1 عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنه قَالَتْ: رَجَعَ إِِلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ذَاتَ يَوْمٍ مِنْ جِنَازَةٍ بِالْبَقِيعِ، وَأَنَا أَجِدُ صُدَاعًا فِي رَأْسِي، وَأَنَا أَقُولُ: وَا رَأْسَاهْ، قَالَ: ((بَلْ أَنَا يَا عَائِشَةُ وَا رَأْسَاهْ)) ثُمَّ قَالَ: ((وَمَا ضَرَّكِ لَوْ مِتِّ قَبْلِي فَغَسَّلْتُكِ وَكَفَّنْتُكِ، وَصَلَّيْتُ عَلَيْكِ، ثُمَّ دَفَنْتُكِ)) قُلْتُ: لَكَأَنِّي بِكَ أَنْ لَوْ فَعَلْتَ ذَلِكَ قَدْ رَجَعْتَ إِِلَى بَيْتِي، فَأَعْرَسْتَ فِيهِ بِبَعْضِ نِسَائِكَ، فَتَبَسَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ بُدِئَ فِي وَجَعِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ"[1].
2 وعن عُبَيْد اللَّهِ بن عبد اللَّهِ بن عُتْبَةَ أَنَّ عَائِشَةَ أَخْبَرَتْهُ قالت: أَوَّلُ ما اشْتَكَى رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم في بَيْتِ مَيْمُونَةَ، فَاسْتَأْذَنَ أَزْوَاجَهُ أَنْ يُمَرَّضَ في بَيْتِهَا، وَأَذِنَّ له" الحديث رواه مسلم (418).
3 وعن عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كان يَسْأَلُ في مَرَضِهِ الذي مَاتَ فيه، يقول: ((أَيْنَ أنا غَدًا؟ أَيْنَ أنا غَدًا؟)) يُرِيدُ يوم عَائِشَةَ، فَأَذِنَ له أَزْوَاجُهُ يَكُونُ حَيْثُ شَاءَ، فَكَانَ في بَيْتِ عَائِشَةَ حتى مَاتَ عِنْدَهَا، قالت عَائِشَةُ: فَمَاتَ في الْيَوْمِ الذي كان يَدُورُ عَلَيَّ فيه، في بَيْتِي، فَقَبَضَهُ الله، وَإِنَّ رَأْسَهُ لَبَيْنَ نَحْرِي وَسَحْرِي، وَخَالَطَ رِيقُهُ رِيقِي، ثُمَّ قالت: دخل عبد الرحمن بن أبي بَكْرٍ وَمَعَهُ سِوَاكٌ يَسْتَنُّ بِهِ، فَنَظَرَ إليه رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فقلت له: أَعْطِنِي هذا السِّوَاكَ يا عَبْدَ الرحمن، فَأَعْطَانِيهِ، فَقَضِمْتُهُ، ثُمَّ مَضَغْتُهُ، فَأَعْطَيْتُهُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَاسْتَنَّ بِهِ، وهو مُسْتَنِدٌ إلى صَدْرِي" رواه البخاري (4185).
4 وعن عَائِشَةَ رضي الله عنها قالت: إن كان رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَيَتَعَذَّرُ في مَرَضِهِ: ((أَيْنَ أنا الْيَوْمَ؟ أَيْنَ أنا غَدًا؟)) اسْتِبْطَاءً لِيَوْمِ عَائِشَةَ، فلما كان يَوْمِي قَبَضَهُ الله بين سَحْرِي وَنَحْرِي، وَدُفِنَ في بَيْتِي" رواه البخاري(1323).
5 وقالت عَائِشَةُ رضي الله عنها: لَدَدْنَاهُ (جعلنا في جانب فمه دواء بغير اختياره) في مَرَضِهِ، فَجَعَلَ يُشِيرُ إِلَيْنَا أَنْ لَا تَلُدُّونِي، فَقُلْنَا كَرَاهِيَةُ الْمَرِيضِ لِلدَّوَاءِ، فلما أَفَاقَ، قال: ((أَلَمْ أَنْهَكُمْ أَنْ تَلُدُّونِي)) قُلْنَا: كَرَاهِيَةَ الْمَرِيضِ لِلدَّوَاءِ، فقال: ((لَا يَبْقَى أَحَدٌ في الْبَيْتِ إلا لُدَّ، وأنا أَنْظُرُ إلا الْعَبَّاسَ، فإنه لم يَشْهَدْكُمْ)) رواه البخاري (4189).
