عضو جديد تسجيل دخول
 حق المسلم على المسلم عظيم قد بينه صلى الله عليه وسلم كما في حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: ((حق المسلم على المسلم ست))، قيل: ما هن يا رسول الله؟ قال: ((إذا لقيته فسلم عليه، وإذا دعاك فأجبه، وإذا استنصحك فانصح له، وإذا عطس فحمد الله فسمته-وفي رواية: فشمته - وإذا مرض فعده وإذا مات فاتبعه)).
6582
1 + 0 =
Solve this simple math problem and enter the result. E.g. for 1+3, enter 4.
1. قال تعالى: وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً وَبِذِي الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ وَالْجارِ ذِي الْقُرْبى وَالْجارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ مَنْ كانَ مُخْتالًا فَخُوراً (النساء: 36).
2. وقال تعالى: وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِّلَّذِينَ آمَنُوا اِمْرَأَةَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِندَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِن فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ(التحريم:11).
3. وعن عُبَيْدِ اللَّهِ بن الْمُسَاوِرِ قال: قال ابن عَبَّاسٍ وهو يَنْحَلُ ابن الزُّبَيْرِ، قال رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم: ((ليس الْمُؤْمِنُ بِالَّذِي يَشْبَعُ وَجَارُهُ جَائِعٌ))[1].
4. وعن بن عُمَرَ رضي الله عنهما قال: قال رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((ما زَالَ جِبْرِيلُ يُوصِينِي بِالْجَارِ حتى ظَنَنْتُ أَنَّهُ سَيُوَرِّثُهُ)) رواه البخاري (5669)، ومسلم (2625).
5. وعن عبد اللَّهِ بن عَمْرٍو أَنَّهُ ذَبَحَ شَاةً، فقال: أَهْدَيْتُمْ لِجَارِي الْيَهُودِيِّ، فَإِنِّي سمعت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يقول: ((ما زَالَ جِبْرِيلُ يُوصِينِي بِالْجَارِ حتى ظَنَنْتُ أَنَّهُ سَيُوَرِّثُهُ))[2].
6. وعن نَافِعِ بن عبد الحرث قال: قال رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((من سَعَادَةِ الْمَرْءِ الْجَارُ الصَّالِحُ، وَالْمَرْكَبُ الهنيء، وَالْمَسْكَنُ الْوَاسِعُ))[3].
7. وعن أبي شُرَيْحٍ الْخُزَاعِيِّ أَنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من كان يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيُحْسِنْ إلى جَارِهِ، وَمَنْ كان يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ، وَمَنْ كان يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أو لِيَسْكُتْ)) رواه مسلم (48).
8. وعن أبي شُرَيْحٍ الْعَدَوِيِّ رضي الله عنه قال: سَمِعَتْ أُذُنَايَ وَأَبْصَرَتْ عَيْنَايَ حين تَكَلَّمَ النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ((من كان يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيُكْرِمْ جَارَهُ، وَمَنْ كان يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ جَائِزَتَهُ)) قال: وما جَائِزَتُهُ يا رَسُولَ اللَّهِ؟ قال: ((يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ، وَالضِّيَافَةُ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ، فما كان وَرَاءَ ذلك فَهُوَ صَدَقَةٌ عليه، وَمَنْ كان يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أو لِيَصْمُتْ)) رواه البخاري (5673) ومسلم (47)، وهذا لفظ البخاري).
9. وعن أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قال: قال رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((من يَأْخُذُ عَنِّي هَؤُلَاءِ الْكَلِمَاتِ فَيَعْمَلُ بِهِنَّ أو يُعَلِّمُ من يَعْمَلُ بِهِنَّ)) فقال أبو هُرَيْرَةَ: فقلت أنا يا رَسُولَ اللَّهِ، فَأَخَذَ بِيَدِي، فَعَدَّ خَمْسًا، وقال: ((اتَّقِ الْمَحَارِمَ تَكُنْ أَعْبَدَ الناس، وَارْضَ بِمَا قَسَمَ الله لك تَكُنْ أَغْنَى الناس، وَأَحْسِنْ إلى جَارِكَ تَكُنْ مُؤْمِنًا، وَأَحِبَّ لِلنَّاسِ ما تُحِبُّ لِنَفْسِكَ تَكُنْ مُسْلِمًا، ولا تُكْثِرْ الضَّحِكَ فإن كَثْرَةَ الضَّحِك تُميتُ القلبَ))[4].
10. وعن أبي ذَرٍّ رضي الله عنه قال: قال رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((يا أَبَا ذَرٍّ إذا طَبَخْتَ مَرَقَةً فَأَكْثِرْ مَاءَهَا وَتَعَاهَدْ جِيرَانَكَ)) رواه مسلم(2625).
11. وعن أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ((يا نِسَاءَ الْمُسْلِمَاتِ لَا تَحْقِرَنَّ جَارَةٌ لِجَارَتِهَا وَلَوْ فِرْسِنَ (حافر) شَاةٍ)) رواه البخاري(5671).
12. وعن أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لو دُعِيتُ إلى ذِرَاعٍ أو كُرَاعٍ لَأَجَبْتُ، وَلَوْ أُهْدِيَ إلي ذِرَاعٌ أو كُرَاعٌ لَقَبِلْتُ)) رواه البخاري(2429).
13. وعن عَائِشَةَ رضي الله عنها قالت: قلت يا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ لي جَارَيْنِ فَإِلَى أَيِّهِمَا؟ قال: ((إلى أَقْرَبِهِمَا مِنْكِ بَابًا)) رواه البخاري(5674).
14.  وعن أبي شُرَيْحٍ أَنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((والله لَا يُؤْمِنُ، والله لَا يُؤْمِنُ، والله لَا يُؤْمِنُ)) قِيلَ: وَمَنْ يا رَسُولَ اللَّهِ؟ قال: ((الذي لَا يَأْمَنُ جَارُهُ بوائقه))(غوائله وشروره) رواه البخاري(5670).
15. وعن أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قال: ((لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ من لَا يَأْمَنُ جَارُهُ بَوَائِقَهُ)) رواه مسلم(46).
