عضو جديد تسجيل دخول
 حق المسلم على المسلم عظيم قد بينه صلى الله عليه وسلم كما في حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: ((حق المسلم على المسلم ست))، قيل: ما هن يا رسول الله؟ قال: ((إذا لقيته فسلم عليه، وإذا دعاك فأجبه، وإذا استنصحك فانصح له، وإذا عطس فحمد الله فسمته-وفي رواية: فشمته - وإذا مرض فعده وإذا مات فاتبعه)).
3985
1 + 0 =
Solve this simple math problem and enter the result. E.g. for 1+3, enter 4.
1- عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ((مَنْ سَكَنَ الْبَادِيَةَ جَفَا، وَمَنْ اتَّبَعَ الصَّيْدَ غَفَلَ، وَمَنْ أَتَى السُّلْطَانَ افْتُتِنَ)) رواه أبو داود برقم (2859)، وصححه الألباني في صحيح الجامع برقم (6296).
2- وعن أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ: "بَيْنَمَا نَحْنُ فِي الْمَسْجِدِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ جَاءَ أَعْرَابِيٌّ، فَقَامَ يَبُولُ فِي الْمَسْجِدِ، فَقَالَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَهْ مَهْ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((لَا تُزْرِمُوهُ، دَعُوهُ))، فَتَرَكُوهُ حَتَّى بَالَ، ثُمَّ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَعَاهُ، فَقَالَ لَهُ: ((إِنَّ هَذِهِ الْمَسَاجِدَ لَا تَصْلُحُ لِشَيْءٍ مِنْ هَذَا الْبَوْلِ وَلَا الْقَذَرِ، إِنَّمَا هِيَ لِذِكْرِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَالصَّلَاةِ، وَقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ))، أَوْ كَمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَمَرَ رَجُلًا مِنْ الْقَوْمِ فَجَاءَ بِدَلْوٍ مِنْ مَاءٍ فَشَنَّهُ عَلَيْهِ" البخاري برقم (220)، ومسلم برقم (285) واللفظ له، وفي لفظ البخاري: ((..فَإِنَّمَا بُعِثْتُمْ مُيَسِّرِينَ وَلَمْ تُبْعَثُوا مُعَسِّرِينَ))، وعند البخاري أيضاً: قال أَبو هُرَيْرَةَ: "فقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي صَلَاةٍ وَقُمْنَا مَعَهُ، فَقَالَ أَعْرَابِيٌّ وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ : اللَّهُمَّ ارْحَمْنِي وَمُحَمَّدًا، وَلَا تَرْحَمْ مَعَنَا أَحَدًا، فَلَمَّا سَلَّمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِلْأَعْرَابِيِّ: ((لَقَدْ حَجَّرْتَ وَاسِعًا))، يُرِيدُ رَحْمَةَ اللَّهِ"البخاري برقم (6010).
3- وعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ كُنْتُ أَمْشِي مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَيْهِ بُرْدٌ نَجْرَانِيٌّ غَلِيظُ الْحَاشِيَةِ فَأَدْرَكَهُ أَعْرَابِيٌّ فَجَذَبَهُ جَذْبَةً شَدِيدَةً حَتَّى نَظَرْتُ إِلَى صَفْحَةِ عَاتِقِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ أَثَّرَتْ بِهِ حَاشِيَةُ الرِّدَاءِ مِنْ شِدَّةِ جَذْبَتِهِ ثُمَّ قَالَ: مُرْ لِي مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي عِنْدَكَ، فَالْتَفَتَ إِلَيْهِ فَضَحِكَ، ثُمَّ أَمَرَ لَهُ بِعَطَاءٍ" البخاري برقم (3149) واللفظ له، ومسلم برقم (1057).
4- وعَنْ أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: "كُنْتُ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ نَازِلٌ بِالْجِعْرَانَةِ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ، وَمَعَهُ بِلَالٌ، فَأَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْرَابِيٌّ، فَقَالَ: أَلَا تُنْجِزُ لِي مَا وَعَدْتَنِي؟ فَقَالَ لَهُ: ((أَبْشِرْ))، فَقَالَ: قَدْ أَكْثَرْتَ عَلَيَّ مِنْ أَبْشِرْ، فَأَقْبَلَ عَلَى أَبِي مُوسَى وَبِلَالٍ كَهَيْئَةِ الْغَضْبَانِ، فَقَالَ: ((رَدَّ الْبُشْرَى، فَاقْبَلَا أَنْتُمَا))، قَالَا: قَبِلْنَا، ثُمَّ دَعَا بِقَدَحٍ فِيهِ مَاءٌ، فَغَسَلَ يَدَيْهِ وَوَجْهَهُ فِيهِ، وَمَجَّ فِيهِ، ثُمَّ قَالَ: ((اشْرَبَا مِنْهُ، وَأَفْرِغَا عَلَى وُجُوهِكُمَا وَنُحُورِكُمَا، وَأَبْشِرَا))، فَأَخَذَا الْقَدَحَ فَفَعَلَا، فَنَادَتْ أُمُّ سَلَمَةَ مِنْ وَرَاءِ السِّتْرِ: أَنْ أَفْضِلَا لِأُمِّكُمَا، فَأَفْضَلَا لَهَا مِنْهُ طَائِفَةً" البخاري برقم (4328) واللفظ له، ومسلم برقم (2497).
5- وعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما قَالَ: "غَزَوْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَزْوَةً قِبَلَ نَجْدٍ، فَأَدْرَكَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي وَادٍ كَثِيرِ الْعِضَاهِ (وهو كُلّ شَجَر عظيم لَهُ شَوْك)، فَنَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَحْتَ شَجَرَةٍ، فَعَلَّقَ سَيْفَهُ بِغُصْنٍ مِنْ أَغْصَانِهَا، قَالَ: وَتَفَرَّقَ النَّاسُ فِي الْوَادِي يَسْتَظِلُّونَ بِالشَّجَرِ، قَالَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((إِنَّ رَجُلًا أَتَانِي وَأَنَا نَائِمٌ، فَأَخَذَ السَّيْفَ فَاسْتَيْقَظْتُ وَهُوَ قَائِمٌ عَلَى رَأْسِي، فَلَمْ أَشْعُرْ إِلَّا وَالسَّيْفُ صَلْتًا فِي يَدِهِ، فَقَالَ لِي: مَنْ يَمْنَعُكَ مِنِّي؟ قُلْتُ: اللَّهُ، ثُمَّ قَالَ فِي الثَّانِيَةِ: مَنْ يَمْنَعُكَ مِنِّي؟ قُلْتُ: اللَّهُ، فَشَامَ (رده في غمده) السَّيْفَ فَهَا هُوَ ذَا جَالِسٌ))، ثُمَّ لَمْ يَعْرِضْ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ" البخاري برقم (2913)، ومسلم برقم (843) واللفظ له.
6- وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَوْمًا يُحَدِّثُ وَعِنْدَهُ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ: ((أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ اسْتَأْذَنَ رَبَّهُ فِي الزَّرْعِ، فَقَالَ لَهُ: أَلَسْتَ فِيمَا شِئْتَ، قَالَ: بَلَى وَلَكِنِّي أُحِبُّ أَنْ أَزْرَعَ، قَالَ: فَبَذَرَ فَبَادَرَ الطَّرْفَ نَبَاتُهُ وَاسْتِوَاؤُهُ وَاسْتِحْصَادُهُ، فَكَانَ أَمْثَالَ الْجِبَالِ، فَيَقُولُ اللَّهُ: دُونَكَ يَا ابْنَ آدَمَ، فَإِنَّهُ لَا يُشْبِعُكَ شَيْءٌ))، فَقَالَ الْأَعْرَابِيُّ: وَاللَّهِ لَا تَجِدُهُ إِلَّا قُرَشِيًّا أَوْ أَنْصَارِيًّا، فَإِنَّهُمْ أَصْحَابُ زَرْعٍ، وَأَمَّا نَحْنُ فَلَسْنَا بِأَصْحَابِ زَرْعٍ، فَضَحِكَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ" البخاري برقم (2348).
7- وعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ: "نُهِينَا أَنْ نَسْأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ شَيْءٍ، فَكَانَ يُعْجِبُنَا أَنْ يَجِيءَ الرَّجُلُ مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ الْعَاقِلُ فَيَسْأَلَهُ وَنَحْنُ نَسْمَعُ، فَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ أَتَانَا رَسُولُكَ فَزَعَمَ لَنَا أَنَّكَ تَزْعُمُ أَنَّ اللَّهَ أَرْسَلَكَ؟ قَالَ: ((صَدَقَ))، قَالَ: فَمَنْ خَلَقَ السَّمَاءَ؟ قَالَ: ((اللَّهُ))، قَالَ: فَمَنْ خَلَقَ الْأَرْضَ؟ قَالَ: ((اللَّهُ))، قَالَ: فَمَنْ نَصَبَ هَذِهِ الْجِبَالَ، وَجَعَلَ فِيهَا مَا جَعَلَ؟ قَالَ: ((اللَّهُ))، قَالَ: فَبِالَّذِي خَلَقَ السَّمَاءَ وَخَلَقَ الْأَرْضَ وَنَصَبَ هَذِهِ الْجِبَالَ آللَّهُ أَرْسَلَكَ؟ قَالَ: ((نَعَمْ))، قَالَ: وَزَعَمَ رَسُولُكَ أَنَّ عَلَيْنَا خَمْسَ صَلَوَاتٍ فِي يَوْمِنَا وَلَيْلَتِنَا؟ قَالَ: ((صَدَقَ))، قَالَ: فَبِالَّذِي أَرْسَلَكَ آللَّهُ أَمَرَكَ بِهَذَا؟ قَالَ: ((نَعَمْ))، قَالَ: وَزَعَمَ رَسُولُكَ أَنَّ عَلَيْنَا زَكَاةً فِي أَمْوَالِنَا، قَالَ: ((صَدَقَ))، قَالَ: فَبِالَّذِي أَرْسَلَكَ آللَّهُ أَمَرَكَ بِهَذَا؟ قَالَ: ((نَعَمْ))، قَالَ: وَزَعَمَ رَسُولُكَ أَنَّ عَلَيْنَا صَوْمَ شَهْرِ رَمَضَانَ فِي سَنَتِنَا؟ قَالَ: ((صَدَقَ))، قَالَ: فَبِالَّذِي أَرْسَلَكَ آللَّهُ أَمَرَكَ بِهَذَا؟ قَالَ: ((نَعَمْ))، قَالَ: وَزَعَمَ رَسُولُكَ أَنَّ عَلَيْنَا حَجَّ الْبَيْتِ مَنْ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا؟ قَالَ: ((صَدَقَ))، قَالَ: ثُمَّ وَلَّى، قَالَ: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ لَا أَزِيدُ عَلَيْهِنَّ، وَلَا أَنْقُصُ مِنْهُنَّ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((لَئِنْ صَدَقَ لَيَدْخُلَنَّ الْجَنَّةَ))" مسلم برقم (12).
8- وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: "بَيْنَمَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَجْلِسٍ يُحَدِّثُ الْقَوْمَ جَاءَهُ أَعْرَابِيٌّ، فَقَالَ: مَتَى السَّاعَةُ؟ فَمَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحَدِّثُ، فَقَالَ بَعْضُ الْقَوْمِ: سَمِعَ مَا قَالَ فَكَرِهَ مَا قَالَ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: بَلْ لَمْ يَسْمَعْ، حَتَّى إِذَا قَضَى حَدِيثَهُ قَالَ: ((أَيْنَ أُرَاهُ السَّائِلُ عَنْ السَّاعَةِ؟)) قَالَ: هَا أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: ((فَإِذَا ضُيِّعَتْ الْأَمَانَةُ فَانْتَظِرْ السَّاعَةَ))، قَالَ: كَيْفَ إِضَاعَتُهَا؟ قَالَ: ((إِذَا وُسِّدَ الْأَمْرُ إِلَى غَيْرِ أَهْلِهِ فَانْتَظِرْ السَّاعَةَ))" البخاري برقم (59).
9- وعن ابْنَ عُمَرَ رضي الله عنه يَقُولُ: "إِنَّ أَعْرَابِيًّا نَادَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَا تَرَى فِي هَذَا الضَّبِّ؟ فَقَالَ: ((لَا آكُلُهُ وَلَا أُحَرِّمُهُ))" أحمد برقم (5505)، وقال محققو المسند: إسناده صحيح (8/169)[1].
10- وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَاءَهُ أَعْرَابِيٌّ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ امْرَأَتِي وَلَدَتْ غُلَامًا أَسْوَدَ؟ فَقَالَ: ((هَلْ لَكَ مِنْ إِبِلٍ؟)) قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: ((مَا أَلْوَانُهَا؟)) قَالَ: حُمْرٌ، قَالَ: ((هَلْ فِيهَا مِنْ أَوْرَقَ؟))(الْأَوْرَق هُوَ الَّذِي فِيهِ سَوَاد لَيْسَ بِحَالِكٍ بَلْ يَمِيلُ إِلَى الْغَبَرَةِ)، قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: ((فَأَنَّى كَانَ ذَلِكَ؟)) قَالَ: أُرَاهُ عِرْقٌ نَزَعَهُ (وَالْمُرَاد بِالْعِرْقِ هُنَا الْأَصْل مِنْ النَّسَب، وَمَعْنَى نَزَعَهُ: أَشْبَهَهُ وَاجْتَذَبَهُ إِلَيْهِ وَأَظْهَرَ لَوْنه عَلَيْهِ)، قَالَ: ((فَلَعَلَّ ابْنَكَ هَذَا نَزَعَهُ عِرْقٌ)) البخاري برقم (6847)واللفظ له، ومسلم برقم (1500).
11- وعن ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "نَزَلَ بِنَا ضَيفٌ بَدَويٌ فَجلسَ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم أمامَ بُيوتِه فَجعلَ يسأَلُهُ عن الناسِ كيفَ فرحُهم بالإسلامِ؟ وكيفَ حدبهم على الصلاةِ؟ فما زال يخبره من ذلك بالذي يسُرُّه، حتى رأيت وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم نَضِرَاً، فَلمَا انتصفَ النهارُ، وحان أكل الطعامِ دعاني مستخفياً لا يأَلُو أن ائت عائشة رضي الله عنها، فأُخْبِرها أن لرسول الله صلى الله عليه وسلم ضيفاً، فقالت: والذي بَعَثَه بالهدى ودين الحقِ ما أصبح في بيتي شيءٌ يأكُلُه أحدٌ مِنَ الناس، فردني إلى نسائه كلهن بما اعتذرتْ به عائشة رضي الله عنها، فرأيت لون رسول الله صلى الله عليه وسلم خَسَفَ، فقال البدوي: إنا أهل البادية معانون على زماننا لسنا بِأَهْلِ الحاضِرَةِ إنما يكفي القبضة من التمر يشرب عليها من اللبن، أو من الماء فذلك الخصب، فمرت عند ذلك عَنْزٌ لنا قد احتَلَبَت كنا نسميها: ثمر ثمر، فدعاها رسول الله صلى الله عليه وسلم باسمها: ((ثمر، ثمر))، فأقبلت إليه تحمحم، فأخذ برجلها: ((بسم الله))، ثم اعتقلها: ((بسم الله))، ثم مسح سرتها: ((بسم الله))، فحطت، فدعاني بمحلب، فأتيته به فحلب: ((بسم الله))، فملأه فدفعه إلى الضيف فشرب منه شربة ضخمة، ثم أراد أن يضعه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((عُلَّ))(من العَلَلُ: وهو الشَّرْبَة الثانية، أو الشرب بعد الشرب تباعاً)، ثم أراد أن يضعه، فقال له: ((عُلَّ))، فكرره عليه حتى امتلأ، وشرب ما شاء ثم حلب: ((بسم الله))، وملأه وقال: ((أبلغ عائشة -رضي الله عنها- هذا))، فشربت منه ما بدا لها، ثم رجعت إليه، فحلب فيه: ((بسم الله))، ثم أرسلني به إلى نسائه كلما شرب منه رددته إليه فحلب فيه: ((بسم الله))، فملأه ثم قال: ((ادفعه إلى الضيف))، فدفعته إليه، فقال: ((بسم الله))، فشرب منه ما شاء الله، ثم أعطاني، فلم آل (أي:لم امتنع) أن أضع شفتي على درج شفته، فشربت شراباً أحلى من العسل، وأطيب من المسك، ثم قال: ((اللهم بارك لأهلها فيها))" تاريخ واسط (1/54، 55)[2]، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة برقم (1977).
12- وعَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ: "كَانَتْ نَاقَةٌ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تُسَمَّى الْعَضْبَاءَ، وَكَانَتْ لَا تُسْبَقُ، فَجَاءَ أَعْرَابِيٌّ عَلَى قَعُودٍ (وهو مَا اِسْتَحَقَّ اَلرُّكُوبَ مِنْ اَلْإِبِلِ، قَالَ اَلْجَوْهَرِيّ: هُوَ اَلْبِكْر حَتَّى يُرْكَبَ، وَأَقَلّ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ اِبْنَ سَنَتَيْنِ إِلَى أَنْ يَدْخُلَ اَلسَّادِسَة فَيُسَمَّى جَمَلًا) لَهُ فَسَبَقَهَا، فَاشْتَدَّ ذَلِكَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، وَقَالُوا: سُبِقَتْ الْعَضْبَاءُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((إِنَّ حَقًّا عَلَى اللَّهِ أَنْ لَا يَرْفَعَ شَيْئًا مِنْ الدُّنْيَا إِلَّا وَضَعَهُ)) البخاري برقم (6501).
13- وعَنْ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ أَنَّ ضَرَّتَيْنِ ضَرَبَتْ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى بِعَمُودِ فُسْطَاطٍ فَقَتَلَتْهَا فَقَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالدِّيَةِ عَلَى عَصَبَةِ الْقَاتِلَةِ، وَقَضَى لِمَا فِي بَطْنِهَا بِغُرَّةٍ فَقَالَ الْأَعْرَابِيُّ: تُغَرِّمُنِي مَنْ لَا أَكَلْ وَلَا شَرِبَ وَلَا صَاحَ فَاسْتَهَلَّ فَمِثْلُ ذَلِكَ يُطَلَّ فَقَالَ: ((سَجْعٌ كَسَجْعِ الْجَاهِلِيَّةِ))، وَقَضَى لِمَا فِي بَطْنِهَا بِغُرَّةٍ" البخاري برقم (5760)، والنسائي برقم (4823)، واللفظ له، وصححه الألباني في صحيح النسائي برقم (4838)[3].
14- وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنهما قَالَ: "أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْرَابِيٌّ عَلَيْهِ جُبَّةٌ مِنْ طَيَالِسَةٍ مَكْفُوفَةٌ بِدِيبَاجٍ أَوْ مَزْرُورَةٌ بِدِيبَاجٍ (الدِّيبَاجُ نَوْعٌ مِنْ الْحَرِيرِ)، فَقَالَ: إِنَّ صَاحِبَكُمْ هَذَا يُرِيدُ أَنْ يَرْفَعَ كُلَّ رَاعٍ ابْنِ رَاعٍ، وَيَضَعَ كُلَّ فَارِسٍ ابْنِ فَارِسٍ، فَقَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُغْضَبًا، فَأَخَذَ بِمَجَامِعِ جُبَّتِهِ فَاجْتَذَبَهُ، وَقَالَ: ((لَا أَرَى عَلَيْكَ ثِيَابَ مَنْ لَا يَعْقِلُ))، ثُمَّ رَجَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجَلَسَ، فَقَالَ: ((إِنَّ نُوحًا عَلَيْهِ السَّلَام لَمَّا حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ دَعَا ابْنَيْهِ، فَقَالَ: إِنِّي قَاصِرٌ عَلَيْكُمَا الْوَصِيَّةَ: آمُرُكُمَا بِاثْنَتَيْنِ، وَأَنْهَاكُمَا عَنْ اثْنَتَيْنِ، أَنْهَاكُمَا عَنْ الشِّرْكِ وَالْكِبْرِ، وَآمُرُكُمَا بِلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ فَإِنَّ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا فِيهِمَا لَوْ وُضِعَتْ فِي كِفَّةِ الْمِيزَانِ وَوُضِعَتْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ فِي الْكِفَّةِ الْأُخْرَى كَانَتْ أَرْجَحَ، وَلَوْ أَنَّ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا حَلْقَةً فَوُضِعَتْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ عَلَيْهَا لَفَصَمَتْهَا أَوْ لَقَصَمَتْهَا، وَآمُرُكُمَا بِسُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ فَإِنَّهَا صَلَاةُ كُلِّ شَيْءٍ، وَبِهَا يُرْزَقُ كُلُّ شَيْءٍ))" أحمد برقم (7061)، وقال محققو المسند: إسناده صحيح (11/670).
15- وعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما: "أَنَّ أَعْرَابِيًّا بَايَعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْإِسْلَامِ، فَأَصَابَ الْأَعْرَابِيَّ وَعْكٌ (مرض) بِالْمَدِينَةِ، فَأَتَى الْأَعْرَابِيُّ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَقِلْنِي بَيْعَتِي فَأَبَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ جَاءَهُ، فَقَالَ: أَقِلْنِي بَيْعَتِي فَأَبَى، ثُمَّ جَاءَهُ، فَقَالَ: أَقِلْنِي بَيْعَتِي فَأَبَى، فَخَرَجَ الْأَعْرَابِيُّ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((إِنَّمَا الْمَدِينَةُ كَالْكِيرِ تَنْفِي خَبَثَهَا، وَيَنْصَعُ طِيبُهَا)) البخاري برقم (7211) واللفظ له، ومسلم برقم (1383) (الْكِيرُ: كِيرُ الْحَدَّادِ وَهُوَ الزِّقُّ الَّذِي يُنْفَخُ بِهِ النَّارُ)، (خَبَثَهَا هُوَ مَا تُلْقِيهِ مِنْ وَسَخِ الْفِضَّةِ وَالنُّحَاسِ وَغَيْرِهِمَا إِذَا أُذِيبَا).
16- وعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه: "أَنَّ أَعْرَابِيًّا أَتَى بَابَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَلْقَمَ عَيْنَهُ خُصَاصَةَ الْبَابِ (الْخَصَاصَة الْفُرْجَة، وَالْمَعْنَى جَعَلَ فُرْجَة الْبَاب مُحَاذِيَ عَيْنه كَأَنَّهَا لُقْمَة لَهَا) فَبَصُرَ بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَتَوَخَّاهُ بِحَدِيدَةٍ أَوْ عُودٍ لِيَفْقَأَ عَيْنَهُ، فَلَمَّا أَنْ بَصُرَ انْقَمَعَ (أَيْ رَدَّ بَصَره وَرَجَعَ)، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((أَمَا إِنَّكَ لَوْ ثَبَتَّ لَفَقَأْتُ عَيْنَكَ)) النسائي برقم (4858)، وقال الألباني: إسناده صحيح، انظر صحيح النسائي برقم (4873)، وفي صحيح مسلم: قال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((لَوْ أَعْلَمُ أَنَّكَ تَنْظُرُ طَعَنْتُ بِهِ فِي عَيْنِكَ، إِنَّمَا جَعَلَ اللَّهُ الْإِذْنَ مِنْ أَجْلِ الْبَصَرِ)) مسلم برقم (2156).
17- وعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ عَلَى أَعْرَابِيٍّ يَعُودُهُ قَالَ وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا دَخَلَ عَلَى مَرِيضٍ يَعُودُهُ قَالَ: ((لَا بَأْسَ طَهُورٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ))، فَقَالَ لَهُ: ((لَا بَأْسَ طَهُورٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ))، قَالَ: قُلْت طَهُورٌ! كَلَّا بَلْ هِيَ حُمَّى تَفُورُ، أَوْ تَثُورُ عَلَى شَيْخٍ كَبِيرٍ، تُزِيرُهُ الْقُبُورَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((فَنَعَمْ إِذًا)) البخاري برقم (3616)، وعند الطبراني في الكبير: "فما أَمْسَى مِنَ الْغَدِ إِلا مَيِّتًا "[4].
18- وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ الْأَقْرَعَ بْنَ حَابِسٍ أَبْصَرَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُقَبِّلُ الْحَسَنَ، فَقَالَ: إِنَّ لِي عَشْرَةً مِنْ الْوَلَدِ مَا قَبَّلْتُ وَاحِدًا مِنْهُمْ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((إِنَّهُ مَنْ لَا يَرْحَمْ لَا يُرْحَمْ)) البخاري برقم (5997)، ومسلم برقم (2318) واللفظ له.
19- وعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: جَاءَ أَعْرَابِيٌّ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: تُقَبِّلُونَ الصِّبْيَانَ؟! فَمَا نُقَبِّلُهُمْ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((أَوَ أَمْلِكُ لَكَ أَنْ نَزَعَ اللَّهُ مِنْ قَلْبِكَ الرَّحْمَةَ)) البخاري برقم (5998).
20-  وعَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ كَانَ اسْمُهُ زَاهِرًا كَانَ يُهْدِي لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْهَدِيَّةَ مِنْ الْبَادِيَةِ، فَيُجَهِّزُهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَخْرُجَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((إِنَّ زَاهِرًا بَادِيَتُنَا، وَنَحْنُ حَاضِرُوهُ))، وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحِبُّهُ وَكَانَ رَجُلًا دَمِيمًا فَأَتَاهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا وَهُوَ يَبِيعُ مَتَاعَهُ فَاحْتَضَنَهُ مِنْ خَلْفِهِ وَهُوَ لَا يُبْصِرُهُ، فَقَالَ الرَّجُلُ: أَرْسِلْنِي، مَنْ هَذَا؟ فَالْتَفَتَ فَعَرَفَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَجَعَلَ لَا يَأْلُو مَا أَلْصَقَ ظَهْرَهُ بِصَدْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ عَرَفَهُ، وَجَعَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: ((مَنْ يَشْتَرِي الْعَبْدَ؟)) فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِذًا وَاللَّهِ تَجِدُنِي كَاسِدًا، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((لَكِنْ عِنْدَ اللَّهِ لَسْتَ بِكَاسِدٍ))، أَوْ قَالَ: ((لَكِنْ عِنْدَ اللَّهِ أَنْتَ غَالٍ)) أحمد برقم (12237)، وقال محققو المسند: إسناده صحيح، انظر مسند أحمد (20/91).
21- وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ أَعْرَابِيًّا أَهْدَى لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَكْرَةً (بكرة: البكر بفتح موحدة فسكون كاف فتى من الإبل بمنزلة غلام من الناس والأنثى بكرة، وجمع بكرة: بكرات) فَعَوَّضَهُ مِنْهَا سِتَّ بَكَرَاتٍ فَتَسَخَّطَهُ، فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ: ((إِنَّ فُلَانًا أَهْدَى إِلَيَّ نَاقَةً فَعَوَّضْتُهُ مِنْهَا سِتَّ بَكَرَاتٍ فَظَلَّ سَاخِطًا، وَلَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ لَا أَقْبَلَ هَدِيَّةً إِلَّا مِنْ قُرَشِيٍّ، أَوْ أَنْصَارِيٍّ أَوْ ثَقَفِيٍّ، أَوْ دَوْسِيٍّ)) الترمذي برقم (3945)، وصححه الألباني في صحيح سنن الترمذي برقم (2119)[5].
22- وعَنْ عُمَارَةَ بْنِ خُزَيْمَةَ أَنَّ عَمَّهُ حَدَّثَهُ -وَهُوَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ابْتَاعَ فَرَسًا مِنْ أَعْرَابِيٍّ وَاسْتَتْبَعَهُ لِيَقْبِضَ ثَمَنَ فَرَسِهِ، فَأَسْرَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَبْطَأَ الْأَعْرَابِيُّ، وَطَفِقَ الرِّجَالُ يَتَعَرَّضُونَ لِلْأَعْرَابِيِّ فَيَسُومُونَهُ بِالْفَرَسِ، وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ابْتَاعَهُ حَتَّى زَادَ بَعْضُهُمْ فِي السَّوْمِ عَلَى مَا ابْتَاعَهُ بِهِ مِنْهُ، فَنَادَى الْأَعْرَابِيُّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: إِنْ كُنْتَ مُبْتَاعًا هَذَا الْفَرَسَ وَإِلَّا بِعْتُهُ، فَقَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ سَمِعَ نِدَاءَهُ، فَقَالَ: ((أَلَيْسَ قَدْ ابْتَعْتُهُ مِنْكَ؟!)) قَالَ: لَا وَاللَّهِ مَا بِعْتُكَهُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((قَدْ ابْتَعْتُهُ مِنْكَ))، فَطَفِقَ النَّاسُ يَلُوذُونَ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبِالْأَعْرَابِيِّ وَهُمَا يَتَرَاجَعَانِ، وَطَفِقَ الْأَعْرَابِيُّ يَقُولُ: هَلُمَّ شَاهِدًا يَشْهَدُ أَنِّي قَدْ بِعْتُكَهُ، قَالَ خُزَيْمَةُ بْنُ ثَابِتٍ: أَنَا أَشْهَدُ أَنَّكَ قَدْ بِعْتَهُ، قَالَ: فَأَقْبَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى خُزَيْمَةَ، فَقَالَ: ((بم تَشْهَدُ؟)) قَالَ: بِتَصْدِيقِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ فَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَهَادَةَ خُزَيْمَةَ شَهَادَةَ رَجُلَيْنِ" رواه النسائي برقم (4647)، وصححه الألباني في صحيح النسائي برقم (4661).
23- وعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه قَالَ: جَاءَ أَعْرَابِيٌّ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَقَاضَاهُ دَيْنًا كَانَ عَلَيْهِ، فَاشْتَدَّ عَلَيْهِ حَتَّى قَالَ لَهُ: أُحَرِّجُ عَلَيْكَ إِلَّا قَضَيْتَنِي، فَانْتَهَرَهُ أَصْحَابُهُ، وَقَالُوا: وَيْحَكَ تَدْرِي مَنْ تُكَلِّمُ؟! قَالَ: إِنِّي أَطْلُبُ حَقِّي، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((هَلَّا مَعَ صَاحِبِ الْحَقِّ كُنْتُمْ))، ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَى خَوْلَةَ بِنْتِ قَيْسٍ، فَقَالَ لَهَا: ((إِنْ كَانَ عِنْدَكِ تَمْرٌ فَأَقْرِضِينَا حَتَّى يَأْتِيَنَا تَمْرُنَا فَنَقْضِيَكِ))، فَقَالَتْ: نَعَمْ بِأَبِي أَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ فَأَقْرَضَتْهُ فَقَضَى الْأَعْرَابِيَّ وَأَطْعَمَهُ، فَقَالَ: أَوْفَيْتَ أَوْفَى اللَّهُ لَكَ، فَقَالَ: ((أُولَئِكَ خِيَارُ النَّاسِ إِنَّهُ لَا قُدِّسَتْ أُمَّةٌ لَا يَأْخُذُ الضَّعِيفُ فِيهَا حَقَّهُ غَيْرَ مُتَعْتَعٍ)) رواه ابن ماجه (2426)، وصححه الألباني في صحيح ابن ماجه برقم (1984)[6].
24- وعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: "ابْتَاعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ رَجُلٍ مِنْ الْأَعْرَابِ جَزُورًا أَوْ جَزَائِرَ بِوَسْقٍ مِنْ تَمْرِ الذَّخِرَةِ وَتَمْرُ الذَّخِرَةِ الْعَجْوَةُ، فَرَجَعَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى بَيْتِهِ وَالْتَمَسَ لَهُ التَّمْرَ فَلَمْ يَجِدْهُ، فَخَرَجَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ لَهُ: ((يَا عَبْدَ اللَّهِ إِنَّا قَدْ ابْتَعْنَا مِنْكَ جَزُورًا أَوْ جَزَائِرَ بِوَسْقٍ مِنْ تَمْرِ الذَّخْرَةِ فَالْتَمَسْنَاهُ فَلَمْ نَجِدْهُ))، قَالَ فَقَالَ الْأَعْرَابِيُّ: وَا غَدْرَاهُ، قَالَتْ: فَنَهَمَهُ النَّاسُ وَقَالُوا: قَاتَلَكَ اللَّهُ أَيَغْدِرُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ! قَالَتْ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((دَعُوهُ فَإِنَّ لِصَاحِبِ الْحَقِّ مَقَالًا))، ثُمَّ عَادَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: ((يَا عَبْدَ اللَّه إِنَّا ابْتَعْنَا مِنْكَ جَزَائِرَكَ وَنَحْنُ نَظُنُّ أَنَّ عِنْدَنَا مَا سَمَّيْنَا لَكَ فَالْتَمَسْنَاهُ فَلَمْ نَجِدْهُ))، فَقَالَ الْأَعْرَابِيُّ: وَا غَدْرَاهُ، فَنَهَمَهُ النَّاسُ وَقَالُوا: قَاتَلَكَ اللَّهُ أَيَغْدِرُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ! فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((دَعُوهُ فَإِنَّ لِصَاحِبِ الْحَقِّ مَقَالًا))، فَرَدَّدَ ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا، فَلَمَّا رَآهُ لَا يَفْقَهُ عَنْهُ قَالَ لِرَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِهِ: ((اذْهَبْ إِلَى خُوَيْلَةَ بِنْتِ حَكِيمِ بْنِ أُمَيَّةَ، فَقُلْ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لَكِ: إِنْ كَانَ عِنْدَكِ وَسْقٌ مِنْ تَمْرِ الذَّخِرَةِ، فَأَسْلِفِينَاهُ حَتَّى نُؤَدِّيَهُ إِلَيْكِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ))، فَذَهَبَ إِلَيْهَا الرَّجُلُ ثُمَّ رَجَعَ الرَّجُلُ، فَقَالَ قَالَتْ نَعَمْ هُوَ عِنْدِي يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَابْعَثْ مَنْ يَقْبِضُهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلرَّجُلِ: ((اذْهَبْ بِهِ فَأَوْفِهِ الَّذِي لَهُ))، قَالَ: فَذَهَبَ بِهِ فَأَوْفَاهُ الَّذِي لَهُ، قَالَتْ: فَمَرَّ الْأَعْرَابِيُّ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ جَالِسٌ فِي أَصْحَابِهِ فَقَالَ: جَزَاكَ اللَّهُ خَيْرًا، فَقَدْ أَوْفَيْتَ وَأَطْيَبْتَ، قَالَتْ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((أُولَئِكَ خِيَارُ عِبَادِ اللَّهِ عِنْدَ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ الْمُوفُونَ الْمُطِيبُونَ))" رواه أحمد برقم (25780)، وقال محققو المسند: إسناده حسن، انظر مسند أحمد (43/338).
25- وعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه قَالَ: "عَدَا الذِّئْبُ عَلَى شَاةٍ فَأَخَذَهَا فَطَلَبَهُ الرَّاعِي فَانْتَزَعَهَا مِنْهُ فَأَقْعَى الذِّئْبُ عَلَى ذَنَبِهِ، قَالَ: أَلَا تَتَّقِي اللَّهَ تَنْزِعُ مِنِّي رِزْقًا سَاقَهُ اللَّهُ إِلَيَّ، فَقَالَ: يَا عَجَبِي ذِئْبٌ مُقْعٍ عَلَى ذَنَبِهِ يُكَلِّمُنِي كَلَامَ الْإِنْسِ، فَقَالَ الذِّئْبُ: أَلَا أُخْبِرُكَ بِأَعْجَبَ مِنْ ذَلِكَ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَثْرِبَ يُخْبِرُ النَّاسَ بِأَنْبَاءِ مَا قَدْ سَبَقَ، قَالَ: فَأَقْبَلَ الرَّاعِي يَسُوقُ غَنَمَهُ حَتَّى دَخَلَ الْمَدِينَةَ فَزَوَاهَا إِلَى زَاوِيَةٍ مِنْ زَوَايَاهَا، ثُمَّ أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرَهُ فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَنُودِيَ الصَّلَاةُ جَامِعَةٌ، ثُمَّ خَرَجَ فَقَالَ لِلرَّاعِي: ((أَخْبِرْهُمْ))، فَأَخْبَرَهُمْ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((صَدَقَ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يُكَلِّمَ السِّبَاعُ الْإِنْسَ، وَيُكَلِّمَ الرَّجُلَ عَذَبَةُ سَوْطِهِ، وَشِرَاكُ نَعْلِهِ، وَيُخْبِرَهُ فَخِذُهُ بِمَا أَحْدَثَ أَهْلُهُ بَعْدَهُ)) أحمد برقم (11383)، وقال محققو المسند: رجاله ثقات رجال الصحيح، انظر مسند أحمد (18/316).


