَّمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِلْأَعْرَابِيِّ: ((لَقَدْ حَجَّرْتَ وَاسِعًا))، يُرِيدُ رَحْمَةَ اللَّهِ"البخاري برقم (6010).
6- وعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ كُنْتُ أَمْشِي مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَيْهِ بُرْدٌ نَجْرَانِيٌّ غَلِيظُ الْحَاشِيَةِ فَأَدْرَكَهُ أَعْرَابِيٌّ فَجَذَبَهُ جَذْبَةً شَدِيدَةً حَتَّى نَظَرْتُ إِلَى صَفْحَةِ عَاتِقِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ أَثَّرَتْ بِهِ حَاشِيَةُ الرِّدَاءِ مِنْ شِدَّةِ جَذْبَتِهِ ثُمَّ قَالَ: مُرْ لِي مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي عِنْدَكَ، فَالْتَفَتَ إِلَيْهِ فَضَحِكَ، ثُمَّ أَمَرَ لَهُ بِعَطَاءٍ" البخاري برقم (3149) واللفظ له، ومسلم برقم (1057).
7- وعَنْ أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: "كُنْتُ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ نَازِلٌ بِالْجِعْرَانَةِ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ، وَمَعَهُ بِلَالٌ، فَأَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْرَابِيٌّ، فَقَالَ: أَلَا تُنْجِزُ لِي مَا وَعَدْتَنِي؟ فَقَالَ لَهُ: ((أَبْشِرْ))، فَقَالَ: قَدْ أَكْثَرْتَ عَلَيَّ مِنْ أَبْشِرْ، فَأَقْبَلَ عَلَى أَبِي مُوسَى وَبِلَالٍ كَهَيْئَةِ الْغَضْبَانِ، فَقَالَ: ((رَدَّ الْبُشْرَى، فَاقْبَلَا أَنْتُمَا))، قَالَا: قَبِلْنَا، ثُمَّ دَعَا بِقَدَحٍ فِيهِ مَاءٌ، فَغَسَلَ يَدَيْهِ وَوَجْهَهُ فِيهِ، وَمَجَّ فِيهِ، ثُمَّ قَالَ: ((اشْرَبَا مِنْهُ، وَأَفْرِغَا عَلَى وُجُوهِكُمَا وَنُحُورِكُمَا، وَأَبْشِرَا))، فَأَخَذَا الْقَدَحَ فَفَعَلَا، فَنَادَتْ أُمُّ سَلَمَةَ مِنْ وَرَاءِ السِّتْرِ: أَنْ أَفْضِلَا لِأُمِّكُمَا، فَأَفْضَلَا لَهَا مِنْهُ طَائِفَةً" البخاري برقم (4328) واللفظ له، ومسلم برقم (2497).
8- وعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما قَالَ: "غَزَوْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَزْوَةً قِبَلَ نَجْدٍ، فَأَدْرَكَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي وَادٍ كَثِيرِ الْعِضَاهِ (وهو كُلّ شَجَر عظيم لَهُ شَوْك)، فَنَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَحْتَ شَجَرَةٍ، فَعَلَّقَ سَيْفَهُ بِغُصْنٍ مِنْ أَغْصَانِهَا، قَالَ: وَتَفَرَّقَ النَّاسُ فِي الْوَادِي يَسْتَظِلُّونَ بِالشَّجَرِ، قَالَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((إِنَّ رَجُلًا أَتَانِي وَأَنَا نَائِمٌ، فَأَخَذَ السَّيْفَ فَاسْتَيْقَظْتُ وَهُوَ قَائِمٌ عَلَى رَأْسِي، فَلَمْ أَشْعُرْ إِلَّا وَالسَّيْفُ صَلْتًا فِي يَدِهِ، فَقَالَ لِي: مَنْ يَمْنَعُكَ مِنِّي؟ قُلْتُ: اللَّهُ، ثُمَّ قَالَ فِي الثَّانِيَةِ: مَنْ يَمْنَعُكَ مِنِّي؟ قُلْتُ: اللَّهُ، فَشَامَ (رده في غمده) السَّيْفَ فَهَا هُوَ ذَا جَالِسٌ))، ثُمَّ لَمْ يَعْرِضْ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ" البخاري برقم (2913)، ومسلم برقم (843) واللفظ له.
9- وعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه قَالَ: جَاءَ أَعْرَابِيٌّ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَقَاضَاهُ دَيْنًا كَانَ عَلَيْهِ، فَاشْتَدَّ عَلَيْهِ حَتَّى قَالَ لَهُ: أُحَرِّجُ عَلَيْكَ إِلَّا قَضَيْتَنِي، فَانْتَهَرَهُ أَصْحَابُهُ، وَقَالُوا: وَيْحَكَ تَدْرِي مَنْ تُكَلِّمُ؟! قَالَ: إِنِّي أَطْلُبُ حَقِّي، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((هَلَّا مَعَ صَاحِبِ الْحَقِّ كُنْتُمْ))، ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَى خَوْلَةَ بِنْتِ قَيْسٍ، فَقَالَ لَهَا: ((إِنْ كَانَ عِنْدَكِ تَمْرٌ فَأَقْرِضِينَا حَتَّى يَأْتِيَنَا تَمْرُنَا فَنَقْضِيَكِ))، فَقَالَتْ: نَعَمْ بِأَبِي أَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ فَأَقْرَضَتْهُ فَقَضَى الْأَعْرَابِيَّ وَأَطْعَمَهُ، فَقَالَ: أَوْفَيْتَ أَوْفَى اللَّهُ لَكَ، فَقَالَ: ((أُولَئِكَ خِيَارُ النَّاسِ إِنَّهُ لَا قُدِّسَتْ أُمَّةٌ لَا يَأْخُذُ الضَّعِيفُ فِيهَا حَقَّهُ غَيْرَ مُتَعْتَعٍ)) ابن ماجه (2426)، وصححه الألباني في صحيح ابن ماجه برقم (1984)[1].
10- وعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: "ابْتَاعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ رَجُلٍ مِنْ الْأَعْرَابِ جَزُورًا أَوْ جَزَائِرَ بِوَسْقٍ مِنْ تَمْرِ الذَّخِرَةِ وَتَمْرُ الذَّخِرَةِ الْعَجْوَةُ، فَرَجَعَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى بَيْتِهِ وَالْتَمَسَ لَهُ التَّمْرَ فَلَمْ يَجِدْهُ، فَخَرَجَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ لَهُ: ((يَا عَبْدَ اللَّهِ إِنَّا قَدْ ابْتَعْنَا مِنْكَ جَزُورًا أَوْ جَزَائِرَ بِوَسْقٍ مِنْ تَمْرِ الذَّخْرَةِ فَالْتَمَسْنَاهُ فَلَمْ نَجِدْهُ))، قَالَ فَقَالَ الْأَعْرَابِيُّ: وَا غَدْرَاهُ، قَالَتْ فَنَهَمَهُ النَّاسُ وَقَالُوا: قَاتَلَكَ اللَّهُ أَيَغْدِرُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ! قَالَتْ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((دَعُوهُ فَإِنَّ لِصَاحِبِ الْحَقِّ مَقَالًا))، ثُمَّ عَادَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: ((يَا عَبْدَ اللَّه إِنَّا ابْتَعْنَا مِنْكَ جَزَائِرَكَ وَنَحْنُ نَظُنُّ أَنَّ عِنْدَنَا مَا سَمَّيْنَا لَكَ فَالْتَمَسْنَاهُ فَلَمْ نَجِدْهُ))، فَقَالَ الْأَعْرَابِيُّ: وَا غَدْرَاهُ، فَنَهَمَهُ النَّاسُ وَقَالُوا: قَاتَلَكَ اللَّهُ أَيَغْدِرُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ! فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((دَعُوهُ فَإِنَّ لِصَاحِبِ الْحَقِّ مَقَالًا))، فَرَدَّدَ ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا، فَلَمَّا رَآهُ لَا يَفْقَهُ عَنْهُ قَالَ لِرَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِهِ: ((اذْهَبْ إِلَى خُوَيْلَةَ بِنْتِ حَكِيمِ بْنِ أُمَيَّةَ، فَقُلْ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لَكِ: إِنْ كَانَ عِنْدَكِ وَسْقٌ مِنْ تَمْرِ الذَّخِرَةِ، فَأَسْلِفِينَاهُ حَتَّى نُؤَدِّيَهُ إِلَيْكِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ))، فَذَهَبَ إِلَيْهَا الرَّجُلُ ثُمَّ رَجَعَ الرَّجُلُ، فَقَالَ قَالَتْ نَعَمْ هُوَ عِنْدِي يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَابْعَثْ مَنْ يَقْبِضُهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلرَّجُلِ: ((اذْهَبْ بِهِ فَأَوْفِهِ الَّذِي لَهُ))، قَالَ: فَذَهَبَ بِهِ فَأَوْفَاهُ الَّذِي لَهُ، قَالَتْ: فَمَرَّ الْأَعْرَابِيُّ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ جَالِسٌ فِي أَصْحَابِهِ فَقَالَ: جَزَاكَ اللَّهُ خَيْرًا، فَقَدْ أَوْفَيْتَ وَأَطْيَبْتَ، قَالَتْ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((أُولَئِكَ خِيَارُ عِبَادِ اللَّهِ عِنْدَ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ الْمُوفُونَ الْمُطِيبُونَ))" أحمد برقم (25780)، وجاء في تحقيق المسند للأرناؤوط وغيره: إسناده حسن، انظر مسند أحمد (43/338).
11- وعن أَنَسٌ رضي الله عنه قال: "كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أَحْسَنِ النَّاسِ خُلُقًا، فَأَرْسَلَنِي يَوْمًا لِحَاجَةٍ، فَقُلْتُ: وَاللَّهِ لَا أَذْهَبُ، وَفِي نَفْسِي أَنْ أَذْهَبَ لِمَا أَمَرَنِي بِهِ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَخَرَجْتُ حَتَّى أَمُرَّ عَلَى صِبْيَانٍ وَهُمْ يَلْعَبُونَ فِي السُّوقِ، فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ قَبَضَ بِقَفَايَ مِنْ وَرَائِي، فَنَظَرْتُ إِلَيْهِ وَهُوَ يَضْحَكُ فَقَالَ: ((يَا أُنَيْسُ أَذَهَبْتَ حَيْثُ أَمَرْتُكَ؟)) قُلْتُ: نَعَمْ أَنَا أَذْهَبُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ أَنَسٌ: وَاللَّهِ لَقَدْ خَدَمْتُهُ تِسْعَ سِنِينَ مَا عَلِمْتُهُ قَالَ لِشَيْءٍ صَنَعْتُهُ لِمَ فَعَلْتَ كَذَا وَكَذَا، أَوْ لِشَيْءٍ تَرَكْتُهُ هَلَّا فَعَلْتَ كَذَا وَكَذَا" رواه مسلم (2310)، وعند البخاري (6038): "خَدَمْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَشْرَ سِنِينَ فَمَا قَالَ لِي أُفٍّ وَلَا لِمَ صَنَعْتَ وَلَا أَلَّا صَنَعْتَ".
12- وعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ: "خَدَمْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَشْرَ سِنِينَ فَمَا أَمَرَنِي بِأَمْرٍ فَتَوَانَيْتُ عَنْهُ أَوْ ضَيَّعْتُهُ فَلَامَنِي، فَإِنْ لَامَنِي أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ إِلَّا قَالَ: ((دَعُوهُ فَلَوْ قُدِّرَ -أَوْ قَالَ- لَوْ قُضِيَ أَنْ يَكُونَ كَانَ)) أحمد برقم (13005)، وصححه الألباني.
13- وعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ: قلت لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: هَلْ أَتَى عَلَيْكَ يَوْمٌ كَانَ أَشَدَّ مِنْ يَوْمِ أُحُدٍ؟ قَالَ: ((لَقَدْ لَقِيتُ مِنْ قَوْمِكِ مَا لَقِيتُ وَكَانَ أَشَدَّ مَا لَقِيتُ مِنْهُمْ يَوْمَ الْعَقَبَةِ إِذْ عَرَضْتُ نَفْسِي عَلَى ابْنِ عَبْدِ يَالِيلَ بْنِ عَبْدِ كُلَالٍ فَلَمْ يُجِبْنِي إِلَى مَا أَرَدْتُ، فَانْطَلَقْتُ وَأَنَا مَهْمُومٌ عَلَى وَجْهِي فَلَمْ أَسْتَفِقْ إِلَّا وَأَنَا بِقَرْنِ الثَّعَالِبِ، فَرَفَعْتُ رَأْسِي فَإِذَا أَنَا بِسَحَابَةٍ قَدْ أَظَلَّتْنِي فَنَظَرْتُ فَإِذَا فِيهَا جِبْرِيلُ فَنَادَانِي فَقَالَ: إِنَّ اللَّهَ قَدْ سَمِعَ قَوْلَ قَوْمِكَ لَكَ وَمَا رَدُّوا عَلَيْكَ وَقَدْ بَعَثَ إِلَيْكَ مَلَكَ الْجِبَالِ لِتَأْمُرَهُ بِمَا شِئْتَ فِيهِمْ، فَنَادَانِي مَلَكُ الْجِبَالِ فَسَلَّمَ عَلَيَّ ثُمَّ قَالَ: يَا مُحَمَّدُ، فَقَالَ: ذَلِكَ فِيمَا شِئْتَ إِنْ شِئْتَ أَنْ أُطْبِقَ عَلَيْهِمْ الْأَخْشَبَيْنِ (وهما جبلان في مكة)، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: بَلْ أَرْجُو أَنْ يُخْرِجَ اللَّهُ مِنْ أَصْلَابِهِمْ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ وَحْدَهُ لَا يُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا)) البخاري برقم (3231) واللفظ له، ومسلم برقم (1795).
14- وعَنْ أَبَي سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: "بَيْنَمَا نَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَقْسِمُ قِسْمًا أَتَاهُ ذُو الْخُوَيْصِرَةِ -وَهُوَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ-، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ اعْدِلْ فَقَالَ: ((وَيْلَكَ وَمَنْ يَعْدِلُ إِذَا لَمْ أَعْدِلْ؟! قَدْ خِبْتَ وَخَسِرْتَ إِنْ لَمْ أَكُنْ أَعْدِلُ))، فَقَالَ عُمَرُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ ائْذَنْ لِي فِيهِ فَأَضْرِبَ عُنُقَهُ، فَقَالَ: ((دَعْهُ)) البخاري برقم (3610) واللفظه له، ومسلم برقم (1064).
15- وعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ يَهُودِيَّةً أَتَتْ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِشَاةٍ مَسْمُومَةٍ، فَأَكَلَ مِنْهَا فَجِيءَ بِهَا، فَقِيلَ: أَلَا نَقْتُلُهَا؟ قَالَ: ((لَا)) البخاري برقم (2617) واللفظ له، ومسلم برقم (2190).
16- وعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه قَالَ: "قال نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَشَجِّ عَبْدِ الْقَيْسِ: ((إِنَّ فِيكَ لَخَصْلَتَيْنِ يُحِبُّهُمَا اللَّهُ: الْحِلْمُ وَالْأَنَاةُ)) مسلم برقم (18).
17- وعن أَبُي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال: "قَدِمَ طُفَيْلُ بْنُ عَمْرٍو الدَّوْسِيُّ وَأَصْحَابُهُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ دَوْسًا عَصَتْ وَأَبَتْ فَادْعُ اللَّهَ عَلَيْهَا، فَقِيلَ: هَلَكَتْ دَوْسٌ، قَالَ: ((اللَّهُمَّ اهْدِ دَوْسًا وَأْتِ بِهِمْ)) البخاري برقم (2937) واللفظ له، ومسلم برقم (2524).
18- وعن عَبْدَ اللَّهِ بن مسعود رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: "قَسَمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَسْمًا، فَقَالَ رَجُلٌ: إِنَّ هَذِهِ لَقِسْمَةٌ مَا أُرِيدَ بِهَا وَجْهُ اللَّهِ، فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَخْبَرْتُهُ فَغَضِبَ حَتَّى رَأَيْتُ الْغَضَبَ فِي وَجْهِهِ، ثُمَّ قَالَ: ((يَرْحَمُ اللَّهَ مُوسَى قَدْ أُوذِيَ بِأَكْثَرَ مِنْ هَذَا فَصَبَرَ)) البخاري برقم (3405) واللفظ له، ومسلم برقم (1062).
