عضو جديد | تسجيل دخول |
-
- صبره صلى الله عليه وسلم
- صدقه صلى الله عليه وسلم
- رحمته صلى الله عليه وسلم
- رفقه ولينة صلى الله عليه وسلم
- كرمه صلى الله عليه وسلم
- حياؤه صلى الله عليه وسلم
- تواضعه صلى الله عليه وسلم
- زهده صلى الله عليه وسلم
- أمانته صلى الله عليه وسلم
- إخلاصه صلى الله عليه وسلم
- وفاؤه صلى الله عليه وسلم
- حلمه صلى الله عليه وسلم
- ذكاؤه صلى الله عليه وسلم
- شجاعته صلى الله عليه وسلم
- رفقه صلى الله عليه وسلم بالحيوان
-
- نسبه صلى الله عليه وسلم
- خِلقته صلى الله عليه وسلم
- زوجاته صلى الله عليه وسلم
- أولاده صلى الله عليه وسلم
- خدمه صلى الله عليه وسلم
- غزواته صلى الله عليه وسلم
- كُتَّابه صلى الله عليه وسلم
- مُؤذِّنوه صلى الله عليه وسلم
- حُرَّاسه صلى الله عليه وسلم
- شعراؤه صلى الله عليه وسلم
- بيته صلى الله عليه وسلم
- دوابه صلى الله عليه وسلم
- سيوفه صلى الله عليه وسلم
- لباسه صلى الله عليه وسلم
4143
1- (وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِبَاساً وَالنَّوْمَ سُبَاتاً وَجَعَلَ النَّهَارَ نُشُوراً) (الفرقان:47).
2- (وَمِن رَّحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِن فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) (القصص:73).
3- (وَمِنْ آيَاتِهِ مَنَامُكُم بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَابْتِغَاؤُكُم مِّن فَضْلِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَسْمَعُونَ) (الروم:23).
4- (اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) (الزمر:42).
5- (وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتاً * وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِبَاساً) (النبأ:9-10).
6- وعن حفصة رضي الله عنها زوج النبي صلى الله عليه وسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا أراد أن يرقد وضع يده اليمنى تحت خده، ثم يقول: ((اللهم قني عذابك يوم تبعث عبادك)) ثلاث مرار" أبو داود برقم (5045)، وصححه الألباني في صحيح الجامع برقم (4656).
7- وعن أبي ذر رضي الله عنه قال: "كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أخذ مضجعه من الليل قال: ((اللهم باسمك أموت وأحيا))، فإذا استيقظ قال: ((الحمد لله الذي أحيانا بعد ما أماتنا وإليه النشور))" البخاري برقم (6325) واللفظ له، ومسلم برقم (2711).
8- وعن عائشة رضي الله عنها قالت: "كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أوى إلى فراشه كل ليلة جمع كفيه، ثم نفث فيهما فقرأ فيهما: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ(الإخلاص:1)، وقُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ(الفلق:1)، وقُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ(الناس:1)، ثم يمسح بهما ما استطاع من جسده يبدأ بهما على رأسه، ووجهه، وما أقبل من جسده يفعل ذلك ثلاث مرات" البخاري برقم (5018).
9- وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أوى إلى فراشه قال: ((الحمد لله الذي أطعمنا وسقانا، وكفانا وآوانا، فكم ممن لا كافي له ولا مؤوي))" مسلم برقم (2715).
10- وعن أبي قتادة رضي الله عنه قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كان في سفر فعرَّس- التعريس نزول المسافر آخر الليل للراحة- بليل اضطجع على يمينه، وإذا عرَّس قبيل الصبح نصب ذراعه، ووضع رأسه على كفه" مسلم برقم (683).
11- وعن عبد الرحمن بن علي يعني ابن شيبان عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من بات على ظهر بيت ليس له حجار فقد برئت منه الذمة)) أبو داود برقم (5041)، صححه الألباني في صحيح الجامع برقم (6113).
12- وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((إذا أوى أحدكم إلى فراشه فلينفض فراشه بداخلة إزاره، فإنه لا يدري ما خلفه عليه، ثم يقول: باسمك رب وضعت جنبي وبك أرفعه، إن أمسكت نفسي فارحمها، وإن أرسلتها فاحفظها بما تحفظ به عبادك الصالحين)) البخاري برقم (6320).
13- وعن أبي برزة رضي الله عنه: "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يكره النوم قبل العشاء، والحديث بعدها" البخاري برقم (568)، ومسلم برقم (647).
14- وعن البراء بن عازب قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((إذا أتيت مضجعك فتوضأ وضوءك للصلاة، ثم اضطجع على شقك الأيمن، ثم قل: اللهم أسلمت وجهي إليك، وفوضت أمري إليك، وألجأت ظهري إليك رغبة ورهبة إليك، لا ملجأ ولا منجا منك إلا إليك، اللهم آمنت بكتابك الذي أنزلت، وبنبيك الذي أرسلت، فإن متَّ من ليلتك فأنت على الفطرة، واجعلهن آخر ما تتكلم به))، قال: فرددتها على النبي صلى الله عليه وسلم فلما بلغت: اللهم آمنت بكتابك الذي أنزلت، قلت: ورسولك، قال: ((لا ونبيك الذي أرسلت)) البخاري برقم (247) واللفظ له، ومسلم برقم (2710).
15- وعن أبي ذر رضي الله عنه قال: "بينما أنا مضطجع في المسجد من السَّحَر على بطني إذا رجل يحركني برجله فقال: ((إن هذه ضجعة يبغضها الله))، قال: فنظرت فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم" أبو داود برقم (5040)، صححه الألباني في صحيح الجامع برقم (2271).
16- وعن علي رضي الله عنه أن فاطمة شكت ما تلقى من أثر الرحا، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم سبي، فانطلقت فلم تجده فوجدت عائشة فأخبرتها، فلما جاء النبي صلى الله عليه وسلم أخبرته عائشة بمجيء فاطمة، فجاء النبي صلى الله عليه وسلم إلينا، وقد أخذنا مضاجعنا، فذهبت لأقوم فقال: ((على مكانكما)) فقعد بيننا حتى وجدت برد قدميه على صدري، وقال: ((ألا أعلمكما خيراً مما سألتماني؟ إذا أخذتما مضاجعكما تكبرا أربعاً وثلاثين، وتسبحا ثلاثاً وثلاثين، وتحمدا ثلاثاً وثلاثين؛ فهو خير لكما من خادم)) البخاري (3705) بلفظه، ومسلم برقم (2727).
17- وعن فروة بن نوفل عن أبيه: "أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لنوفل: ((اقرأ قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ(الكافرون:1)، ثم نم على خاتمتها؛ فإنها براءة من الشرك)) رواه أبو داود برقم (5055)، وحسنه الألباني في صحيح الجامع برقم (292).
18- وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال أبو بكر رضي الله عنه: يا رسول الله علمني شيئاً أقوله إذا أصبحت، وإذا أمسيت، وإذا أخذت مضجعي، قال: ((قل اللهم فاطر السموات والأرض عالم الغيب والشهادة)) أو قال: ((اللهم عالم الغيب والشهادة، فاطر السموات والأرض، رب كل شيء ومليكه؛ أشهد أن لا إله إلا أنت، أعوذ بك من شر نفسي وشر الشيطان وشركه)) أحمد برقم (52)، جاء في تحقيق المسند: إسناده صحيح (1/221).
19- وعن عائشة رضي الله عنها قالت: "كان النبي صلى الله عليه وسلم لا ينام على فراشه حتى يقرأ بني إسرائيل- أي سورة الإسراء- والزمر" الترمذي برقم (2920)، وصححه الألباني في الصحيحة برقم (641).
20- وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إذا قام أحدكم عن فراشه ثم رجع إليه فَلْيَنْفُضْهُ بِصَنِفَةِ إِزَارِهِ، فإنه لا يدري ما خلفه عليه بعد، فإذا اضطجع فليقل: باسمك ربي وضعت جنبي وبك أرفعه، فإن أمسكت نفسي فارحمها، وإن أرسلتها فاحفظها بما تحفظ به عبادك الصالحين، فإذا استيقظ فليقل: الحمد لله الذي عافاني في جسدي، ورد علي روحي، وأذن لي بذكره)) الترمذي برقم (3401)، وحسنه الألباني في صحيح الجامع برقم (716).
21- وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إذا استيقظ أحدكم من منامه فليستنثر ثلاث مرات؛ فإن الشيطان يبيت على خياشيمه)) البخاري برقم (3295)، ومسلم برقم (238) واللفظ له.
22- وفي حديث أبي هريرة رضي الله عنه في قصته مع الشيطان: "إذا أويت إلى فراشك فاقرأ آية الكرسي لن يزال معك من الله حافظ، ولا يقربك شيطان حتى تصبح" قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((صدقك وهو كذوب ذاك شيطان)) البخاري برقم (5010).
23- وعن أبي هريرة رضي الله عنه: "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((يعقد الشيطان على قافية رأس أحدكم إذا هو نام ثلاث عقد يضرب كل عقدة: عليك ليل طويل فارقد، فإن استيقظ فذكر الله انحلت عقدة، فإن توضأ انحلت عقدة، فإن صلى انحلت عقدة، فأصبح نشيطاً طيب النفس، وإلا أصبح خبيث النفس كسلان)) البخاري برقم (1142) واللفظ له، ومسلم برقم (776).
24- وعن أنس رضي الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((قيلوا فإن الشياطين لا تقيل)) رواه أبو نعيم في تاريخ أصبهان برقم( 788)[1]، والطبراني في الأوسط برقم (28)[2]، وحسنه الألباني في صحيح الجامع الصغير برقم (4431).
25- وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين، واضربوهم عليها وهم أبناء عشر، وفرقوا بينهم في المضاجع)) رواه أبو داود برقم (495)، وصححه الألباني في إرواء الغليل (1/266)[3].
26- وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((أطفئوا المصابيح إذا رقدتم، وغلقوا الأبواب، وأوكوا الأسقية، وخمروا الطعام والشراب)) وأحسبه قال: ((ولو بعود تعرضه عليه)) البخاري برقم (5624) واللفظ له، ومسلم برقم (2012).
[1] تاريخ أصبهان (1/416)، تأليف: أبو نعيم أحمد بن عبد الله بن مهران المهراني الأصبهاني، تحقيق: سيد كسروي حسن، دار النشر: دار الكتب العلمية - بيروت - 1410 هـ-1990م، الطبعة: الأولى.
[2] المعجم الأوسط (1/13)، المؤلف: أبو القاسم سليمان بن أحمد الطبراني، تحقيق : طارق بن عوض الله بن محمد, عبد المحسن بن إبراهيم الحسيني، الناشر: دار الحرمين - القاهرة، 1415.
[3] إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل (1/266)، المؤلف: محمد ناصر الدين الألباني، الناشر: المكتب الإسلامي - بيروت، الطبعة: الثانية - 1405 - 1985.
لَكَمْ ذكر الناس سير العظماء، ولَكَمْ تنافسوا في نقل أكبر قدر من حياتهم؛ لكنهم مع ذلك لم يستطيعوا أن يصلوا إلى مستوى النقل الذي وصلت إليه سيرة النبي صلى الله عليه وسلم، فقد تناقل الناس أخبار النبي عليه الصلاة والسلام وسيرته، وتفاصيل حياته، وذلك نعمة من الله تعالى على المسلمين كي يهتدوا بهديه، وتزداد محبتهم له صلوات الله وسلامه عليه.
ومما ورد من جزئيات سيرته نومه صلى الله عليه وسلم، ذلك النوم الذي جعله الله عز وجل آية من آياته ليستيقن الإنسان بقدرة الله، ويتعرف على نعمة الله ورحمته له إذ يقول: وَمِنْ آيَاتِهِ مَنَامُكُم بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَابْتِغَاؤُكُم مِّن فَضْلِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَسْمَعُونَ.
وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يستشعر هذه النعمة العظيمة فيقول إذا أوى إلى فراشه: ((الحمد لله الذي أطعمنا وسقانا، وكفانا وآوانا، فكم ممن لا كافي له ولا مؤوي))، ألا ما أجمله من ثناء على الله عز وجل، وما أحسنه من حمده له سبحانه على سوابغ نعمائه، وتوالي فضله وعطائه، وجزيل مواهبه، وسعة إحسانه، فهو سبحانه أهل الحمد والثناء، يحمده النبي عليه الصلاة والسلام على نعمه التي حرمها الكثير من الخلق، ومع حمده لله أن كفاه شر الأشرار؛ فإنه يبذل السبب في دفع شر كل ذي شر حتى كان يتعوذ بالله من شر نفسه، فعلَّم أبا بكر رضي الله عنه ما يقول إذا أخذ مضجعه فقال له: ((قل اللهم عالم الغيب والشهادة، فاطر السموات والأرض، رب كل شيء ومليكه؛ أشهد أن لا إله إلا أنت، أعوذ بك من شر نفسي، وشر الشيطان وشركه))،
وكان إذا أوى إلى فراشه كل ليلة جمع كفيه، فقرأ الإخلاص، والمعوذتين ثلاثاً، ثم نفث فيهما، ومسح بهما ما استطاع من جسده؛ يبدأ بهما على رأسه، ووجهه، وما أقبل من جسده، ويستعيذ بالله من شياطين الإنس والجن، ويتبرأ منهم، ويأمر ذات يوم أحد صحابته بقراءة قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ قبل أن ينام، ويخبر أنها براءة من الشرك، ويقرأ إذا أوى إلى فراشه سورة الإسراء، والزمر، فيختم يومه بقراءة كلام ربه الذي تطيب بذكره الدنيا، وتحسن الخاتمة برفقته، وترتاح النفوس بأنسه، وتسر القلوب بالتأمل فيه
بذكر الله ترتاح القلوب ودنيانا بذكراه تطيب
في النوم يتوفى الله تعالى الأنفس، فمنها من ترد إلى أجل مسمى، ومنها من تكون تلك النومة رقدتها الأخيرة من الدنيا.
وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم أكثر الناس تأملاً في هذا المعنى، فكان يتوضأ وينام نومة مودِّع يسلم نفسه إلى باريها، مفوضاً أمره إلى الله تعالى، يرجو رحمته، ويخشى عذابه، حتى إذا مات مات على أحسن حال، وبهذا كان يأمر أصحابه، فتجده يقول للبراء بن عازب رضي الله عنه: ((إذا أتيت مضجعك فتوضأ وضوءك للصلاة، ثم اضطجع على شقك الأيمن، ثم قل: اللهم أسلمت وجهي إليك، وفوضت أمري إليك، وألجأت ظهري إليك، رغبة ورهبة إليك، لا ملجأ ولا منجا منك إلا إليك، اللهم آمنت بكتابك الذي أنزلت، وبنبيك الذي أرسلت، فإن متَّ من ليلتك فأنت على الفطرة، واجعلهن آخر ما تتكلم به))،
وكان يقول إذا أخذ مضجعه: ((اللهم قني عذابك يوم تبعث عبادك)) ثلاث مرات، يسأل الله أن يُجيره من العذاب يوم يبعث من تحت التراب، وهو يقول ذلك مع عصمته تواضعاً لله سبحانه، وإجلالاً له، وتعليماً لأمته أن يقولوا مثل ذلك عند النوم؛ لاحتمال أن يكون هذا هو آخر العهد، فيكون خاتمة عملهم ذكر الله، مع الاعتراف بالتقصير الموجب للفوز والرضا.