[1] مسند الإمام أحمد بن حنبل (8/ 169)، المؤلف: أبو عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل بن هلال بن أسد الشيباني، المحقق: شعيب الأرنؤوط - عادل مرشد ، وآخرون، إشراف: د عبد الله بن عبد المحسن التركي، الناشر: مؤسسة الرسالة، الطبعة: الأولى، 1421هـ - 2001م.
[2] تاريخ واسط (1/54،55)، تأليف: أسلم بن سهل الرزاز الواسطي، تحقيق: كوركيس عواد، دار النشر: عالم الكتب - بيروت - 1406، الطبعة: الأولى.
[3] صحيح سنن النسائي، تأليف: محمد ناصر الدين الألباني، الناشر: مكتب التربية العربي لدول الخليج، الطبعة: الأولى، سنة الطبع: 1409هـ.
[4] المعجم الكبير (7/ 306)، تأليف: سليمان بن أحمد بن أيوب أبو القاسم الطبراني، تحقيق: حمدي بن عبدالمجيد السلفي، دار النشر: مكتبة الزهراء - الموصل - 1404 - 1983، الطبعة: الثانية.
[5] صحيح سنن الترمذي، تأليف: محمد ناصر الدين الألباني، الناشر: مكتب التربية العربي لدول الخليج، الطبعة: الأولى، سنة الطبع: 1408هـ.
[6] صحيح سنن ابن ماجه، تأليف: محمد ناصر الدين الألباني، الناشر: مكتب التربية العربي لدول الخليج، الطبعة: الأولى، سنة الطبع: 1407هـ. 
أرسل الله رسوله صلى الله عليه وسلم إلى الناس عامة باديتهم وحاضرتهم، عربهم وعجمهم، فكان صاحب علم ودراية بطبيعة المجتمعات التي يدعوها إلى الدين الحنيف، ولا يخفى أن البيئة التي يعيش فيها الإنسان مؤثرة على خلقه وسلوكه، ولما كانت البيئة الصحراوية بما تحتويه من قسوة وصعوبة وبعد عن مخالطة الناس مؤثرة على من يعيش فيها، قال عليه الصلاة والسلام : ((مَنْ سَكَنَ الْبَادِيَةَ جَفَا، وَمَنْ اتَّبَعَ الصَّيْدَ غَفَلَ))، ولذا كان صاحب تعامل مميز معهم، فلم يتضجر من جفائهم، أو غلظتهم، بل صبر عليهم، وتحمل طبعهم، وكيف لا يفعل ذلك وهو الرحيم بأمته.
فها هو أعرابي يبول في المسجد، فينكر عليه الصحابة ذلك الفعل، فيأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم بتركه حتى يُنهي بوله، لكي لا يتضرر، ولا يرتبك فينجس نفسه، أو ينجس مكاناً آخر من المسجد، ثم يبين له النبي صلى الله عليه وسلم ما وقع فيه من خطأ بأسلوب رفيع، فلما قام الأعرابي إلى الصلاة أخذ يُعبِّر عن تأثره بتعامل النبي الرؤوف معه، فقال: "اللَّهُمَّ ارْحَمْنِي وَمُحَمَّدًا، وَلَا تَرْحَمْ مَعَنَا أَحَدًا".
ويراعي النبي صلى الله عليه وسلم عدم معرفة الأعراب آداب الكلام، فقد يقاطعه أحدهم، فيحتمل مقاطعتهم، وربما أخر إجابتهم حتى يفرغ من حديثه، فبينما النبي عليه الصلاة والسلام يتحدث مع أصحابه إذ يقاطعه أعرابيٌ بسؤال، فيمضي النبي في حديثه، ثم يسأل عن السائل فيجيبه، دون تعنيف، أو توبيخ، ويرفع أحدهم صوته على رسول الله، ويناديه بالسؤال: مَا تَرَى فِي هَذَا الضَّبِّ؟ فَيجيبه: ((لَا آكُلُهُ وَلَا أُحَرِّمُهُ))، يغض طرفه عن المزعجات، ويقدر في ذلك حالة المتكلم، وما هو عليه من الجفاء، والغلظة.
ولا يتحمل كلامهم فقط بل يجذب أحدهم ثوب النبي صلى الله عليه وسلم حتى يُرى أثر ذلك على عاتقه الشريف، ويقول: مُرْ لِي مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي عِنْدَكَ، فيلتفت إليه الحبيب المصطفى التفات المشفق المحب، ذو القلب الكبير، فيضحك من فعله، ويأمر له بعطاء! أي حدث هذا الذي حصل؟ وأي رد هذا الذي كان؟ يقابل السيئة بالحسنة، والخطأ بالعفو والإحسان، تأليفاً لقلبه، وتعليماً لمن حوله، وما هذا إلا قطرة من بحر أخلاق النبي الكريم الرفيعة، وما تلك إلا صفحة من صفحات رحمته بأمته، فهو الذي ابتعثه الله داعياً ومبشراً ونذيراً.

 

صاحب الرسالة الربانية، ومعلم الأمة الإسلامية، ورسول رب البرية؛ له من الصفات العظيمة، والأخلاق الكريمة ما يستحق بها أن تكون له أعظم الوظائف، وأرقى المراتب، وهي الدعوة إلى الله جل في علاه، فكان مثالاً لا يضاهى في حسن تعامله، حتى مع من غلظ طبعه من الأعراب، فكم صبر على تعاملهم الذي لا يتحمله إلا القليل من الناس.
فها هو أعرابي يحاول قتل النبي صلى الله عليه وسلم فيحفظ الله نبيه، ثم يعفو ويمنُّ عليه رغبة فِي تأليف الْكفار ليدخلوا في الإسلام، وربما اشتد عليه بعض الأعراب في الكلام فيحتمل منه ذلك، فهذا أعرابي جاءه يتقاضاه ديناً كَانَ عَلَيْهِ، فَاشْتَدَّ عَلَيْهِ حَتَّى قَالَ لَهُ: أُحَرِّجُ عَلَيْكَ إِلَّا قَضَيْتَنِي، فانتهره أصحَابُه، وَقَالُوا: وَيْحَكَ تَدْرِي مَنْ تُكَلِّمُ؟! يجري هذا والنبي صلى الله عليه ينظر، ثم يعلق على ما يحدث فيقول: ((هَلَّا مَعَ صَاحِبِ الْحَقِّ كُنْتُمْ))، فقضاه دينه وزاده.