16. وعن أَنَسٍ رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((وَالَّذِي نَفْسِي بيده لَا يُؤْمِنُ عَبْدٌ حتى يُحِبَّ لِجَارِهِ))، أو قال: ((لِأَخِيهِ ما يُحِبُّ لِنَفْسِهِ)) رواه مسلم(45).
17. وعن أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قال: ((لَا يَمْنَعْ جَارٌ جَارَهُ أَنْ يَغْرِزَ خَشَبَهُ في جِدَارِهِ)) ثُمَّ يقول أبو هُرَيْرَةَ: "مالي أَرَاكُمْ عنها مُعْرِضِينَ والله لَأَرْمِيَنَّ بها بين أَكْتَافِكُمْ" رواه البخاري(2331).
18. وعن عَمْرِو بن الشَّرِيدِ قال: وَقَفْتُ على سَعْدِ بن أبي وَقَّاصٍ، فَجَاءَ الْمِسْوَرُ بن مَخْرَمَةَ فَوَضَعَ يَدَهُ على إِحْدَى مَنْكِبَيَّ، إِذْ جاء أبو رَافِعٍ مولى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا سَعْدُ ابْتَعْ مِنِّي بَيْتَيَّ في دَارِكَ، فقال سَعْدٌ: والله ما أَبْتَاعُهُمَا، فقال الْمِسْوَرُ: والله لَتَبْتَاعَنَّهُمَا، فقال سَعْدٌ: والله لَا أَزِيدُكَ على أَرْبَعَةِ آلَافٍ مُنَجَّمَةً أو مُقَطَّعَةً (مؤجلة على أقساط معلومة) قال أبو رَافِعٍ: لقد أُعْطِيتُ بها خمسمائة دِينَارٍ، وَلَوْلَا أَنِّي سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ((الْجَارُ أَحَقُّ بِسَقَبِهِ (القرب والمجاورة)) ما أَعْطَيْتُكَهَا بِأَرْبَعَةِ آلَافٍ، وأنا أُعْطَى بها خمسمائة دِينَارٍ فَأَعْطَاهَا إِيَّاهُ" رواه البخاري(2139).
19. وعن سَمُرَةَ قال: قال رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : ((جَارُ الدَّارِ أَحَقُّ بِالدَّارِ))[5].
20. وعن جَابِرِ بن عبد اللَّهِ رضي الله عنهما قال: قال رسول اللَّهِ صلى الله عيه وسلم: ((الْجَارُ أَحَقُّ بِشُفْعَةِ جَارِهِ يُنْتَظَرُ بها، وَإِنْ كان غَائِبًا إذا كان طَرِيقُهُمَا وَاحِدًا))[6].
21. وعن أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قال: قال رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((من كان يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فلا يُؤْذِ جَارَهُ، وَمَنْ كان يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ، وَمَنْ كان يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أو لِيَصْمُتْ)) رواه البخاري(5672)
22. وعن أبي جُحَيْفَةَ رضي الله عنه قال: جاء رَجُلٌ إلى رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم يَشْكُو جَارَهُ، فقال: ((اطْرَحْ مَتَاعَكَ على الطَّرِيقِ)) فَطَرَحَهُ، فَجَعَلَ الناس يَمُرُّونَ عليه وَيَلْعَنُونَهُ، فَجَاءَ إلى النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم، فقال: يا رَسُولَ اللَّهِ ما لَقِيتُ مِنَ الناس، قال: ((وما لَقِيتَ منهم؟)) قال: يَلْعَنُونِي، قال: ((قد لَعَنَكَ اللَّهُ قبل الناس)) قال: فَإِنِّي لا أَعُودُ، فَجَاءَ الذي شَكَاهُ إلى النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم، فقال له: ((ارْفَعْ مَتَاعَكَ فَقَدْ كُفِيتَ))[7].
23. وعن أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قال جاء رَجُلٌ إلى النبي صلى الله عليه وسلم يَشْكُو جَارَهُ، فقال: ((اذْهَبْ فَاصْبِرْ)) فَأَتَاهُ مَرَّتَيْنِ أو ثَلَاثًا، فقال: ((اذْهَبْ فَاطْرَحْ مَتَاعَكَ في الطَّرِيقِ)) فَطَرَحَ مَتَاعَهُ في الطَّرِيقِ، فَجَعَلَ الناس يَسْأَلُونَهُ، فَيُخْبِرُهُمْ خَبَرَهُ، فَجَعَلَ الناس يَلْعَنُونَهُ، فَعَلَ الله بِهِ، وَفَعَلَ، وَفَعَلَ، فَجَاءَ إليه جَارُهُ، فقال له: "ارْجِعْ لَا تَرَى مِنِّي شيئا تَكْرَهُهُ"[8].
24. وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلي الله عليه وسلم: ((خَيْرُ الأَصْحَابِ عِنْدَ اللَّهِ خَيْرُهُمْ لِصَاحِبِهِ، وَخَيْرُ الْجِيرَانِ عِنْدَ اللَّهِ خَيْرُهُمْ لِجَارِهِ))[9].
25. وعن الْمِقْدَاد بن الأَسْوَدِ رضي الله عنه قال: قال رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لأَصْحَابِهِ: ((ما تَقُولُونَ في الزِّنَا؟)) قالوا: حَرَّمَهُ الله وَرَسُولُهُ، فَهُوَ حَرَامٌ إلى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، قال: فقال رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لأَصْحَابِهِ: ((لأَنْ يزني الرَّجُلُ بِعَشْرِ نِسْوَةٍ أَيْسَرُ عليه من أَنْ يزني بِامْرَأَةِ جَارِهِ)) قال: فقال: ((ما تَقُولُونَ في السَّرِقَةِ؟)) قالوا: حَرَّمَهَا الله وَرَسُولُهُ فهي حَرَامٌ، قال: ((لأَنْ يَسْرِقَ الرَّجُلُ من عَشْرَةِ أَبْيَاتٍ أَيْسَرُ عليه من أَنْ يَسْرِقَ من جَارِهِ))[10].
26. وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقُولُ: ((اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ جَارِ السُّوءِ فِي دَارِ الْمُقَامَةِ فَإِنَّ جَارَ الْبَادِية يَتَحَوَّلُ))[11].