وقد كان صلى الله عليه وسلم يقول عند النوم: ((اللهم باسمك أموت وأحيا))، وإذا استيقظ قال: ((الحمد لله الذي أحيانا بعد ما أماتنا وإليه النشور))، فهو يحيا باسم الله، ويموت باسم الله، فإن كتب الله له حياة جديدة حمد الله على الحياة بعد الموت؛ ليزداد عملاً إلى عمله، وتبليغاً لدين الله تعالى، ونشراً للخير، وينتظر الصباح ليخرج إلى الناس داعياً ومبشراً ونذيراً، وكان مع ذلك لا يبالغ في نومه بل ينام على شقه الأيمن، وذلك ليكون أسرع إلى الانتباه بسبب عدم استقرار القلب.
ولولا حاجة الجسد خِلقةً إلى الراحة والنوم لما نام ولا عرف فرشاً، بل إنه كان إذا احتاج إلى الراحة قبيل الفجر نصب ذراعه، ووضع رأسه على كفه حتى لا يستغرق في النوم، فكان بهذا يهيأ جسده للعبادة فيأخذ قسطه من القيلولة في وسط النهار، ولا يسهر إلا لحاجة، وكان يكره الحديث بعد العشاء، فأين هذا ممن يتعمد السهر لغير حاجة، بل على معاصي الله؟ أم أين هذا ممن لا ينام إلا قبيل الفجر، ولا يستيقظ إلا وسط النهار؟ وكيف لو كانت تلك آخر ليلة له ما هي خاتمته؟ وما حاله عند لقاء ربه؟.
بعث الله سبحانه وتعالى إلى المسلمين رسولاً من أنفسهم، حريصاً عليهم، رحيماً بهم، خائفاً عليهم من كل شر، وبلغ من حرصه عليهم تحذيره من كل ما قد يؤذيهم حتى عند النوم، فكان مما وجه به أمته أن على المسلم إن أراد النوم أن ينفض فراشه خشية أن يلقى فيه ما يكره، ثم يقول: ((باسمك ربِّ وضعت جنبي وبك أرفعه، إن أمسكت نفسي فارحمها، وإن أرسلتها فاحفظها بما تحفظ به عبادك الصالحين))، يعلم أمته كيف تطلب الحفظ من ربها، وتتوكل عليه مع بذل السبب، وفعل الاحتياط،
وكان ينهى عن النوم على ظهر المنزل (السطوح) وليس ثمة جدار يرد النائم إذا تقلب، ويقول لمن خالف النهي: ((فقد برئت منه الذمة))،
ويحذر أمته مما يبغضه الجبار جل في علاه ومن ذلك النوم على البطن، فقد رأى من نام كذلك فحركه برجله عليه الصلاة والسلام، وقال له: ((إن هذه ضجعة يبغضها الله))،
ويأمر بالتفريق بين النائمين إذا بلغوا العاشرة من العمر ليصرف عن أمته شر الشهوات، ودواعي الفاحشة،
كما يأمر عند النوم بإطفاء النار والمصابيح، وتخمير الأطعمة والأشربة، وقلب الأواني، بأبي هو وأمي ما أرحمه وأشفقه.
ولما خاف على أمته من كيد الشيطان حثَّ على قراءة آية الكرسي عند النوم، وأمر عند الاستيقاظ بالاستنثار؛ لأن الشيطان يبيت على الخياشيم من بني آدم.
وها هو النبي الرحيم بأمته يرشدها إلى كل خير ينفعها في أمور دينها، ودنياها، وآخرتها، ويدلها على كل ما يقربها إلى ربها بأيسر السبل، وأقرب الطرق، ويعلمها ما تستعين به على طاعة ربها، وقضاء حوائجها، ها هو يدل علياً وفاطمة رضي الله عنهما - وكل الأمة من بعدهما - إلى ما يعينهما على الخير فيقول: ((إذا أخذتما مضاجعكما تكبرا أربعاً وثلاثين، وتسبحا ثلاثاً وثلاثين، وتحمدا ثلاثاً وثلاثين؛ فهو خير لكما من خادم)).
فصلوات الله وسلامه عليك أيها الرحمة المهداة، والنعمة المسجاة، وعلى من اهتدى بهداك، وعمل بما أمرت، وانتهى عما نهيت، واقتفى أثرك، وسلك طريقك، وكان عليك من المصلين.