19- وعَنْ جُبَيْرُ بْنُ مُطْعِمٍ رضي الله عنه: أَنَّهُ بَيْنَا هُوَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَعَهُ النَّاسُ مُقْبِلًا مِنْ حُنَيْنٍ عَلِقَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْأَعْرَابُ يَسْأَلُونَهُ حَتَّى اضْطَرُّوهُ إِلَى سَمُرَةٍ (السمرة: نوع من شجر الطلح)، فَخَطِفَتْ رِدَاءَهُ، فَوَقَفَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: ((أَعْطُونِي رِدَائِي فَلَوْ كَانَ عَدَدُ هَذِهِ الْعِضَاهِ (شجر عظيم له شوك) نَعَمًا لَقَسَمْتُهُ بَيْنَكُمْ ثُمَّ لَا تَجِدُونِي بَخِيلًا وَلَا كَذُوبًا وَلَا جَبَانًا)) البخاري برقم 3148).
20- وعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ: "دَخَلَ رَهْطٌ مِنْ الْيَهُودِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالُوا: السَّامُ عَلَيْكُمْ (السام: الموت)، قَالَتْ عَائِشَةُ: فَفَهِمْتُهَا، فَقُلْتُ: وَعَلَيْكُمْ السَّامُ وَاللَّعْنَةُ، قَالَتْ: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((مَهْلًا يَا عَائِشَةُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الرِّفْقَ فِي الْأَمْرِ كُلِّهِ))، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَوَلَمْ تَسْمَعْ مَا قَالُوا؟! قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((قَدْ قُلْتُ وَعَلَيْكُمْ))" البخاري برقم (6024) واللفظ له، ومسلم برقم (2165).
21- وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ادْعُ عَلَى الْمُشْرِكِينَ، قَالَ: ((إِنِّي لَمْ أُبْعَثْ لَعَّانًا وَإِنَّمَا بُعِثْتُ رَحْمَةً)) مسلم برقم (2599).

[1] صحيح سنن ابن ماجه، تأليف: محمد ناصر الدين الألباني، الناشر: مكتب التربية العربي لدول الخليج، الطبعة: الأولى، سنة الطبع: 1407هـ.
تتسابق الأحرف، وتتنافس الكلمات، وتتزاحم الجمل أيهم ينال فضل ذكر حلم النبي صلى الله عليه وسلم، مع علمهم أن حلمه صلوات الله وسلامه عليه لا تعطي حقه الأقلام، ولا تستطيع تمثيله الكلمات؛ لأنه بالحلم ينطق ويسكت ، ويجيء ويذهب، فكل حياته حلم، فحلمه رحمة من الله عليه وعلى الناس: فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لهم فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ.
 
ومن يجاري حلم النبي الكريم صلوات ربي وسلامه عليه وهو يسمع من يطعن في عدله وإنصافه، يسمع النبي الحليم صلى الله عليه وسلم ذا الخويصرة يقول: "يا رسول الله اعدل"، يا لها من كلمة، ويا لها من حروف توجهت صوب النبي صلى الله عليه وسلم تظن أنها تضره، أو تذهب بشيء من نوره، فما لبثت أن قابلت من تستحي الجبال أن تذكر ثباتها عنده، قابلت من تخجل الشمس بأن تباهي بنورها بين يديه، فيرد المصطفى على ذلك القائل: ((وَيْلَكَ وَمَنْ يَعْدِلُ إِذَا لَمْ أَعْدِلْ؟!))، وجّهه ورباه بكلمات يسيرات، تحمل الحق والتبيان، ولم يعاقب بعقوبة، أو يأمر بعذاب، وقد حصل منه ما لا يحتمله مسلم من  طعن في إمام الناس، وصاحب الكلمة الأولى في الدولة الإسلامية، لكنه النبي الحليم الذي يسبق حلمه غضبه، النبي العظيم الذي يقابل السيئة بالحسنة، والخطيئة بالعفو والمغفرة.