ومن ذلك أنه صلى الله عليه وسلم اشترى من أعرابي إبلاً، ثم ذهب به إلى بيته ليعطيه الثمن، فلم يجد شيئاً، فخرج يعتذر لذلك الأعرابي، فقال الأعرابي: وَا غَدْرَاهُ، فاشتد عليه الناس، وَقَالُوا: قَاتَلَكَ اللَّهُ أَيَغْدِرُ رَسُولُ اللَّهِ! كلمة كبيرة تقال في حق النبي –بأبي هو وأمي-، فَيقَولَ رَسُولُ اللَّهِ: ((دَعُوهُ فَإِنَّ لِصَاحِبِ الْحَقِّ مَقَالًا))، ولا يزال يشرح للأعرابي ما حدث، ويكرر ذلك، فلما لم يفهم استلف الثمن، ثم أمر أن يوفَّى الأعرابي حقه، فَمَرَّ الْأَعْرَابِيُّ بِرَسُولِ اللَّهِ وَهُوَ جَالِسٌ فِي أَصْحَابِهِ فَقَالَ: "جَزَاكَ اللَّهُ خَيْرًا، فَقَدْ أَوْفَيْتَ وَأَطْيَبْتَ"، فيقول الحبيب عليه أفضل الصلاة والسلام: ((أُولَئِكَ خِيَارُ عِبَادِ اللَّهِ عِنْدَ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ الْمُوفُونَ الْمُطِيبُونَ)).
 لكنه مع حلمه في حقه الخاص كان يُوقف الأعراب عند حدود الشرع وأحكامه إذا لزم الأمر، فها هو رسول الله صلى الله عليه وسلم يقضي بأن دية الجنين في بطن أمه قيمة عبد أو قيمة أمة، فيعترض أعرابي على هذا الحكم بكلام مسجوع، فيقول له النبي صلى الله عليه وسلم منكراً: ((سَجْعٌ كَسَجْعِ الْجَاهِلِيَّةِ))، ويأمر بما قضى به، ولا يتراجع عنه، ويربيهم على الآداب الإسلامية.
وكان يزجرهم عن بعض عادات الأعراب السيئة، ومن ذلك النظر في البيوت من غير استئذان، فعندما نظر أعرابي من خلال فتحة في باب النبي صلى الله عليه وسلم كاد النبي أن يفقأ عين الأعرابي بحديدة لولا أن الأعرابي ابتعد، ثم قال له المعلم القدوة: ((لَوْ أَعْلَمُ أَنَّكَ تَنْظُرُ طَعَنْتُ بِهِ فِي عَيْنِكَ إِنَّمَا جَعَلَ اللَّهُ الْإِذْنَ مِنْ أَجْلِ الْبَصَرِ))، وكان ربما عاتبهم على بعض أفعالهم وقسوتهم، فيقول لهم: ((إِنَّهُ مَنْ لَا يَرْحَمْ لَا يُرْحَمْ))، صلى الله عليه وسلم.

 

إن تعامل النبي صلى الله عليه وسلم مع جميع الخلق تعامل مثالي، يقتدي به من أراد النجاح في حياته، والفوز في الآخرة بجنة ربه، وأراد أن يكون عادلاً منصفاً يعطي كل ذي حق حقه، فقد يحسن أحدنا التعامل مع فئة معينة لكنه لا يحسن أن يتعامل مع غيرها، أما هذا النبي العظيم فهو عظيم في تعامله مع كل الفئات، كل بما يناسبه.
فهذا أعرابي يأتي فيسأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الإسلام ويستحلفه بالله، والنبي صلى الله عليه وسلم يجيبه بدون غضب، وذاك يسأل والنبي يجيب، ثم يقول الأعرابي: "وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ لَا أَزِيدُ عَلَيْهِنَّ، وَلَا أَنْقُصُ مِنْهُنَّ، فَيقَولَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((لَئِنْ صَدَقَ لَيَدْخُلَنَّ الْجَنَّةَ))، فقد كانوا كثيراً ما يسألون، وكان الصحابة رضي الله عنهم يهابون النبي عليه الصلاة والسلام ويوقرونه، فيفرحون بالأعراب إذا قدموا المدينة ليسألوا النبي عليه الصلاة والسلام فيجيبهم على ذلك فينتفع الصحابة.
بل كان يجالسهم ويقص عليهم نعيم الجنة ويضحك معهم، ففي يوم من الأيام كان النبي صلى الله عليه وسلم يحدث عن رجل من أهل الجنة استأذن من ربه في الزرع، وذكر بقية الحديث فقال الأعرابي: "وَاللَّهِ لَا تَجِدُهُ إِلَّا قُرَشِيًّا أَوْ أَنْصَارِيًّا، فَإِنَّهُمْ أَصْحَابُ زَرْعٍ، وَأَمَّا نَحْنُ فَلَسْنَا بِأَصْحَابِ زَرْعٍ، فَضَحِكَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
 وكان يمازح الأعراب، فقد لقي أحدهم -واسمه زاهر- في السوق فيحتضنه من خلفه وهو لا يبصره، وَجَعَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: ((مَنْ يَشْتَرِي الْعَبْدَ؟)) فَقَالَ زاهر: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِذًا وَاللَّهِ تَجِدُنِي كَاسِدًا، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((لَكِنْ عِنْدَ اللَّهِ لَسْتَ بِكَاسِدٍ))، مع من هذا المزاح؟ مع أعرابي قد لا يكون يعرف ذلك من قبل، لكن هكذا تكون التربية تشمل كل احتياجات النفوس، ومطالب البشر.
وربما سابق بعضهم في الإبل، فقد كان للنبي صلى الله عليه وسلم ناقة تسمى العضباء، وكانت لا تسبق، فجاء أعرابي بناقة له فسبقتها، فاشتد ذلك على المسلمين، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((إِنَّ حَقًّا عَلَى اللَّهِ أَنْ لَا يَرْفَعَ شَيْئًا مِنْ الدُّنْيَا إِلَّا وَضَعَهُ))، كيف يرضى النبي صلى الله عليه وسلم أن يسابقه أعرابي؟ ما ذلك إلا من حسن خلقه، وتواضعه صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم.

 

6 + 9 =
Solve this simple math problem and enter the result. E.g. for 1+3, enter 4.