6 وعن عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كان إذا اشْتَكَى يَقْرَأُ على نَفْسِهِ بِالْمُعَوِّذَاتِ، وَيَنْفُثُ، فلما اشْتَدَّ وَجَعُهُ كنت أَقْرَأُ عليه، وَأَمْسَحُ بيده، رَجَاءَ بَرَكَتِهَا" رواه البخاري (4728) ومسلم (2192).
7 وعن عَائِشَةَ رضي الله عنها قالت: كان رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إذا اشْتَكَى مِنَّا إِنْسَانٌ مَسَحَهُ بِيَمِينِهِ، ثُمَّ قال: ((أَذْهِبْ الْبَاسَ، رَبَّ الناس، وَاشْفِ أنت الشَّافِي لَا شِفَاءَ إلا شِفَاؤُكَ، شِفَاءً لَا يُغَادِرُ سَقَمًا)) فلما مَرِضَ رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَثَقُلَ أَخَذْتُ بيده لِأَصْنَعَ بِهِ نحو ما كان يَصْنَعُ، فَانْتَزَعَ يَدَهُ من يَدِي، ثُمَّ قال: ((اللهم اغْفِرْ لي وَاجْعَلْنِي مع الرَّفِيقِ الأعلى)) قالت: فَذَهَبْتُ أَنْظُرُ، فإذا هو قد قَضَى" رواه مسلم (2191).
8 وعن عُبَيْدِ اللَّهِ بن عبد اللَّهِ بن عُتْبَةَ قال: دَخَلْتُ على عَائِشَةَ، فقلت: ألا تُحَدِّثِينِي عن مَرَضِ رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ قالت: بَلَى، ثَقُلَ النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ((أَصَلَّى الناس؟)) قُلْنَا: لَا، هُمْ يَنْتَظِرُونَكَ، قال: ((ضَعُوا لي مَاءً في الْمِخْضَبِ)) قالت: فَفَعَلْنَا، فَاغْتَسَلَ فَذَهَبَ لِيَنُوءَ (لينهض بجهد)، فَأُغْمِيَ عليه، ثُمَّ أَفَاقَ، فقال صلى الله عليه وسلم: (أَصَلَّى الناس)) قُلْنَا: لَا، هُمْ يَنْتَظِرُونَكَ يا رَسُولَ اللَّهِ، قال: ((ضَعُوا لي مَاءً في الْمِخْضَبِ)) قالت: فَقَعَدَ فَاغْتَسَلَ، ثُمَّ ذَهَبَ لِيَنُوءَ فَأُغْمِيَ عليه، ثُمَّ أَفَاقَ، فقال: ((أَصَلَّى الناس؟)) قُلْنَا: لَا، هُمْ يَنْتَظِرُونَكَ يا رَسُولَ اللَّهِ، فقال: ((ضَعُوا لي مَاءً في الْمِخْضَبِ)) فَقَعَدَ، فَاغْتَسَلَ، ثُمَّ ذَهَبَ لِيَنُوءَ، فَأُغْمِيَ عليه، ثُمَّ أَفَاقَ، فقال: ((أَصَلَّى الناس؟)) فَقُلْنَا: لَا، هُمْ يَنْتَظِرُونَكَ يا رَسُولَ اللَّهِ، وَالنَّاسُ عُكُوفٌ في الْمَسْجِدِ (أي مجتمعون) يَنْتَظِرُونَ النبي عليه السَّلَام لِصَلَاةِ الْعِشَاءِ الْآخِرَةِ، فَأَرْسَلَ النبي صلى الله عليه وسلم إلى أبي بَكْرٍ بِأَنْ يُصَلِّيَ بِالنَّاسِ، فَأَتَاهُ الرَّسُولُ، فقال: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَأْمُرُكَ أَنْ تُصَلِّيَ بِالنَّاسِ، فقال أبو بَكْرٍ، وكان رَجُلًا رَقِيقًا، يا عُمَرُ: صَلِّ بِالنَّاسِ، فقال له عُمَرُ: أنت أَحَقُّ بِذَلِكَ، فَصَلَّى أبو بَكْرٍ تِلْكَ الْأَيَّامَ، ثُمَّ إِنَّ النبي صلى الله عليه وسلم وَجَدَ من نَفْسِهِ خِفَّةً، فَخَرَجَ بين رَجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا الْعَبَّاسُ لِصَلَاةِ الظُّهْرِ، وأبو بَكْرٍ يُصَلِّي بِالنَّاسِ، فلما رَآهُ أبو بَكْرٍ ذَهَبَ لِيَتَأَخَّرَ، فَأَوْمَأَ إليه النبي صلى الله عليه وسلم بِأَنْ لَا يَتَأَخَّرَ، قال: ((أَجْلِسَانِي إلى جَنْبِهِ))، فَأَجْلَسَاهُ إلى جَنْبِ أبي بَكْرٍ، قال: فَجَعَلَ أبو بَكْرٍ يُصَلِّي، وهو يَأْتَمُّ بِصَلَاةِ النبي صلى الله عليه وسلم، وَالنَّاسُ بِصَلَاةِ أبي بَكْرٍ، وَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم قَاعِدٌ، قال عُبَيْدُ اللَّهِ: فَدَخَلْتُ على عبد اللَّهِ بن عَبَّاسٍ، فقلت له: ألا أَعْرِضُ عَلَيْكَ ما حَدَّثَتْنِي عَائِشَةُ عن مَرَضِ النبي صلى الله عليه وسلم؟ قال: هَاتِ، فَعَرَضْتُ عليه حَدِيثَهَا، فما أَنْكَرَ شيئا غير أَنَّهُ قال: أَسَمَّتْ لك الرَّجُلَ الذي كان مع الْعَبَّاسِ؟ قلت: لَا، قال: هو عَلِيُّ" رواه البخاري(655).ومسلم(418).
9 وعن عَائِشَة زَوْجَ النبي صلى الله عليه وسلم قالت: "... لَمَّا دخل بَيْتِي، وَاشْتَدَّ بِهِ وَجَعُهُ، قال: ((هَرِيقُوا عَلَيَّ من سَبْعِ قِرَبٍ لم تُحْلَلْ أَوْكِيَتُهُنَّ لَعَلِّي أَعْهَدُ إلى الناس)) فَأَجْلَسْنَاهُ في مِخْضَبٍ لِحَفْصَةَ زَوْجِ النبي صلى الله عليه وسلم ثُمَّ طَفِقْنَا نَصُبُّ عليه من تِلْكَ الْقِرَبِ حتى طَفِقَ يُشِيرُ إِلَيْنَا بيده أَنْ قد فَعَلْتُنَّ، قالت: ثُمَّ خَرَجَ إلى الناس فَصَلَّى بِهِمْ، وَخَطَبَهُمْ" رواه البخاري (4178).
10 وعن حَفْصَة رضي الله عنها قالت: ما رأيت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم صلى في سُبْحَتِهِ قَاعِدًا حتى كان قبل وَفَاتِهِ بِعَامٍ، فَكَانَ يُصَلِّي في سُبْحَتِهِ (النافلة) قَاعِدًا، وكان يَقْرَأُ بِالسُّورَةِ فَيُرَتِّلُهَا حتى تَكُونَ أَطْوَلَ من أَطْوَلَ منها" رواه مسلم (733).
11 وعن أُمّ قَيْس بِنْت مِحْصَن أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَمَّا أَسَنَّ، وَحَمَلَ اللَّحْمَ اتَّخَذَ عَمُودًا في مُصَلَّاهُ، يَعْتَمِدُ عليه"[2].
