عضو جديد تسجيل دخول
 حق المسلم على المسلم عظيم قد بينه صلى الله عليه وسلم كما في حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: ((حق المسلم على المسلم ست))، قيل: ما هن يا رسول الله؟ قال: ((إذا لقيته فسلم عليه، وإذا دعاك فأجبه، وإذا استنصحك فانصح له، وإذا عطس فحمد الله فسمته-وفي رواية: فشمته - وإذا مرض فعده وإذا مات فاتبعه)).
26686
1 + 0 =
Solve this simple math problem and enter the result. E.g. for 1+3, enter 4.
1- قال تعالى: (فَإِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ حَتَّى إِذَا أَثْخَنتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاء) (محمد:4).
2- وقال تعالى: (وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا) (الإنسان:8).
3- وقال تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّمَن فِي أَيْدِيكُم مِّنَ الأَسْرَى إِن يَعْلَمِ اللّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْرًا يُؤْتِكُمْ خَيْرًا مِّمَّا أُخِذَ مِنكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ )(الأنفال:70).
4- قال قتادة: لقد أمر الله بالأسراء أن يحسن إليهم، وإن أسراهم يومئذ لأهل الشرك" رواه الطبري في تفسيره(29/209).
5- وعَنْ أَبِي عَزِيزِ بْنِ عُمَيْرِ ابْنِ أَخِي مُصْعَبِ بْنِ عُمَيْرٍ قَالَ: كُنْتُ فِي الأُسَارَى يَوْمَ بَدْرٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((اسْتَوْصُوا بِالأُسَارَى خَيْرًا))، وَكُنْتُ فِي نَفَرٍ مِنَ الأَنْصَارِ، فَكَانُوا إِذَا قَدِمُوا غَدَاءَهُمْ، أَوْ عَشَاءَهُمْ أَكَلُوا التَّمْرَ، وَأَطْعَمُونِي الْخُبْزَ بِوَصِيَّةِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِيَّاهُمْ. رواه الطبراني في المعجم الصغير (409) والكبير(977) وقال الهيثمي:"إسناده حسن" مجمع الزوائد، (10007).
6- وعن نبيه بن وهب أخو بني عبد الدار أن رسول الله صلى الله عليه و سلم حين أقبل بالأسارى فرقهم في أصحابه وقال: ((استوصوا بالأسارى خيرا)) قال: وكان أبو عزيز بن عمير بن هاشم أخو مصعب بن عمير لأبيه وأمه في الأسارى، قال: وكنت في رهط من الأنصار حين أقبلوا بي من بدر، فكانوا إذا قدموا غداءهم وعشاءهم خصوني بالخبز وأكلوا التمر لوصية رسول الله صلى الله عليه وسلم إياهم بنا، ما تقع في يد رجل منهم كسرة من الخبز إلا نفحني بها، قال فأستحي فأردها على أحدهم، فيردها علي ما يمسها. رواه الطبري في تاريخه (2/39).
7- وعن الزهري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((استوصوا بالأسرى خيراً)). فقال أبو العاص بن الربيع: كنت مع رهط من الأنصار جزاهم الله خيراً، كنا إذا تعشينا أو تغدينا آثروني بالخبز وأكلوا التمر، والخبز معهم قليل، والتمر زادهم، حتى إن الرجل لتقع في يده الكسرة فيدفعها إليّ، وكان الوليد بن الوليد بن المغيرة يقول مثل ذلك ويزيد: كانوا يحملوننا ويمشون. رواه الواقدي (1/119).
8- وقال رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ في بني قريظة: ((أَحْسِنُوا إسَارَهُمْ وَقَيّلُوهُمْ وَأَسْقُوهُمْ حَتّى يُبْرِدُوا، فَتَقْتُلُوا مَنْ بَقِيَ، لَا تَجْمَعُوا عَلَيْهِمْ حَرّ الشّمْسِ وَحَرّ السّلَاحِ)) وَكَانَ يَوْمًا صَائِفًا، فَقَيّلُوهُمْ وَأَسْقَوْهُمْ وَأَطْعِمُوهُمْ فَلَمّا أَبْرَدُوا رَاحَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ يَقْتُلُ مَنْ بَقِيَ. رواه الواقدي في المغازي (1/515).