27. وعن أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قال: قال رَجُلٌ يا رَسُولَ اللَّهِ إن فُلاَنَةَ يذكر من كَثْرَةِ صَلاَتِهَا وَصِيَامِهَا وَصَدَقَتِهَا غير أنها تؤذي جِيرَانَهاَ بِلِسَانِهَا، قال: ((هي في النَّارِ)) قال: يا رَسُولَ اللَّهِ فإن فُلاَنَةَ يذكر من قِلَّةِ صِيَامِهَا وَصَدَقَتِهَا وَصَلاَتِهَا وإنها تَصَدَّقُ بالأتوار (قطعة) مِنَ الأَقِطِ (شيء يتخذ من مخيض اللبن الغنمي) وَلاَ تؤذي جِيرَانَهَا بِلِسَانِهَا، قال: ((هي في الْجَنَّةِ))[12].
28. وعن مُجَاهِد أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ رضي الله عنه كان يقول: آلله الذي لَا إِلَهَ إلا هو إن كنت لَأَعْتَمِدُ بِكَبِدِي على الأرض من الْجُوعِ، وَإِنْ كنت لَأَشُدُّ الْحَجَرَ على بَطْنِي من الْجُوعِ، وَلَقَدْ قَعَدْتُ يَوْمًا على طَرِيقِهِمْ الذي يَخْرُجُونَ منه، فَمَرَّ أبو بَكْرٍ فَسَأَلْتُهُ عن آيَةٍ من كِتَابِ اللَّهِ ما سَأَلْتُهُ إلا لِيُشْبِعَنِي، فَمَرَّ ولم يَفْعَلْ، ثُمَّ مَرَّ بِي عُمَرُ فَسَأَلْتُهُ عن آيَةٍ من كِتَابِ اللَّهِ ما سَأَلْتُهُ إلا لِيُشْبِعَنِي، فَمَرَّ ولم يَفْعَلْ، ثُمَّ مَرَّ بِي أبو الْقَاسِمِ صلى الله عليه وسلم فَتَبَسَّمَ حين رَآنِي، وَعَرَفَ ما في نَفْسِي وما في وَجْهِي، ثُمَّ قال: ((يا أَبَا هِرٍّ؟)) قلت: لَبَّيْكَ يا رَسُولَ اللَّهِ، قال: ((الْحَقْ)) وَمَضَى فَتَبِعْتُهُ، فَدَخَلَ فأستأذن، فَأَذِنَ لي، فَدَخَلَ فَوَجَدَ لَبَنًا في قَدَحٍ، فقال: ((من أَيْنَ هذا اللَّبَنُ)) قالوا: أَهْدَاهُ لك فُلَانٌ أو فُلَانَةُ، قال: ((أَبَا هِرٍّ)) قلت: لَبَّيْكَ يا رَسُولَ اللَّهِ، قال: ((الْحَقْ إلى أَهْلِ الصُّفَّةِ فَادْعُهُمْ لي)) قال: وَأَهْلُ الصُّفَّةِ أَضْيَافُ الْإِسْلَامِ، لَا يَأْوُونَ على أَهْلٍ ولا مَالٍ، ولا على أَحَدٍ، إذا أَتَتْهُ صَدَقَةٌ بَعَثَ بها إِلَيْهِمْ، ولم يَتَنَاوَلْ منها شيئا، وإذا أَتَتْهُ هَدِيَّةٌ أَرْسَلَ إِلَيْهِمْ، وَأَصَابَ منها، وَأَشْرَكَهُمْ فيها، فَسَاءَنِي ذلك، فقلت: وما هذا اللَّبَنُ في أَهْلِ الصُّفَّةِ كنت أَحَقُّ أنا أَنْ أُصِيبَ من هذا اللَّبَنِ شَرْبَةً أَتَقَوَّى بها، فإذا جاء أَمَرَنِي، فَكُنْتُ أنا أُعْطِيهِمْ، وما عَسَى أَنْ يَبْلُغَنِي من هذا اللَّبَنِ، ولم يَكُنْ من طَاعَةِ اللَّهِ وَطَاعَةِ رَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم بُدٌّ، فَأَتَيْتُهُمْ فَدَعَوْتُهُمْ، فَأَقْبَلُوا فَاسْتَأْذَنُوا فَأَذِنَ لهم، وَأَخَذُوا مَجَالِسَهُمْ من الْبَيْتِ، قال: ((يا أَبَا هِرٍّ)) قلت: لَبَّيْكَ يا رَسُولَ اللَّهِ، قال: ((خُذْ فَأَعْطِهِمْ)) قال: فَأَخَذْتُ الْقَدَحَ، فَجَعَلْتُ أُعْطِيهِ الرَّجُلَ فَيَشْرَبُ حتى يَرْوَى، ثُمَّ يَرُدُّ عَلَيَّ الْقَدَحَ، فَأُعْطِيهِ الرَّجُلَ فَيَشْرَبُ حتى يروي، ثُمَّ يَرُدُّ عَلَيَّ الْقَدَحَ فَيَشْرَبُ حتى يروي، ثُمَّ يَرُدُّ عَلَيَّ الْقَدَحَ، حتى انْتَهَيْتُ إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وقد روى الْقَوْمُ كلهم، فَأَخَذَ الْقَدَحَ، فَوَضَعَهُ على يَدِهِ، فَنَظَرَ إلي فَتَبَسَّمَ، فقال: ((أَبَا هِرٍّ)) قلت: لَبَّيْكَ يا رَسُولَ اللَّهِ، قال: ((بَقِيتُ أنا وَأَنْتَ)) قلت: صَدَقْتَ يا رَسُولَ اللَّهِ، قال: ((اقْعُدْ فَاشْرَبْ)) فَقَعَدْتُ فَشَرِبْتُ، فقال: ((اشْرَبْ) فَشَرِبْتُ فما زَالَ يقول: ((اشْرَبْ)) حتى قلت: لَا وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ ما أَجِدُ له مَسْلَكًا، قال: ((فَأَرِنِي)) فَأَعْطَيْتُهُ الْقَدَحَ، فَحَمِدَ اللَّهَ، وَسَمَّى، وَشَرِبَ الْفَضْلَةَ" رواه البخاري(6087).