12 وعن عَائِشَةَ رضي الله عنها قالت: لَمَّا ثَقُلَ رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم جاء بِلَالٌ يؤذنه بِالصَّلَاةِ، فقال: ((مُرُوا أَبَا بَكْرٍ أَنْ يُصَلِّيَ بِالنَّاسِ)) فقلت: يا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أَبَا بَكْرٍ رَجُلٌ أَسِيفٌ، وَإِنَّهُ مَتَى ما يَقُمْ مَقَامَكَ لَا يُسْمِعُ الناس، فَلَوْ أَمَرْتَ عُمَرَ، فقال: ((مُرُوا أَبَا بَكْرٍ يُصَلِّي بِالنَّاسِ)) فقلت لِحَفْصَةَ: قُولِي له إِنَّ أَبَا بَكْرٍ رَجُلٌ أَسِيفٌ، وَإِنَّهُ مَتَى يَقُمْ مَقَامَكَ لَا يُسْمِعُ الناس، فَلَوْ أَمَرْتَ عُمَرَ، قال: ((إِنَّكُنَّ لَأَنْتُنَّ صَوَاحِبُ يُوسُفَ، مُرُوا أَبَا بَكْرٍ أَنْ يُصَلِّيَ بِالنَّاسِ)) فلما دخل في الصَّلَاةِ وَجَدَ رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم في نَفْسِهِ خِفَّةً، فَقَامَ يُهَادَى بين رَجُلَيْنِ، وَرِجْلَاهُ تخطان في الأرض، حتى دخل الْمَسْجِدَ، فلما سمع أبو بَكْرٍ حِسَّهُ ذَهَبَ أبو بَكْرٍ يَتَأَخَّرُ، فَأَوْمَأَ إليه رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَجَاءَ رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حتى جَلَسَ عن يَسَارِ أبي بَكْرٍ، فَكَانَ أبو بَكْرٍ يُصَلِّي قَائِمًا، وكان رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي قَاعِدًا يَقْتَدِي أبو بَكْرٍ بِصَلَاةِ رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَالنَّاسُ مُقْتَدُونَ بِصَلَاةِ أبي بَكْرٍ رضي الله عنه" رواه البخاري (681).
13 وعن أَنَس بن مَالِكٍ الْأَنْصَارِيُّ رضي الله عنه وكان تَبِعَ النبي صلى الله عيه وسلم، وَخَدَمَهُ، وَصَحِبَهُ: أَنَّ أَبَا بَكْرٍ كان يُصَلِّي لهم في وَجَعِ النبي صلى الله عليه وسلم الذي تُوُفِّيَ فيه، حتى إذا كان يَوْمُ الإثنين وَهُمْ صُفُوفٌ في الصَّلَاةِ، فَكَشَفَ النبي صلى الله عليه وسلم سِتْرَ الْحُجْرَةِ، يَنْظُرُ إِلَيْنَا وهو قَائِمٌ كَأَنَّ وَجْهَهُ وَرَقَةُ مُصْحَفٍ، ثُمَّ تَبَسَّمَ يَضْحَكُ، فَهَمَمْنَا أَنْ نَفْتَتِنَ من الْفَرَحِ بِرُؤْيَةِ النبي صلى الله عليه وسلم فَنَكَصَ أبو بَكْرٍ على عَقِبَيْهِ لِيَصِلَ الصَّفَّ، وَظَنَّ أَنَّ النبي صلى الله عليه وسلم خَارِجٌ إلى الصَّلَاةِ، فَأَشَارَ إِلَيْنَا النبي صلى الله عليه وسلم أَنْ أَتِمُّوا صَلَاتَكُمْ، وَأَرْخَى السِّتْرَ، فَتُوُفِّيَ من يَوْمِهِ" رواه البخاري (648) واللفظ له، ومسلم(419).
14 وعن أُمِّ الْفَضْلِ بِنْتِ الْحَارِثِ رضي الله عنها قالت: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يَقْرَأُ في الْمَغْرِبِ بِالْمُرْسَلَاتِ عُرْفًا، ثُمَّ ما صلى لنا بَعْدَهَا حتى قَبَضَهُ الله" رواه البخاري(4076).
15 وعن أبي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم جَلَسَ على الْمِنْبَرِ، فقال: ((إِنَّ عَبْدًا خَيَّرَهُ الله بين أَنْ يُؤْتِيَهُ من زَهْرَةِ الدُّنْيَا ما شَاءَ وَبَيْنَ ما عِنْدَهُ فَاخْتَارَ ما عِنْدَهُ)) فَبَكَى أبو بَكْرٍ، وقال: فَدَيْنَاكَ بِآبَائِنَا وَأُمَّهَاتِنَا، فَعَجِبْنَا له، وقال الناس: انْظُرُوا إلى هذا الشَّيْخِ يُخْبِرُ رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عن عَبْدٍ خَيَّرَهُ الله بين أَنْ يُؤْتِيَهُ من زَهْرَةِ الدُّنْيَا وَبَيْنَ ما عِنْدَهُ، وهو يقول: فَدَيْنَاكَ بِآبَائِنَا وَأُمَّهَاتِنَا، فَكَانَ رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم هو الْمُخَيَّرَ، وكان أبو بَكْرٍ هو أَعْلَمَنَا بِهِ، وقال رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((إِنَّ من أَمَنِّ الناس عَلَيَّ في صُحْبَتِهِ وَمَالِهِ أَبَا بَكْرٍ، وَلَوْ كنت مُتَّخِذًا خَلِيلًا من أُمَّتِي لَاتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ إلا خُلَّةَ الْإِسْلَامِ، لَا يَبْقَيَنَّ في الْمَسْجِدِ خَوْخَةٌ إلا خَوْخَةُ أبي بَكْرٍ)) (رواه البخاري(3691)، وهذا لفظ البخاري، ومسلم(2382). (الخوخة: الباب الصغير بين البيتين).