9- وعن أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قال: بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيْلًا قِبَلَ نَجْدٍ فَجَاءَتْ بِرَجُلٍ مِنْ بَنِي حَنِيفَةَ يُقَالُ لَهُ: ثُمَامَةُ بْنُ أُثَالٍ سَيِّدُ أَهْلِ الْيَمَامَةِ، فَرَبَطُوهُ بِسَارِيَةٍ مِنْ سَوَارِي الْمَسْجِدِ، فَخَرَجَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: ((مَاذَا عِنْدَكَ يَا ثُمَامَةُ؟)) فَقَالَ: عِنْدِي يَا مُحَمَّدُ خَيْرٌ إِنْ تَقْتُلْ تَقْتُلْ ذَا دَمٍ، وَإِنْ تُنْعِمْ تُنْعِمْ عَلَى شَاكِرٍ، وَإِنْ كُنْتَ تُرِيدُ الْمَالَ فَسَلْ تُعْطَ مِنْهُ مَا شِئْتَ، فَتَرَكَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى كَانَ بَعْدَ الْغَدِ فَقَالَ: ((مَا عِنْدَكَ يَا ثُمَامَةُ؟)) قَالَ: مَا قُلْتُ لَكَ، إِنْ تُنْعِمْ تُنْعِمْ عَلَى شَاكِرٍ، وَإِنْ تَقْتُلْ تَقْتُلْ ذَا دَمٍ، وَإِنْ كُنْتَ تُرِيدُ الْمَالَ فَسَلْ تُعْطَ مِنْهُ مَا شِئْتَ، فَتَرَكَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى كَانَ مِنْ الْغَدِ فَقَالَ: ((مَاذَا عِنْدَكَ يَا ثُمَامَةُ؟)) فَقَالَ: عِنْدِي مَا قُلْتُ لَكَ: إِنْ تُنْعِمْ تُنْعِمْ عَلَى شَاكِرٍ وَإِنْ تَقْتُلْ تَقْتُلْ ذَا دَمٍ وَإِنْ كُنْتَ تُرِيدُ الْمَالَ فَسَلْ تُعْطَ مِنْهُ مَا شِئْتَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((أَطْلِقُوا ثُمَامَةَ)) فَانْطَلَقَ إِلَى نَخْلٍ قَرِيبٍ مِنْ الْمَسْجِدِ فَاغْتَسَلَ ثُمَّ دَخَلَ الْمَسْجِدَ فَقَالَ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، يَا مُحَمَّدُ وَاللَّهِ مَا كَانَ عَلَى الْأَرْضِ وَجْهٌ أَبْغَضَ إِلَيَّ مِنْ وَجْهِكَ، فَقَدْ أَصْبَحَ وَجْهُكَ أَحَبَّ الْوُجُوهِ كُلِّهَا إِلَيَّ، وَاللَّهِ مَا كَانَ مِنْ دِينٍ أَبْغَضَ إِلَيَّ مِنْ دِينِكَ، فَأَصْبَحَ دِينُكَ أَحَبَّ الدِّينِ كُلِّهِ إِلَيَّ، وَاللَّهِ مَا كَانَ مِنْ بَلَدٍ أَبْغَضَ إِلَيَّ مِنْ بَلَدِكَ، فَأَصْبَحَ بَلَدُكَ أَحَبَّ الْبِلَادِ كُلِّهَا إِلَيَّ، وَإِنَّ خَيْلَكَ أَخَذَتْنِي وَأَنَا أُرِيدُ الْعُمْرَةَ فَمَاذَا تَرَى؟ فَبَشَّرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَمَرَهُ أَنْ يَعْتَمِرَ، فَلَمَّا قَدِمَ مَكَّةَ قَالَ لَهُ قَائِلٌ: أَصَبَوْتَ؟ فَقَالَ: لَا وَلَكِنِّي أَسْلَمْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَا وَاللَّهِ لَا يَأْتِيكُمْ مِنْ الْيَمَامَةِ حَبَّةُ حِنْطَةٍ حَتَّى يَأْذَنَ فِيهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. رواه البخاري (4372). ومسلم واللفظ له(1764).
10-  وعن أبى هريرة رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم لأبي الهَيثَم: ((هل لَكَ خادمٌ؟)) قال: لا. قال: ((فإذا أَتَانَا سَبْي فَأتِنَا)) فأُتِيَ النبي صلى الله عليه وسلم بِرَأسَين لَيسَ معهُما ثَالثٌ فأتاه أبو الهيثم، قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((اختَر مِنْهُما)) قال: يا رسول الله اختر لي. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((إنَّ المُستَشَارَ مُؤتَمَنٌ، خُذ هَذا فإني رأيتُه يُصَلي واستَوصِ به خَيراً)) فقالت امرأتُةُ: ما أَنتَ بِبَالغ ما قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم إلا أنْ تُعْتِقَهُ. قال: فهو عَتِيقٌ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((إنَّ الله لَم يَبْعَث نَبِياً ولا خَلِيفَةً إلا وَلَهُ بِطَانَتَان: بِطَانَةٌ تَأمُرَهُ بالمَعروفِ وتَنْهَاهُ عَن المُنْكَر، وبِطَانَةٌ لا تَألُوهُ خَبَالًا، وَمن يُوقَ بِطَانَةَ السُّوء فَقَد وُقي)) رواه البخاري في الأدب المفرد (256) وصححه الألباني.