29. وعن أُمِّ سَلَمَةَ ابْنَةِ أبي أُمَيَّةَ ابن الْمُغِيرَةِ زَوْجِ النبي صلى الله عليه وسلم قالت: لَمَّا نَزَلْنَا أَرْضَ الْحَبَشَةِ، جَاوَرْنَا بها خَيْرَ جَارٍ النجاشي، آمنا على دِينِنَا، وَعَبَدْنَا اللَّهَ لاَ نُؤْذَى، وَلاَ نَسْمَعُ شَيْئاً نَكْرَهُهُ، فلما بَلَغَ ذلك قُرَيْشاً ائْتَمَرُوا أَنْ يَبْعَثُوا إلى النجاشي فِينَا رَجُلَيْنِ جَلِدَيْنِ، وأن يهدو للنجاشي هَدَايَا، مِمَّا يُسْتَطْرَفُ من مَتَاعِ مَكَّةَ، وكان من أَعْجَبِ ما يَأْتِيهِ منها إليه الأَدَمُ، فَجَمَعُوا له أَدَماً كَثِيراً، ولم يَتْرُكُوا من بطارقته بِطْرِيقاً إلا أَهْدَوْا له هَدِيَّةً، ثُمَّ بَعَثُوا بِذَلِكَ مع عبد اللَّهِ بن رَبِيعَةَ بن الْمُغِيرَةِ المخزومي وَعَمْرِو بن الْعَاصِ بن وَائِلٍ السهمي، وَأَمَرُوهُمَا أَمْرَهُمْ، وَقَالُوا لَهُمَا: ادفعوا إلى كل بِطْرِيقٍ هَدِيَّتَهُ قبل أن تُكَلِّمُوا النجاشي فِيهِمْ، ثُمَّ قَدِّمُوا للنجاشي هَدَايَاهُ، ثُمَّ سَلُوهُ أن يُسْلِمَهُمْ إِلَيْكُمْ قبل أن يُكَلِّمَهُمْ، قالت: فَخَرَجَا، فقدم على النجاشي وَنَحْنُ عِنْدَهُ بِخَيْرِ دَارٍ، وَعِنْدَ خَيْرِ جَارٍ، فلم يَبْقَ من بَطَارِقَتِهِ بِطْرِيقٌ إلا دَفَعَا إليه هَدِيَّتَهُ قبل أن يُكَلِّمَا النجاشي، ثُمَّ قَالاَ لِكُلِّ بِطْرِيقٍ منهم: إنه قد صبا إلي بَلَدِ الْمَلِكِ مِنَّا غِلْمَانٌ سُفَهَاءُ، فَارَقُوا دِينَ قَوْمِهِمْ، وَلَم يَدْخُلُوا في دِينِكُمْ، وجاؤوا بِدِينٍ مُبْتَدَعٍ لاَ نَعْرِفُهُ نَحْنُ وَلاَ أَنْتُمْ، وقد بَعَثَنَا إلى الْمَلِكِ فِيهِمْ أَشْرَافُ قَوْمِهِمْ لِنَرُدَّهُمَ إِلَيْهِمْ، فإذا كَلَّمْنَا الْمَلِكَ فِيهِمْ فَتُشِيرُوا عليه بِأَنْ يُسْلِمَهُمْ إِلَيْنَا وَلاَ يُكَلِّمَهُمْ، فإن قَوْمَهُمْ أَعَلَى بِهِمْ عَيْناً، وأعلم بِمَا عَابُوا عليهم، فَقَالُوا لَهُمَا: نعم ثُمَّ إنهما قَرَّبَا هَدَايَاهُمْ إلى النجاشي فَقَبِلَهَا مِنْهُمَا، ثُمَّ كَلَّمَاهُ، فَقَالاَ له: أَيُّهَا الْمَلِكُ إنه قد صبا إلى بَلَدِكَ مِنَّا غِلْمَانٌ سُفَهَاءُ، فَارَقُوا دِينَ قَوْمِهِمْ، ولم يَدْخُلُوا في دِينِكَ، وجاؤوا بِدِينٍ مُبْتَدَعٍ لاَ نَعْرِفُهُ نَحْنُ وَلاَ أنت، وقد بَعَثَنَا إِلَيْكَ فِيهِمْ أَشْرَافُ قَوْمِهِمْ من آبَائِهِمْ وَأَعْمَامِهِمْ وَعَشَائِرِهِمْ لِتَرُدَّهُمْ إِلَيْهِمْ، فَهُمْ أَعَلَى بِهِمْ عَيْناً، وأعلم بِمَا عَابُوا عليهم وَعَاتَبُوهُمْ فيه، قالت: ولم يَكُنْ شيء أَبْغَضَ إلى عبد اللَّهِ بن أبي رَبِيعَةَ وَعَمْرِو بن الْعَاصِ من أن يَسْمَعَ النجاشي كَلاَمَهُمْ، فقالت بَطَارِقَتُهُ حَوْلَهُ: صَدَقُوا أَيُّهَا الْمَلِكُ قَوْمُهُمْ أَعَلَى بِهِمْ عَيْناً، وَأَعْلَمُ بِمَا عَابُوا عليهم، فَأَسْلِمْهُمْ إِلَيْهِمَا، فَلْيَرُدَّاهُمْ إلى بِلاَدِهِمْ وَقَوْمِهِمْ، قال: فَغَضِبَ النجاشي، ثُمَّ قال: لا ها اللَّهِ، أيم اللَّهِ إِذاً لاَ أُسْلِمُهُمْ إِلَيْهِمَا، وَلاَ أَكَادُ قَوْماً جاوروني، وَنَزَلُوا بلادي واختاروني على من سواي حتى أَدْعُوَهُمْ، فأسألهم ما يقول هَذَانِ في أَمْرِهِمْ، فَإِنْ كَانُوا كما يَقُولاَنِ أَسْلَمْتُهُمْ إِلَيْهِمَا وَرَدَدْتُهُمْ إلى قَوْمِهِمْ، وإن كَانُوا على غَيْرِ ذلك مَنَعْتُهُمْ مِنْهُمَا، وَأَحْسَنْتُ جِوَارَهُمْ ما جاوروني، قالت: ثُمَّ أَرسَلَ إلى أَصْحَابِ رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَدَعَاهُمْ، فلما جَاءَهُمْ رَسُولُهُ اجْتَمَعُوا، ثُمَّ قال بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: ما تَقُولُونَ لِلرَّجُلِ إذا جِئْتُمُوهُ؟ قالوا: نَقُولُ والله ما عَلَّمَنَا، وما أَمَرَنَا بِهِ نَبِيُّنَا كَائِنٌ في ذلك ما هو كَائِنٌ، فلما جاءه، وقد دَعَا النجاشي أَسَاقِفَتَهُ، فَنَشَرُوا مَصَاحِفَهُمْ حَوْلَهُ، سَأَلَهُمْ فقال: ما هذا الدِّينُ الذي فَارَقْتُمْ فيه قَوْمَكُمْ ولم تَدْخُلُوا في ديني وَلاَ في دِينِ أَحَدٍ من هذه الأُمَمِ؟ قالت: فَكَانَ الذي كَلَّمَهُ جَعْفَرُ بن أبي طَالِبٍ، فقال له: أَيُّهَا الْمَلِكُ كنا قَوْماً أَهْلَ جَاهِلِيَّةٍ، نَعْبُدُ الأَصْنَامَ، وَنَأْكُلُ الْمَيْتَةَ، وَنَأْتِي الْفَوَاحِشَ، وَنَقْطَعُ الأَرْحَامَ، ونسيء الْجِوَارَ، يَأْكُلُ الْقَوِىُّ مِنَّا الضَّعِيفَ، فَكُنَّا على ذلك حتى بَعَثَ الله إِلَيْنَا رَسُولاً مِنَّا، نَعْرِفُ نَسَبَهُ وَصِدْقَهُ، وَأَمَانَتَهُ وَعَفَافَهُ، فَدَعَانَا إلى اللَّهِ لِنُوَحِّدَهُ، وَنَعْبُدَهُ وَنَخْلَعَ ما كنا نَحْنُ نعبد وَآبَاؤُنَا من دُونِهِ، مِنَ الْحِجَارَةِ وَالأَوْثَانِ، وَأَمَرَنَا بِصِدْقِ الحديث، وَأَدَاءِ الأَمَانَةِ، وَصِلَةِ الرَّحِمِ، وَحُسْنِ الْجِوَارِ، وَالْكَفِّ عَنِ الْمَحاَرِمِ وَالدِّمَاءِ، وَنَهَانَا عَنِ الْفَوَاحِشِ، وَقَوْلِ الزُّورِ، وَأَكْلِ مَالِ الْيَتِيمِ، وَقَذْفِ الْمُحْصَنَةِ، وَأَمَرَنَا أَنْ نَعْبُدَ اللَّهَ وَحْدَهُ وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً، وَأَمَرَنَا بِالصَّلاَةِ، وَالزَّكَاةِ، وَالصِّيَامِ، قال: فَعَدَّدَ عليه أُمُورَ الإِسْلاَمِ، فَصَدَّقْنَاهُ، وَآمَنَّا بِهِ، وَاتَّبَعْنَاهُ على ما جاء بِهِ، فَعَبَدْنَا اللَّهَ وَحْدَهُ فلم نُشْرِكْ بِهِ شَيْئاً، وَحَرَّمْنَا ما حُرِّمَ عَلَيْنَا، وَأَحْلَلْنَا ما أُحِلَّ لنا، فَعَدَا عَلَيْنَا قَوْمُنَا، فَعَذَّبُونَا، وَفَتَنُونَا عن دِينِنَا، لِيَرُدُّونَا إلى عِبَادَةِ الأَوْثَانِ من عِبَادَةِ اللَّهِ، وأن نَسْتَحِلَّ ما كنا نَسْتَحِلُّ مِنَ الْخَبَائِثِ، فلما قَهَرُونَا وَشَقُّوا عَلَيْنَا، وَحَالُوا بَيْنَنَا وَبَيْنَ دِينِنَا خَرَجْنَا إلى بَلَدِكَ، وَاخْتَرْنَاكَ على من سِوَاكَ، وَرَغِبْنَا في جِوَارِكَ، وَرَجَوْنَا أَنْ لاَ نُظْلَمَ عِنْدَكَ أَيُّهَا الْمَلِكُ، قالت: فقال له النجاشي: هل مَعَكَ مِمَّا جاء بِهِ عَنِ اللَّهِ من شيء؟ قالت: فقال له جَعْفَرٌ: نعم، فقال له النجاشي: فَاقْرَأْهُ علي، فَقَرَأَ عليه صَدْراً من كهيعص، قالت: فَبَكَى والله النجاشي، حتى أَخْضَلَ لِحْيَتَهُ، وَبَكَتْ أَسَاقِفَتُهُ حتى اخضلوا مَصَاحِفَهُمْ حين سَمِعُوا ما تَلاَ عليهم، ثُمَّ قال النجاشي: إن هذا والله والذي جاء بِهِ مُوسَى لَيَخْرُجُ من مِشْكَاةٍ وَاحِدَةٍ، انْطَلِقَا، فَوَاللَّهِ لاَ أُسْلِمُهُمْ إِلَيْكُمْ أَبَداً، وَلاَ أَكَادُ، قالت أُمُّ سَلَمَةَ: فلما خَرَجَا من عِنْدِهِ، قال عَمْرُو بن الْعَاصِ: والله لأنبئنهم غَداً عَيْبَهُمْ عندهم، ثُمَّ استأصل بِهِ خَضْرَاءَهُمْ، قالت: فقال له عبد اللَّهِ بن أَبِى رَبِيعَةَ وكان أَتْقَى الرَّجُلَيْنِ فِينَا لاَ تَفْعَلْ، فإن لهم أَرْحَاماً، وَإِنْ كَانُوا قد خَالَفُونَا قال والله لأُخْبِرَنَّهُ أَنَّهُمْ يَزْعُمُونَ أَنَّ عِيسَى بن مَرْيَمَ عَبْدٌ، قالت: ثُمَّ غَدَا عليه الْغَدَ، فقال له: أَيُّهَا الْمَلِكُ إِنَّهُمْ يَقُولُونَ في عِيسَى بن مَرْيَمَ قَوْلاً عَظِيماً، فَأَرْسِلْ إِلَيْهِمْ فَاسْأَلْهُمْ عَمَّا يَقُولُونَ فيه، قال فَأَرْسَلَ إِلَيْهِمْ يَسْأَلُهُمْ عنه، قالت: ولم يَنْزِلْ بِنَا مِثْلُهُ فَاجْتَمَعَ الْقَوْمُ، فقال بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: مَاذَا تَقُولُونَ في عِيسَى إذا سَأَلَكُمْ عنه؟ قالوا نَقُولُ: والله فيه ما قال الله وما جاء بِهِ نَبِيُّنَا كَائِناً في ذلك ما هو كَائِنٌ، فلما دَخَلُوا عليه، قال لهم: ما تَقُولُونَ في عِيسَى بن مَرْيَمَ، فقال له جَعْفَرُ بن أَبِى طَالِبٍ: نَقُولُ فيه الذي جاء بِهِ نَبِيُّنَا، هو عبد اللَّهِ وَرَسُولُهُ، وَرُوحُهُ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إلى مَرْيَمَ الْعَذْرَاءِ الْبَتُولِ، قالت: فَضَرَبَ النجاشي يَدَهُ إلى الأَرْضِ فَأَخَذَ منها عُوداً، ثُمَّ قال: ما عَدَا عِيسَى بن مَرْيَمَ ما قُلْتَ هذا الْعُودَ، فَتَنَاخَرَتْ بَطَارِقَتُهُ حَوْلَهُ حين قال ما قال، فقال: وإن نَخَرْتُمْ والله اذْهَبُوا فَأَنْتُمْ سُيُومٌ بأرضي، وَالسُّيُومُ الآمِنُونَ من سَبَّكُمْ غُرِّمَ ثُمَّ من سَبَّكُمْ غُرِّمَ، فما أُحِبُّ أن لي دَبْراً ذَهَباَ، وإني آذَيْتُ رَجُلاً مِنْكُمْ، وَالدَّبْرُ بِلِسَانِ الْحَبَشَةِ الجعل، رَدُّوا عليهم هَدَايَاهُمَا فَلاَ حَاجَةَ لنا بها، فَوَاللَّهِ ما أَخَذَ الله مِنِّى الرِّشْوَةَ حين رَدَّ علي ملكي، فُآخُذَ الرِّشْوَةَ فيه، وما أَطَاعَ الناس في فَأُطِيعَهُمْ فيه، قالت: فَخَرَجَا من عِنْدِهِ مَقْبُوحَيْنِ مَرْدُوداً عَلَيْهِمَا ما جاء بِهِ، وَأَقَمْنَا عِنْدَهُ بِخَيْرِ دَارٍ مع خَيْرِ جَارٍ قالت: فَوَاللَّهِ إنا على ذلك إِذْ نَزَلَ بِهِ، يَعْنِى من يُنَازِعُهُ في مُلْكِهِ قالت فَوَاللَّهِ ما عَلِمْنَا حزن قَطُّ كان أَشَدَّ من حُزِنٍ حَزَنَّاهُ عِنْدَ ذلك تَخَوُّفاً أَنْ يَظْهَرَ ذلك على النجاشي فيأتي رَجُلٌ لاَ يَعْرِفُ من حَقِّنَا ما كان النجاشي يَعْرِفُ منه قالت وَسَارَ النجاشي وَبَيْنَهُمَا عَرْضُ النِّيلِ، قالت: فقال أَصْحَابُ رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم من رَجُلٌ يَخْرُجُ حتى يَحْضُرَ وَقْعَةَ الْقَوْمِ، ثُمَّ يَأْتِينَا بِالْخَبَرِ، قالت: فقال الزُّبَيْرُ بن الْعَوَّامِ: أنا، قالت: وكان من أَحْدَثِ الْقَوْمِ سِنًّا، قالت: فَنَفَخُوا له قِرْبَةً فَجَعَلَهَا في صَدْرِهِ، ثُمَّ سَبَحَ عليها حتى خَرَجَ إلى نَاحِيَةِ النِّيلِ التي بها مُلْتَقَى الْقَوْمِ، ثُمَّ انْطَلَقَ حتى حَضَرَهُمْ، قالت: وَدَعَوْنَا اللَّهَ للنجاشي بِالظُّهُورِ على عَدُوِّهِ، وَالتَّمْكِينِ له في بِلاَدِهِ، وَاسْتَوْسَقَ عليه أَمْرُ الْحَبَشَةِ فَكُنَّا عِنْدَهُ في خَيْرِ مَنْزِلٍ حتى قَدِمْنَا على رسول اللَّهِ صلى الله عليه سلم، وهو بِمَكَّةَ"[13].
30. وعن أَنَسٍ أَنَّ جَارًا لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَارِسِيًّا كان طَيِّبَ الْمَرَقِ، فَصَنَعَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ جاء يَدْعُوهُ، فقال: ((وَهَذِهِ)) لِعَائِشَةَ، فقال: لَا، فقال رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((لَا)) فَعَادَ يَدْعُوهُ، فقال رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((وَهَذِهِ)) قال: لَا، قال رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((لَا)) ثُمَّ عَادَ يَدْعُوهُ، فقال رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((وَهَذِهِ)) قال: نعم في الثَّالِثَةِ، فَقَامَا يَتَدَافَعَانِ (معناه يمشي كل واحد منهما في إثر صاحبه) حتى أَتَيَا مَنْزِلَهُ" رواه مسلم (2037).
31. وعن أَنَسٍ رضي الله عنه قال: كان غُلَامٌ يَهُودِيٌّ يَخْدُمُ النبي صلى الله عليه وسلم فَمَرِضَ، فَأَتَاهُ النبي صلى الله عليه وسلم يَعُودُهُ، فَقَعَدَ عِنْدَ رَأْسِهِ، فقال له: ((أَسْلِمْ)) فَنَظَرَ إلى أبيه وهو عِنْدَهُ، فقال له: أَطِعْ أَبَا الْقَاسِمِ صلى الله عليه وسلم فَأَسْلَمَ، فَخَرَجَ النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقول: ((الْحَمْدُ لِلَّهِ الذي أَنْقَذَهُ من النَّارِ)) رواه البخاري(1290).
32. وعن ابن عمر قال: لقد أتى علينا زمان أو قال حين وما أحد أحق بديناره ودرهمه من أخيه المسلم، ثم الآن الدينار والدرهم أحب إلى أحدنا من أخيه المسلم، سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ((كم من جار متعلق بجاره يوم القيامة، يقول: يا رب هذا أغلق بابه دوني، فمنع معروفه))[14].