16 وعن مُحَمَّدِ بن جُبَيْرِ بن مُطْعِمٍ عن أبيه: أَنَّ امْرَأَةً سَأَلَتْ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم شيئا، فَأَمَرَهَا أَنْ تَرْجِعَ إليه، فقالت: يا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ إن جِئْتُ فلم أَجِدْكَ؟ قال أبي: كَأَنَّهَا تَعْنِي الْمَوْتَ، قال: ((فَإِنْ لم تَجِدِينِي فَأْتِي أَبَا بَكْرٍ)) رواه البخاري(6794) ومسلم(2386)، واللفظ له.
17 وعن أَنَس بن مَالِكٍ رضي الله عنه: أَنَّ الْمُسْلِمِينَ بَيْنَا هُمْ في الْفَجْرِ يوم الإثنين وأبو بَكْرٍ رضي الله عنه يُصَلِّي بِهِمْ، ففجأهم النبي صلى الله عليه وسلم قد كَشَفَ سِتْرَ حُجْرَةِ عَائِشَةَ رضي الله عنها، فَنَظَرَ إِلَيْهِمْ، وَهُمْ صُفُوفٌ، فَتَبَسَّمَ يَضْحَكُ، فَنَكَصَ (تأخر وتراجع) أبو بَكْرٍ رضي الله عنه على عَقِبَيْهِ، وَظَنَّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُرِيدُ أَنْ يَخْرُجَ إلى الصَّلَاةِ، وَهَمَّ الْمُسْلِمُونَ أَنْ يَفْتَتِنُوا في صَلَاتِهِمْ فَرَحًا بِالنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم حين رَأَوْهُ، فَأَشَارَ بيده أَنْ أَتِمُّوا، ثُمَّ دخل الْحُجْرَةَ وَأَرْخَى السِّتْرَ، وتوفى ذلك الْيَوْمَ" رواه البخاري(1147).
18 وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: مَرَّ أبو بَكْرٍ وَالْعَبَّاسُ رضي الله عنهما بِمَجْلِسٍ من مَجَالِسِ الْأَنْصَارِ، وَهُمْ يَبْكُونَ، فقال: ما يُبْكِيكُمْ؟ قالوا: ذَكَرْنَا مَجْلِسَ النبي صلى الله عليه وسلم مِنَّا، فَدَخَلَ على النبي صلى الله عليه وسلم فَأَخْبَرَهُ بِذَلِكَ، قال: فَخَرَجَ النبي صلى الله عليه وسلم وقد عَصَبَ على رَأْسِهِ حَاشِيَةَ بُرْدٍ (البردة الشملة المخططة)، قال: فَصَعِدَ الْمِنْبَرَ، ولم يَصْعَدْهُ بَعْدَ ذلك الْيَوْمِ، فَحَمِدَ اللَّهَ، وَأَثْنَى عليه، ثُمَّ قال: ((أُوصِيكُمْ بِالْأَنْصَارِ فَإِنَّهُمْ كَرِشِي (بطانتي وموضع سري) وَعَيْبَتِي (جماعتي وخاصتي الذين أثق بهم وأعتمدهم في أموري) وقد قَضَوْا الذي عليهم وَبَقِيَ الذي لهم، فَاقْبَلُوا من مُحْسِنِهِمْ وَتَجَاوَزُوا عن مُسِيئِهِمْ)) رواه البخاري (3799).