11- وفي رواية: أنت حر لوجه الله، ولك سهم من مالي. رواه البيهقي في الشعب(4286).
12- وعَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزّبَيْرِ في غزوة بدر، قال: فَأَصَابُوا رَاوِيَةً لِقُرَيْشٍ فِيهَا أَسْلَمَ، غُلَامُ بَنِي الْحَجّاجِ وَعَرِيضٌ أَبُو يَسَارٍ، غُلَامُ بَنِي الْعَاصِ بْنِ سَعِيدٍ فَأَتَوْا بِهِمَا فَسَأَلُوهُمَا، وَرَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ قَائِمٌ يُصَلّي، فَقَالَا: نَحْنُ سُقَاةُ قُرَيْشٍ، بَعَثُونَا نَسْقِيهِمْ مِنْ الْمَاءِ. فَكَرِهَ الْقَوْمُ خَبَرَهُمَا، وَرَجَوْا أَنْ يَكُونَا لِأَبِي سُفْيَانَ فَضَرَبُوهُمَا. فَلَمّا أَذْلَقُوهُمَا قَالَا: نَحْنُ لِأَبِي سُفْيَانَ فَتَرَكُوهُمَا. وَرَكَعَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَسَجَدَ سَجْدَتَيْهِ ثُمّ سَلّمَ وَقَالَ: ((إذَا صَدَقَاكُمْ ضَرَبْتُمُوهُمَا، وَإِذَا كَذَبَاكُمْ تَرَكْتُمُوهُمَا، صَدَقَا وَاَللّهِ إنّهُمَا لِقُرَيْشِ)) رواه ابن هشام في السيرة(1/616).
13- وعن جَابِر بْن عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمَ بَدْرٍ أُتِيَ بِأُسَارَى وَأُتِيَ بِالْعَبَّاسِ وَلَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ ثَوْبٌ فَنَظَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهُ قَمِيصًا فَوَجَدُوا قَمِيصَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ يَقْدُرُ عَلَيْهِ فَكَسَاهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِيَّاهُ، فَلِذَلِكَ نَزَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَمِيصَهُ الَّذِي أَلْبَسَهُ، قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: كَانَتْ لَهُ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدٌ فَأَحَبَّ أَنْ يُكَافِئَهُ. رواه البخاري (3008)
14- وعن جَابِر بْن عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قال: غَزَونا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قِبَلَ نَجْدٍ، فَلَمَّا قَفَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَفَلَ مَعَهُ فَأَدْرَكَتْهُمْ الْقَائِلَةُ فِي وَادٍ كَثِيرِ الْعِضَاهِ، فَنَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَفَرَّقَ النَّاسُ يَسْتَظِلُّونَ بِالشَّجَرِ، فَنَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَحْتَ سَمُرَةٍ وَعَلَّقَ بِهَا سَيْفَهُ وَنِمْنَا نَوْمَةً فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدْعُونَا، وَإِذَا عِنْدَهُ أَعْرَابِيٌّ، فَقَالَ: ((إِنَّ هَذَا اخْتَرَطَ عَلَيَّ سَيْفِي وَأَنَا نَائِمٌ فَاسْتَيْقَظْتُ وَهُوَ فِي يَدِهِ صَلْتًا، فَقَالَ: مَنْ يَمْنَعُكَ مِنِّي فَقُلْتُ اللَّهُ)) ثَلَاثًا، وَلَمْ يُعَاقِبْهُ، وَجَلَسَ. رواه البخاري (2910).
15- وعن سعيد بن المسيب وعروة بن الزبير قالا: زعموا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر رجلاً أن يقدم مكة فيشتري للسبي ثياب المعقد (ثياب المعقد: المُعَقَّدُ: ضَرْبٌ من بُرُودِ هَجَرَ) فلا يخرج الحر منهم إلا كاسياً. رواه البيهقي في دلائل النبوة (5/193).