 
وكيف لا يكون كذلك وهو الذي شجع أصحابه وحثهم على هذا الخلق النبيل، فيقول لأحدهم: ((إِنَّ فِيكَ لَخَصْلَتَيْنِ يُحِبُّهُمَا اللَّهُ: الْحِلْمُ وَالْأَنَاةُ))، ولم يكتف بتعليمهم بالقول فقط، بل لو كان الحلم رجلاً لكان النبي صلى الله عليه وسلم، فهذه يهودية تضع له السم في الشاة، فأكل منها فعلم بالسم، فسألها في ذلك، فقالت: أردت لأقتلك!! هكذا بكل صراحة ووضوح، يا الله! ما حال هذه المرأة إذا قالت هذا القول أمام ملك من الملوك؟ لعلها لا تكمل قولها إلا وقد فارق رأسها جسدها، لكنها تقول ذلك أمام الرحمة المهداة، والنعمة المسجاة، أمام إمام الحُلماء، قالوا: ألا تقتلها؟ قال: ((لا)).

فهنيئاً لأحباب رسول الله حلم نبيهم يفتخرون به، ويتزينون بلباسه، وينشرونه بين العالمين، إثباتاً لمحبتهم، واتباعهم لنبيهم.

أي صفحة من صفحات التاريخ تلك التي حوت بين أسطرها أحلى سيرة لأعظم مخلوق؟ أي حقبة من الزمان تلك التي تشرفت ساعاتها بحياة أحلم إنسان؟ أي نسمات تلك التي استنشقت عبير حبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم؟ إنها لم تنعم بجسده أو بأنفاسه فقط بل تمتعت بكريم خُلِقه، وحُسْن سلوكه، وعظيم أفعاله، فقد كان صلى الله عليه وسلم ذا أخلاق  وسمات حميدة خرج بها إلى الدنيا ليكون للناس إماماً، ومعلماً، ورسولاً نبياً.
فها هو عليه الصلاة والسلام يعلم البشرية درساً من دروس الأخلاق وهو يرى ذلك الأعرابي يبول في المسجد، ويرى الصحابة رضوان الله عليهم قاموا لينهروه، فيأمرهم صلوات الله وسلامه عليه أن يتركوه حتى يتم بوله، ثم دعاه، وأخذ يبين له حرمة المساجد، فيقوم الأعرابي في الصلاة وهو يقول: "اللَّهُمَّ ارْحَمْنِي وَمُحَمَّدًا، وَلَا تَرْحَمْ مَعَنَا أَحَدًا" فبهذا الخلق العظيم دخل الناس في دين الله أفواجاً، فلم يكن عليه الصلاة والسلام يتعامل بهذه الأخلاق مع المسلمين فقط بل مع غيرهم، فقد دخل عليه اليهود يوماً ما، فقالوا: السَّامُ عَلَيْكُمْ (السام: الموت)، ففهمت عائشة رضي الله عنها قولهم، فقالت: وَعَلَيْكُمْ السَّامُ وَاللَّعْنَةُ، فَقَالَ لها النبي الحليم: ((مَهْلًا يَا عَائِشَةُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الرِّفْقَ فِي الْأَمْرِ كُلِّهِ))، فَقُالت عائشة: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَوَلَمْ تَسْمَعْ مَا قَالُوا؟! تستنكر كيف يخاطبون رسول الله بهذه اللهجة، وما كان رد صاحب القلب الرحيم، والنفس الطيبة؟ اكتفى بأن قَالَ: ((قَدْ قُلْتُ وَعَلَيْكُمْ))، أليس هو الذي قيل له: يَا رَسُولَ اللَّهِ ادْعُ عَلَى الْمُشْرِكِينَ، قَالَ: ((إِنِّي لَمْ أُبْعَثْ لَعَّانًا وَإِنَّمَا بُعِثْتُ رَحْمَةً))، فالرحمة شعاره، والحِلم دمه الذي يجري في عروقه بأبي هو وأمي.

يأتيه الطُفَيْلُ بْنُ عَمْرٍو الدَّوْسِيُّ وَأَصْحَابُهُ فيقولون: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ دَوْسًا عَصَتْ وَأَبَتْ فَادْعُ اللَّهَ عَلَيْهَا، وهم في تلك اللحظات ينتظرون تحرك شفة نبينا ليدعو على دوس فتكون نهايتهم، وبالفعل تحركت الشفتان لكنها لم تتحرك بالدعاء على دوس بل بالدعاء لهم، فقال: ((اللَّهُمَّ اهْدِ دَوْسًا وَأْتِ بِهِمْ))،وهل يُنتظر غير ذلك ممن أرسله الله رحمة للعالمين، ليعلمهم ويربيهم، ويهنؤوا بالاقتداء به، وبالعمل بأخلاقه، واتباع سلوكه.