33. وعن أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قال: ((حَقُّ الْمُسْلِمِ على الْمُسْلِمِ سِتٌّ)) قِيلَ: ما هُنَّ يا رَسُولَ اللَّهِ؟ قال: ((إذا لَقِيتَهُ فَسَلِّمْ عليه، وإذا دَعَاكَ فَأَجِبْهُ، وإذا اسْتَنْصَحَكَ فَانْصَحْ له، وإذا عَطَسَ فَحَمِدَ اللَّهَ فَسَمِّتْهُ، وإذا مَرِضَ فَعُدْهُ، وإذا مَاتَ فَاتَّبِعْهُ)) رواه مسلم (2162).


[1] رواه الطبراني في الكبير، رقم (12741). وقال الألباني: "صحيح لغيره" كما في صحيح الترغيب والترهيب، رقم(2562).
[2] رواه أبو داود، رقم(5152). وصححه الألباني.
[3] رواه أحمد (15409)، والحاكم في المستدرك (7306). وقال: "هذا حديث صحيح الإسناد"، وقال الألباني: " صحيح لغيره"، كما في صحيح الترغيب والترهيب، رقم(2575).
[4] رواه الترمذي (2305)، وهذا لفظ الترمذي، وأحمد، رقم(8081) وقال الألباني: "حسن لغيره" كما في صحيح الترغيب والترهيب، رقم(2349)
[5] رواه الترمذي(1368) وقال: "حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ". وقال الألباني: "صحيح" كما في مختصر الإرواء، رقم(1539).
[6] رواه أبو داود، رقم(3518).وابن ماجه، (2494). وأحمد(14292). وقال الألباني: "صحيح" كما في صحيح الجامع، رقم(3103).
[7] رواه الطبراني في الكبير، رقم(356)، وقال الألباني: "صحيح لغيره" كما في صحيح الترغيب والترهيب، رقم(2558).
[8] رواه أبو داود (5153)،  وقال الألباني: "حسن صحيح" ، كما في صحيح الترغيب والترهيب، رقم (2559).
[9] رواه الترمذي (1944) وابن حبان في صحيحه، رقم(518). وقال الألباني: "صحيح" كما في صحيح الترغيب والترهيب، رقم(2568).
[10]رواه أحمد(23905). وقال الألباني: "صحيح" كما في صحيح الترغيب والترهيب، رقم(2549).
[11] رواه ابن حبان في صحيحه(1033).والحاكم في المستدرك، رقم(1951). وقال: "هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه"، وقال الألباني: "حسن" كما في صحيح الترغيب والترهيب، رقم(2556).
[12] رواه أحمد(9673 ).  وقال الألباني: "صحيح" كما في صحيح الترغيب والترهيب، رقم(2560).
[13] رواه أحمد(17976). وهو في صحيح السيرة النبوية للألباني.
[14] رواه البخاري في الأدب المفرد(111) وقال الشيخ الألباني: "حسن لغيره". 
أوصى النبي صلى الله عليه وسلم بالإحسان إلى الجار، ورغب فيه، وبين عظيم حقه، وأقواله في الحث على حقوق الجار كثيرة متضافرة، فقد قال:((ما زَالَ جِبْرِيلُ يُوصِينِي بِالْجَارِ حتى ظَنَنْتُ أَنَّهُ سَيُوَرِّثُهُ))، ولعظم حقه جعل عليه الصلاة والسلام له حق الشفعة في دار جاره، فقال: ((جَارُ الدَّارِ أَحَقُّ بِالدَّارِ))، وقال: ((الْجَارُ أَحَقُّ بِسَقَبِهِ))-بقربه ومجاورته-، وحث عليه الصلاة والسلام على الإحسان إلى الجار، وإكرامه، وجعل ذلك من لوازم الإيمان، ومقتضياته، فقال: ((من كان يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ، فَلْيُحْسِنْ إلى جَارِهِ))، وقال: ((من كان يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ، فَلْيُكْرِمْ جَارَهُ))، وقال: ((وَأَحْسِنْ إلى جَارِكَ تَكُنْ مُؤْمِنًا)) أحسن إلى جارك بالكلمة الطيبة، والابتسامة الصادقة، وأحسن إليه بالفعل، بمواساته، وتفقده، والسؤال عن حاله، فـ((ليس الْمُؤْمِنُ بِالَّذِي يَشْبَعُ، وَجَارُهُ جَائِعٌ)).
وأوصى عليه الصلاة والسلام أبا ذر بتعاهد جيرانه بالهدية، فقال: ((يا أَبَا ذَرٍّ إذا طَبَخْتَ مَرَقَةً فَأَكْثِرْ مَاءَهَا وَتَعَاهَدْ جِيرَانَكَ))، وبين عليه الصلاة والسلام أولى الناس بالهدية من الجيران لعائشة رضي الله عنها عندما سألته فقالت: "يا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ لي جَارَيْنِ فَإِلَى أَيِّهِمَا أهدي؟" قال: ((إلى أَقْرَبِهِمَا مِنْكِ بَابًا)). وحث الجار على قبول هدية جاره، فقال: ((يا نِسَاءَ الْمُسْلِمَاتِ لَا تَحْقِرَنَّ جَارَةٌ لِجَارَتِهَا وَلَوْ فِرْسِنَ شَاةٍ))، وأرشد عليه الصلاة والسلام الجار إلى مساندة جاره، وإعانته بما يستطاع، فقال: ((لَا يَمْنَعْ جَارٌ جَارَهُ أَنْ يَغْرِزَ خَشَبَهُ في جِدَارِهِ)).
فأحسن أخي إلى جارك، وتفقد أحواله، وإذا لقيته فسلم عليه، وإذا مرض فعده، وإذا غاب فسل عنه، وإذا مات فاتبع جنازته، وإذا استقرضك فأقرضه، وإذا نزل به ما يكره، فعزه، وواسه، وإذا أتاه ما يفرحه فهنئه، وفقنا الله وإياك لطاعته.