16- وعن ابْنَ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قال: حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ بَدْرٍ نَظَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْمُشْرِكِينَ وَهُمْ أَلْفٌ وَأَصْحَابُهُ ثَلَاثُ مِائَةٍ وَتِسْعَةَ عَشَرَ رَجُلًا فَاسْتَقْبَلَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْقِبْلَةَ ثُمَّ مَدَّ يَدَيْهِ فَجَعَلَ يَهْتِفُ بِرَبِّهِ: ((اللَّهُمَّ أَنْجِزْ لِي مَا وَعَدْتَنِي اللَّهُمَّ آتِ مَا وَعَدْتَنِي، اللَّهُمَّ إِنْ تُهْلِكْ هَذِهِ الْعِصَابَةَ مِنْ أَهْلِ الْإِسْلَامِ لَا تُعْبَدْ فِي الْأَرْضِ)) فَمَا زَالَ يَهْتِفُ بِرَبِّهِ مَادًّا يَدَيْهِ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ حَتَّى سَقَطَ رِدَاؤُهُ عَنْ مَنْكِبَيْهِ فَأَتَاهُ أَبُو بَكْرٍ فَأَخَذَ رِدَاءَهُ فَأَلْقَاهُ عَلَى مَنْكِبَيْهِ ثُمَّ الْتَزَمَهُ مِنْ وَرَائِهِ وَقَالَ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ كَفَاكَ مُنَاشَدَتُكَ رَبَّكَ فَإِنَّهُ سَيُنْجِزُ لَكَ مَا وَعَدَكَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنْ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ فَأَمَدَّهُ اللَّهُ بِالْمَلَائِكَةِ قَالَ أَبُو زُمَيْلٍ فَحَدَّثَنِي ابْنُ عَبَّاسٍ قَالَ: بَيْنَمَا رَجُلٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ يَوْمَئِذٍ يَشْتَدُّ فِي أَثَرِ رَجُلٍ مِنْ الْمُشْرِكِينَ أَمَامَهُ إِذْ سَمِعَ ضَرْبَةً بِالسَّوْطِ فَوْقَهُ وَصَوْتَ الْفَارِسِ يَقُولُ أَقْدِمْ حَيْزُومُ، فَنَظَرَ إِلَى الْمُشْرِكِ أَمَامَهُ فَخَرَّ مُسْتَلْقِيًا، فَنَظَرَ إِلَيْهِ فَإِذَا هُوَ قَدْ خُطِمَ أَنْفُهُ وَشُقَّ وَجْهُهُ كَضَرْبَةِ السَّوْطِ، فَاخْضَرَّ ذَلِكَ أَجْمَعُ، فَجَاءَ الْأَنْصَارِيُّ فَحَدَّثَ بِذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: ((صَدَقْتَ ذَلِكَ مِنْ مَدَدِ السَّمَاءِ الثَّالِثَةِ)) فَقَتَلُوا يَوْمَئِذٍ سَبْعِينَ وَأَسَرُوا سَبْعِينَ، قَالَ أَبُو زُمَيْلٍ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فَلَمَّا أَسَرُوا الْأُسَارَى قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ: ((مَا تَرَوْنَ فِي هَؤُلَاءِ الْأُسَارَى))، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ هُمْ بَنُو الْعَمِّ وَالْعَشِيرَةِ أَرَى أَنْ تَأْخُذَ مِنْهُمْ فِدْيَةً فَتَكُونُ لَنَا قُوَّةً عَلَى الْكُفَّارِ فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُمْ لِلْإِسْلَامِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((مَا تَرَى يَا ابْنَ الْخَطَّابِ)) قُلْتُ: لَا وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا أَرَى الَّذِي رَأَى أَبُو بَكْرٍ وَلَكِنِّي أَرَى أَنْ تُمَكِّنَّا فَنَضْرِبَ أَعْنَاقَهُمْ، فَتُمَكِّنَ عَلِيًّا مِنْ عَقِيلٍ فَيَضْرِبَ عُنُقَهُ، وَتُمَكِّنِّي مِنْ فُلَانٍ نَسِيبًا لِعُمَرَ فَأَضْرِبَ عُنُقَهُ، فَإِنَّ هَؤُلَاءِ أَئِمَّةُ الْكُفْرِ وَصَنَادِيدُهَا، فَهَوِيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا قَالَ أَبُو بَكْرٍ وَلَمْ يَهْوَ مَا قُلْتُ، فَلَمَّا كَانَ مِنْ الْغَدِ جِئْتُ فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبُو بَكْرٍ قَاعِدَيْنِ يَبْكِيَانِ، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَخْبِرْنِي مِنْ أَيِّ شَيْءٍ تَبْكِي أَنْتَ وَصَاحِبُكَ؟ فَإِنْ وَجَدْتُ بُكَاءً بَكَيْتُ وَإِنْ لَمْ أَجِدْ بُكَاءً تَبَاكَيْتُ لِبُكَائِكُمَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((أَبْكِي لِلَّذِي عَرَضَ عَلَيَّ أَصْحَابُكَ مِنْ أَخْذِهِمْ الْفِدَاءَ لَقَدْ عُرِضَ عَلَيَّ عَذَابُهُمْ أَدْنَى مِنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ)) شَجَرَةٍ قَرِيبَةٍ مِنْ نَبِيِّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ إِلَى قَوْلِهِ: فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلَالًا طَيِّبًا فَأَحَلَّ اللَّهُ الْغَنِيمَةَ لَهُمْ رواه مسلم (1763).
17- وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: كَانَ نَاسٌ مِنْ الْأَسْرَى يَوْمَ بَدْرٍ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ فِدَاءٌ فَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِدَاءَهُمْ أَنْ يُعَلِّمُوا أَوْلَادَ الْأَنْصَارِ الْكِتَابَةَ قَالَ: فَجَاءَ يَوْمًا غُلَامٌ يَبْكِي إِلَى أَبِيهِ، فَقَالَ: مَا شَأْنُكَ، قَالَ: ضَرَبَنِي مُعَلِّمِي، قَالَ: الْخَبِيثُ يَطْلُبُ بِذَحْلِ [ثأر] بَدْرٍ، وَاللَّهِ لَا تَأْتِيهِ أَبَدًا. رواه أحمد (2217) وحسنه الأرنوؤط.
18-وعن جبيرٍ بن مطعم رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فِي أُسَارَى بَدْرٍ: ((لَوْ كَانَ الْمُطْعِمُ بْنُ عَدِيٍّ حَيًّا ثُمَّ كَلَّمَنِي فِي هَؤُلَاءِ النَّتْنَى لَتَرَكْتُهُمْ لَهُ)) رواه البخاري(3139).
19- وعَنْ رَجُلٍ مِنْ الْأَنْصَارِ قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي جَنَازَةٍ فَرَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ عَلَى الْقَبْرِ يُوصِي الْحَافِرَ ((أَوْسِعْ مِنْ قِبَلِ رِجْلَيْهِ أَوْسِعْ مِنْ قِبَلِ رَأْسِهِ)) فَلَمَّا رَجَعَ اسْتَقْبَلَهُ دَاعِي امْرَأَةٍ فَجَاءَ وَجِيءَ بِالطَّعَامِ فَوَضَعَ يَدَهُ ثُمَّ وَضَعَ الْقَوْمُ فَأَكَلُوا فَنَظَرَ آبَاؤُنَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَلُوكُ لُقْمَةً فِي فَمِهِ ثُمَّ قَالَ: ((أَجِدُ لَحْمَ شَاةٍ أُخِذَتْ بِغَيْرِ إِذْنِ أَهْلِهَا))، فَأَرْسَلَتْ الْمَرْأَةُ قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أَرْسَلْتُ إِلَى الْبَقِيعِ يَشْتَرِي لِي شَاةً فَلَمْ أَجِدْ فَأَرْسَلْتُ إِلَى جَارٍ لِي قَدْ اشْتَرَى شَاةً أَنْ أَرْسِلْ إِلَيَّ بِهَا بِثَمَنِهَا، فَلَمْ يُوجَدْ فَأَرْسَلْتُ إِلَى امْرَأَتِهِ فَأَرْسَلَتْ إِلَيَّ بِهَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((أَطْعِمِيهِ الْأُسَارَى)). رواه أبو داود(3332)،وأحمد(2203)، وصححه الألباني.
20- وعن سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ رضي الله عنه قَالَ: غَزَوْنَا مَعَ أَبِي بَكْرٍ هَوَازِنَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَنَفَّلَنِي جَارِيَةً مِنْ بَنِي فَزَارَةَ مِنْ أَجْمَلِ الْعَرَبِ عَلَيْهَا قَشْعٌ لَهَا، فَمَا كَشَفْتُ لَهَا عَنْ ثَوْبٍ حَتَّى أَتَيْتُ الْمَدِينَةَ، فَلَقِيَنِي النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي السُّوقِ فَقَالَ: ((لِلَّهِ أَبُوكَ هَبْهَا لِي)) فَوَهَبْتُهَا لَهُ فَبَعَثَ بِهَا فَفَادَى بِهَا أُسَارَى مِنْ أُسَارَى الْمُسْلِمِينَ كَانُوا بِمَكَّةَ. رواه ابن ماجه(2846)، وحسنه الألباني.