إن من يتحمل أمر الدعوة إلى الله تعالى، وهداية الناس إلى الدين الحق لابد أن يكون صاحب أخلاق رفيعة تعينه على أداء مهمته، وتبليغ رسالته، وعلى أحسن خلق، وأجمل أدب، وقد نال نبينا محمد صلى الله عليه وسلم من كل ذلك أكمله وأرفعه، فهو الذي قال الله تعالى فيه: لَقَدْ جَاءكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ، ومن أبرز أخلاقه التي عُرف بها الحلم، وقد عرف ذلك القريب والبعيد، والمسلم والكافر، والحر والعبد، والصغير والكبير، فهاهو أعرابي يمسك بثياب النبي صلى الله عليه وسلم مسكاً شديداً حتى يظهر أثر الثياب على عنق النبي صلى الله عليه وسلم، وفوق ذلك يقول هذا الأعرابي:"مُرْ لِي مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي عِنْدَكَ" ماذا تريد تظن أن يفعل نبينا الكريم بهذا الأعرابي، ما زاد على أن الْتَفَتَ إِلَيْهِ فَضَحِكَ، ثُمَّ أَمَرَ لَهُ بِعَطَاءٍ!! لهذا فلينصت الملوك، وهنا فلتخر الجبابرة، وعند هذا فليقف الأقوياء.
 
إن رسولنا عليه الصلاة والسلام حلم حتى على من أراد قتله، فهاهو رجل يهم بقتل رسول الله، فيأخذ السيف، وقال للرسول صلى الله عليه وسلم: من يمنعك مني؟ مرتين، والنبي يجيبه في المرتين: الله، فرد الأعرابي السيف في الغمد، ويحكي النبي صلى الله عليه وسلم هذا الموقف لأصحابه، ويخبرهم بوجود الأعرابي ولم يأمر بأي عقاب أو حساب، صلوات الله وسلامه عليه، هو الذي جاءه أعرابي آخر يطالبه بدين، فَاشْتَدَّ عَلَيْهِ حَتَّى قَالَ لَهُ: أحرج عليك إلا قضيتني، أبهذه الكلمات يُتكلم مع رسول الله وأمام جمع من الصحابة؟! فانتهره الصحابة الكرام وقالوا: وَيْحَكَ تَدْرِي مَنْ تُكَلِّمُ؟! ويتابع ذلك نبينا الحبيب فيقول: ((هَلَّا مَعَ صَاحِبِ الْحَقِّ كُنْتُمْ))، ثم قضى الأعرابي حقه وزاده، فقال الأعرابي: "أَوْفَيْتَ أَوْفَى اللَّهُ لَكَ"، حلم عجيب نسمع عنه ولكننا لم نجد له مثيلاً؛ لأنه حلم من رباه ربه من فوق سبع سماوات.

هو الحليم صلى الله عليه وسلم حتى مع من يخدمونه، فها هو أنس بن مالك رضي الله عنه يقول: "خَدَمْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَشْرَ سِنِينَ فَمَا أَمَرَنِي بِأَمْرٍ فَتَوَانَيْتُ عَنْهُ أَوْ ضَيَّعْتُهُ فَلَامَنِي، فَإِنْ لَامَنِي أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ إِلَّا قَالَ: ((دَعُوهُ فَلَوْ قُدِّرَ أَنْ يَكُونَ كَانَ))، فمع ما كان عليه من الصفح والحلم فهو يأمر غيره بذلك، يعفو ويصفح، ويصبر ويحلم، لتعلم أمته من بعده أن من سبل نشر هذا الدين التزامنا بأحسن الأخلاق، فكلما التزمنا بذلك قُدْنا الأمم، وسُدْنا الشعوب.

2 + 1 =
Solve this simple math problem and enter the result. E.g. for 1+3, enter 4.