 

"الجار قبل الدار" و"على قدر الجار يكون ثمن الدار"، ومن سعادة المرء الجار الصالح، وخير الْجِيرَانِ عِنْدَ اللَّهِ خَيْرُهُمْ لِجَارِهِ، وبصلاح الجار يصلح الجوار، وبفساده يفسد، فـ:
اطلب لنفسك جيراناً تجاورهم *** لا تصلح الدار حتى يصلح الجار
وشر الجيران من تركه جيرانه اتقاء شره، والنبي صلى الله عليه وسلم استعاذ من جار السوء، وربط بين الإيمان وكف أذية الجار، فقال: ((من كان يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فلا يُؤْذِ جَارَهُ))، ونفى الإيمان عن جار لا يأمن جاره من شروره وغوائله، فقال:((والله لَا يُؤْمِنُ، والله لَا يُؤْمِنُ، والله لَا يُؤْمِنُ)) قِيلَ: وَمَنْ يا رَسُولَ اللَّهِ؟ قال: ((الذي لَا يَأْمَنُ جَارُهُ بوائقه))، بل أخبر عليه الصلاة والسلام أنه لا يدخل الجنة، فقال: ((لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ من لَا يَأْمَنُ جَارُهُ بَوَائِقَهُ)).
وجاءه عليه الصلاة والسلام رَجُلٌ يَشْكُو جَارَهُ، فقال له عليه الصلاة والسلام : ((اطْرَحْ مَتَاعَكَ على الطَّرِيقِ)) فَطَرَحَهُ، فَجَعَلَ الناس يَمُرُّونَ عليه وَيَلْعَنُونَهُ، فَجَاءَ إلى النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم، فقال: يا رَسُولَ اللَّهِ ما لَقِيتُ مِنَ الناس، قال: ((وما لَقِيتَ منهم؟)) قال: يَلْعَنُونِي، قال: ((قد لَعَنَكَ اللَّهُ قبل الناس)) قال: "فَإِنِّي لا أَعُودُ".
وأغلظ عليه الصلاة والسلام في عقوبة الذنب في حق الجار أشد من غيره، فقال لأَصْحَابِهِ: ((ما تَقُولُونَ في الزِّنَا؟)) قالوا: حَرَّمَهُ الله وَرَسُولُهُ، فَهُوَ حَرَامٌ إلى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، فقال عليه الصلاة والسلام: ((لأَنْ يزني الرَّجُلُ بِعَشْرِ نِسْوَةٍ أَيْسَرُ عليه من أَنْ يزني بِامْرَأَةِ جَارِهِ))، ثم قال لهم: ((ما تَقُولُونَ في السَّرِقَةِ؟)) قالوا: حَرَّمَهَا الله وَرَسُولُهُ فهي حَرَامٌ، قال: ((لأَنْ يَسْرِقَ الرَّجُلُ من عَشْرَةِ أَبْيَاتٍ أَيْسَرُ عليه من أَنْ يَسْرِقَ من جَارِهِ)).
ولما أخبر عليه الصلاة والسلام أن امرأة تكثر من نوافل الصلاة والصيام والصدقة إلا أنها تؤذي جِيرَانَهاَ بِلِسَانِهَا، قال: ((هي في النَّارِ)). فابتعد أيها أخي المسلم عن أذية جارك، وزد في رصيد إيمانك، حتى تدخل جنة ربك، وفقنا الله وإياك لطاعته، وأبعدنا عن أسباب سخطه.

 

إذا ما تأملت أخي المسلم في تعامله صلى الله عليه وسلم مع جيرانه، فإنك سترى أنه عليه الصلاة والسلام كان يهدي إليهم، ويتفقدهم، ويدعوهم إلى بيته، كما في دعوته لجيرانه أهل الصفة، فقد دخل ذات مرة بيته فَوَجَدَ لَبَنًا في قَدَحٍ، فقال: ((من أَيْنَ هذا اللَّبَنُ؟)) قالوا: أَهْدَاهُ لك فُلَانٌ، أو فُلَانَةُ، فقال: ((أَبَا هِرٍّ))، فقال: لَبَّيْكَ يا رَسُولَ اللَّهِ، فقال: ((الْحَقْ إلى أَهْلِ الصُّفَّةِ، فَادْعُهُمْ لي)) وَأَهْلُ الصُّفَّةِ أَضْيَافُ الْإِسْلَامِ، لَا يَأْوُونَ على أَهْلٍ ولا مَالٍ، ولا على أَحَدٍ، إذا أَتَتْهُ عليه الصلاة والسلام صَدَقَةٌ بَعَثَ بها إِلَيْهِمْ، ولم يَتَنَاوَلْ منها شيئا، وإذا أَتَتْهُ هَدِيَّةٌ أَرْسَلَ إِلَيْهِمْ، وَأَصَابَ منها، وَأَشْرَكَهُمْ فيها".
ومن لطيف معاملته مع جيرانه، أنه كان يستجيب لدعوتهم، ويقبل هديتهم، فهذا جار له عليه الصلاة والسلام فارسي، ولكنه كان طيب المرق، فصنع ذات يوم لرسول الله صلى الله عليه وسلم مرقاً، ثم جاء يدعوه، فلبى عليه الصلاة والسلام دعوته، وأتى إلى بيته.
وكان عليه الصلاة والسلام يزور جيرانه، وخاصة المريض منهم، فقد كان له عليه الصلاة والسلام غُلَامٌ يَهُودِيٌّ يَخْدُمُه صلى الله عليه وسلم، فَمَرِضَ، وكان جارا له، فَأَتَاهُ النبي صلى الله عليه وسلم يَعُودُهُ، فَقَعَدَ عِنْدَ رَأْسِهِ، فقال له: ((أَسْلِمْ))، فَنَظَرَ الغلام إلى أبيه وهو عِنْدَهُ، فقال له الأب: أَطِعْ أَبَا الْقَاسِمِ صلى الله عليه وسلم، فَأَسْلَمَ، فَخَرَجَ النبي صلى الله عليه وسلم، وهو يقول: ((الْحَمْدُ لِلَّهِ الذي أَنْقَذَهُ من النَّارِ)).
فالنبي عليه الصلاة والسلام قام بجميع حقوق الجار، وحث أمته على التخلق بأخلاقه والإحسان إلى جيرانهم، فيا معاشر المسلمين، إن رسولنا هو القدوة والأسوة، وتعاليمه هي النور، فاقتدوا بفعله واستجيبوا لأمره.

 

1 + 3 =
Solve this simple math problem and enter the result. E.g. for 1+3, enter 4.