21- وعن عبد الله بن الزبير قال: كانت قريش ناحت قتلاها ثم ندمت، وقالوا: لا تنوحوا عليهم فيبلغ ذلك محمداً وأصحابه فيشمتوا بكم، وكان في الأسرى: أبو وداعة بن صبيرة السهمي فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن له بمكة ابناً تاجراً كيساً ذا مال كأنكم قد جاءكم في فداء أبيه))، فلما قالت قريش في الفداء ما قالت قال المطلب: صدقتم والله لئن فعلتم ليتأربن عليكم، ثم انسل من الليل فقدم المدينة ففدى أباه بأربعة آلاف درهم. قال الهيثمي:"رواه الطبراني ورجاله ثقات" مجمع الزوائد(10021).
22-  وعَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ قَالَ: كَانَتْ ثَقِيفُ حُلَفَاءَ لِبَنِى عُقَيْلٍ فَأَسَرَتْ ثَقِيفُ رَجُلَيْنِ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَسَرَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلًا مِنْ بَنِي عُقَيْلٍ وَأَصَابُوا مَعَهُ الْعَضْبَاءَ، فَأَتَى عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ فِي الْوَثَاقِ، قَالَ: يَا مُحَمَّدُ فَأَتَاهُ، فَقَالَ: مَا شَأْنُكَ؟ فَقَالَ: بِمَ أَخَذْتَنِي وَبِمَ أَخَذْتَ سَابِقَةَ الْحَاجِّ؟ فَقَالَ إِعْظَامًا لِذَلِكَ: أَخَذْتُكَ بِجَرِيرَةِ حُلَفَائِكَ ثَقِيفَ، ثُمَّ انْصَرَفَ عَنْهُ فَنَادَاهُ فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ يَا مُحَمَّدُ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَحِيمًا رَقِيقًا فَرَجَعَ إِلَيْهِ فَقَالَ: مَا شَأْنُكَ؟ قَالَ: إِنِّي مُسْلِمٌ، قَالَ: لَوْ قُلْتَهَا وَأَنْتَ تَمْلِكُ أَمْرَكَ أَفْلَحْتَ كُلَّ الْفَلَاحِ، ثُمَّ انْصَرَفَ فَنَادَاهُ فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ يَا مُحَمَّدُ فَأَتَاهُ فَقَالَ: مَا شَأْنُكَ؟ قَالَ: إِنِّي جَائِعٌ فَأَطْعِمْنِي، وَظَمْآنُ فَأَسْقِنِي، قَالَ: هَذِهِ حَاجَتُكَ، فَفُدِيَ بِالرَّجُلَيْنِ قَالَ: وَأُسِرَتْ امْرَأَةٌ مِنْ الْأَنْصَارِ وَأُصِيبَتْ الْعَضْبَاءُ، فَكَانَتْ الْمَرْأَةُ فِي الْوَثَاقِ، وَكَانَ الْقَوْمُ يُرِيحُونَ نَعَمَهُمْ بَيْنَ يَدَيْ بُيُوتِهِمْ، فَانْفَلَتَتْ ذَاتَ لَيْلَةٍ مِنْ الْوَثَاقِ فَأَتَتْ الْإِبِلَ فَجَعَلَتْ إِذَا دَنَتْ مِنْ الْبَعِيرِ رَغَا فَتَتْرُكُهُ حَتَّى تَنْتَهِيَ إِلَى الْعَضْبَاءِ، فَلَمْ تَرْغُ، قَالَ: وَنَاقَةٌ مُنَوَّقَةٌ فَقَعَدَتْ فِي عَجُزِهَا ثُمَّ زَجَرَتْهَا فَانْطَلَقَتْ، وَنَذِرُوا بِهَا فَطَلَبُوهَا فَأَعْجَزَتْهُمْ، قَالَ: وَنَذَرَتْ لِلَّهِ إِنْ نَجَّاهَا اللَّهُ عَلَيْهَا لَتَنْحَرَنَّهَا، فَلَمَّا قَدِمَتْ الْمَدِينَةَ رَآهَا النَّاسُ فَقَالُوا: الْعَضْبَاءُ نَاقَةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَتْ: إِنَّهَا نَذَرَتْ إِنْ نَجَّاهَا اللَّهُ عَلَيْهَا لَتَنْحَرَنَّهَا، فَأَتَوْا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرُوا ذَلِكَ لَهُ فَقَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ بِئْسَمَا جَزَتْهَا نَذَرَتْ لِلَّهِ إِنْ نَجَّاهَا اللَّهُ عَلَيْهَا لَتَنْحَرَنَّهَا، لَا وَفَاءَ لِنَذْرٍ فِي مَعْصِيَةٍ وَلَا فِيمَا لَا يَمْلِكُ الْعَبْدُ. رواه مسلم(1641).
23- وعن علي رضي الله عنه قال: أصبت جارية من السبي معها ابن لها فأردت أن أبيعها وأمسك ابنها فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((بعهما جميعاً أو أمسكهما جميعا)) رواه البيهقي (18087) 

وعن أبي أسيد الأنصاري أنه قدم بسبي من البحرين فصفوا فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فنظر عليهم فإذا امرأة تبكي فقال: ((ما يبكيك؟)) فقالت: بيع ابني في بني عبس، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي أسيد: ((لتركبن فلتجئين به)) فركب أبو أسيد فجاء به. رواه الحاكم(6193) وقال:حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه. والبيهقي(18771) وقال:"هذا وإن كان فيه إرسال فهو مرسل حسن".

لقد وضع الإسلام للحروب، نظاماً متميزاً، وتفصيلاً دقيقاً لأسبابها، ووسائلها، وغاياتها، ومن ينظر لأحكام الحرب في الإسلام، يرى أنه كان له قدم السبق في تنظيم هذه الأمور، فلا عجب، ولا غرابة من دين اتسم بالرحمة والإنسانية، أن يفرض الرحمة والإنسانية في معاملة أسرى الحرب، في وقت كانت فيه جميع الأمم الأخرى تقتل الأسرى، أو تستعبدهم.
ومن يتأمل تعامله صلى الله عليه وسلم مع الأسرى وحقوقهم يلحظ بجلاء أنه أرسل رحمة للعالمين، فمن تعامله معهم أنه كان لا يأخذ أي أسير، وإنما أسير الحرب، وكان يأمر بمعاملتهم معاملة حسنة تليق بهم، كما قال تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّمَن فِي أَيْدِيكُم مِّنَ الأَسْرَى إِن يَعْلَمِ اللّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْرًا يُؤْتِكُمْ خَيْرًا مِّمَّا أُخِذَ مِنكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ)، فإذا كان الله تعالى يعد الأسرى الذين في قلوبهم خير بالعفو والمغفرة، فإن المسلمين لا يملكون بعد هذا إلا معاملتهم بأقصى درجة ممكنة من الرحمة والإنسانية.
لقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يأمر بإطعامهم، وعدم تجويعهم، بل ربما كان يطعمهم، ويرويهم بيده صلى الله عليه وسلم، وكان صلى الله عليه وسلم يقول: ((استوصوا بالأسارى خيراً))، فلما سمع الصحابة هذه الوصية من النبي صلى الله عليه وسلم آثروا الأسارى بطعامهم وأكرموهم أيما إكرام، يقول أبو عزيز بن عمير أخو مصعب بن عمير: كنت في الأسرى يوم بدر، وكنت في رهط من الأنصار حين أقبلوا بي من بدر، فكانوا إذا قدموا غداءهم، وعشاءهم، خصوني بالخبز، وأكلوا التمر؛ لوصية رسول الله صلى الله عليه وسلم إياهم بنا، ما تقع في يد رجل منهم كسرة خبز؛ إلا نفحني بها، قال: فأستحيي، فأردها على أحدهم، فيردها عليّ ما يمسها.
ومن رحمته صلى الله عليه وسلم بهم أنه كان ينهى أن يُجمع عليهم عذابان في الأسر، فلما رأى أسرى يهود بني قريظة موقوفين في العراء، في ظهيرة يوم قائظ (شديد الحر)، قال مخاطباً المسلمين المكلفين بحراستهم: ((لا تجمعوا عليهم حرّ هذا اليوم، وحرّ السلاح، قَيّلوهم حتى يبردوا)).

 

تشتعل الحروب بين البشر، فينتج عنها القتلى والأسرى، فتختلف معاملة الأسرى من عصر إلى آخر، وعامة الأمم كان تعاملها مع الأسرى مبنياً على التعذيب، والإيذاء، والقتل، أما تعامل الإسلام، فقد جلاه النبي صلى الله عليه وسلم بتعامله.
فمن ذلك: أن النبي صلى الله عليه وسلم منَّ على بعض الأسرى بإطلاقهم، وفادى بعض أسرى بدر بالأموال وغيرها، رغم عدائهم للنبي صلى الله عليه وسلم ولدينه.
لقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يأمر بحسن معاملة الأسرى، والرفق بهم، وعدم إيذائهم، أو التعرُّض لما يجرح كرامتهم، فعندما أسر المسلمون ثمامة بن أثال سيد أهل اليمامة، كان النبي صلى الله عليه وسلم يكرمه، ويحسن له في القول، ثم أطلقه ومنّ عليه، فكانت هذه المعاملة الحسنة سببا في إسلامه، ولو أنه رأى جفاء في المعاملة، أو تعذيبًا ما فكر لحظة في أن يدخل في هذا الدين.
لقد بلغ من حسن تعامله صلى الله عليه وسلم أنه كان يأمر أصحابه بالإحسان إلى أسراهم، فبلغت الاستجابة من الصحابة رضي الله عنهم أن يعفو عن أسراهم وربما أعطوهم الأموال، فعندما أعطى النبي صلى الله عليه وسلم أبا الهيثم بن التيهان أسيراً، وأوصاه به خيرًا فقال أبو الهيثم لأسيره: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أوصاني بك خيرًا، فأنت حُرٌّ لوجه الله، ولك سهم من مالي.
ومن تعامله صلى الله عليه وسلم معهم أنه نهى عن إيذائهم، والإضرار بهم، وإذا تعين عليهم الفداء ولم يجدوا ما يفادوا به أنفسهم فإنه يجعل فدائهم أن يعلموا أولاد أصحابه الكتابة، كما حصل في أسرى بدر.
لا توجد حضارة من الحضارات القديمة والحديثة أحسنت تعامل الأسرى كالإسلام، لقد كانت تلك الأمم تقوم بقتل الأسير، وتشويه جسده، وتعذيبه بالنار، انتقامًا من الدولة المحاربة.
أما هديه صلى الله عليه وسلم فقد كان أروع هدي وأزكاه، وكيف لا وهو الرحمة المهداة، لقد كانت القاعدة العامة التي حث عليها الرسول صلى الله عليه وسلم في أول غزوة غنم فيها المسلمون أسرى هي: ((استوصُوا بهم خيرًا)) ولقد تمثل حسن تعامله معهم في مجموعة من المظاهر التي تُنبىء عن قلب ملؤه الرحمة، وعن مشاعر فاضت بالعطف، والحنان.
لقد كان من تعامله معهم أنه كان يأمر بإطعامهم، يقول ابن عباس رضي الله عنهما:"أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه يوم بدر أن يُكرموا الأُسَارى، فكانوا يُقَدِّمُونهم على أنفسهم عند الغداء".
وكان صلى الله عليه وسلم يأمر لهم بالكساء، ولما أتي بالأسارى، يوم بدر، وفيهم عمه العباس، ولم يكن عليه ثوب؛ كساه النبي صلى الله عليه وسلم ثوب عبد الله بن أبي.
ومن حسن تعامله صلى الله عليه وسلم أنه كان يوفر لهم المأوى المناسب، إما في المسجد كما صنع مع ثمامة، وإما أن يؤويهم الصحابة في منازلهم.
ومن روائع مواقفه صلى الله عليه وسلم أنه كان يحترم مشاعرهم الإنسانية احترماً كبيراً، فنهى أن يفرق في الأسر بين والدة وولدها، ومن صور هذه المشاعر أن أبا أُسَيْدٍ الأنصاري رضي الله عنه جاء بسبي من البحرين فَصُفُّوا، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنظر إليهم؛ فإذا امرأة تبكي؛ فقال: ((ما يُبْكِيكَ)) فقالت: بِيعَ ابني في بني عبس؛ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي أسيد: ((لَتَرْكَبَنَّ فَلَتَجِيئَنَّ به)) فركب أبو أسيد فجاء به.
لقد رَقَّ قلب رسول الله صلى الله عليه وسلم للمرأة الأسيرة، فأرسل أحد جنوده إلى بلد بعيد ليأتي بابنها، حتى يهدأ بالها، وتجفّ دموعها! هل هناك قائد عسكريٌّ في العالم ينتصر في معركة، فيشغل نفسه وجنوده لإسعاد امرأة أسيرة بسيطة لا يعرفها أحد؟! صدق الله تعالى إذ يقول: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ)(الأنبياء: 107). 
2 + 1 =
Solve this simple math problem and enter the result. E.g. for 1+3, enter 4.