19 وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: خَرَجَ رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَعَلَيْهِ مِلْحَفَةٌ مُتَعَطِّفًا بها على مَنْكِبَيْهِ، وَعَلَيْهِ عِصَابَةٌ دَسْمَاءُ (لونها لون الدسم كالزيت وشبهه وقيل معناه سوداء) حتى جَلَسَ على الْمِنْبَرِ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عليه، ثُمَّ قال: ((أَمَّا بَعْدُ: أَيُّهَا الناس فإن الناس يَكْثُرُونَ وَتَقِلُّ الْأَنْصَارُ، حتى يَكُونُوا كَالْمِلْحِ في الطَّعَامِ، فَمَنْ وَلِيَ مِنْكُمْ أَمْرًا يَضُرُّ فيه أَحَدًا، أو يَنْفَعُهُ، فَلْيَقْبَلْ من مُحْسِنِهِمْ، وَيَتَجَاوَزْ عن مُسِيئِهِمْ)) رواه البخاري(3589).
20 وعن عَائِشَةَ رضي الله عنها قالت: "ما رأيت أَحَدًا أَشَدَّ عليه الْوَجَعُ (المرض) من رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم" رواه البخاري (5322) ومسلم (2570).
21 وعن عبد اللَّهِ (ابن مسعود) قال: دَخَلْتُ على رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وهو يُوعَكُ، فقلت: يا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّكَ لَتُوعَكُ وَعْكًا شَدِيدًا، قال: ((أَجَلْ إني أُوعَكُ كما يُوعَكُ رَجُلَانِ مِنْكُمْ)) قلت: ذلك بأن لك أَجْرَيْنِ، قال: ((أَجَلْ، ذلك كَذَلِكَ، ما من مُسْلِمٍ يُصِيبُهُ أَذًى شَوْكَةٌ فما فَوْقَهَا إلا كَفَّرَ الله بها سَيِّئَاتِهِ، كما تَحُطُّ الشَّجَرَةُ وَرَقَهَا)) رواه البخاري (5660) وهذا لفظ البخاري، ومسلم (2571).
22 وقالت عَائِشَةُ رضي الله عنها: كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول في مَرَضِهِ الذي مَاتَ فيه: ((يا عَائِشَةُ ما أَزَالُ أَجِدُ أَلَمَ الطَّعَامِ الذي أَكَلْتُ بِخَيْبَرَ، فَهَذَا أَوَانُ وَجَدْتُ انْقِطَاعَ أَبْهَرِي (الأبهر عرق مستبطن بالظهر متصل بالقلب إذا انقطع مات صاحبه) من ذلك السُّمِّ))رواه البخاري(4165).
23 وعن عَائِشَةَ وَعَبْدَ اللَّهِ بن عَبَّاسٍ رضي الله عَنْهُمْ قالا: "لَمَّا نَزَلَ (المنية والوفاة) بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم طَفِقَ (شرع وجعل) يَطْرَحُ خَمِيصَةً (كساء له أعلام) له على وَجْهِهِ، فإذا اغْتَمَّ (تسخن بالخميصة)كَشَفَهَا عن وَجْهِهِ، وهو كَذَلِكَ، يقول: ((لَعْنَةُ اللَّهِ على الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى، اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ)) يُحَذِّرُ ما صَنَعُوا" رواه البخاري (425) ومسلم (531).
24 وعن عَائِشَةَ أَنَّ أُمَّ حَبِيبَةَ وَأُمَّ سَلَمَةَ رضي الله عنهن ذَكَرَتَا كَنِيسَةً رَأَيْنَهَا بِالْحَبَشَةِ فيها تَصَاوِيرُ، فَذَكَرَتَا لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فقال: ((إِنَّ أُولَئِكَ إذا كان فِيهِمْ الرَّجُلُ الصَّالِحُ، فَمَاتَ بَنَوْا على قَبْرِهِ مَسْجِدًا، وَصَوَّرُوا فيه تِلْكَ الصُّوَرَ، فَأُولَئِكَ شِرَارُ الْخَلْقِ عِنْدَ اللَّهِ يوم الْقِيَامَةِ)) رواه البخاري (417) ومسلم (528).
25 وعن عَائِشَةَ رضي الله عنها قالت: قال رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم في مَرَضِهِ الذي لم يَقُمْ منه: ((لَعَنَ الله الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ)) لَوْلَا ذلك أُبْرِزَ قَبْرُهُ غير أَنَّهُ خَشِيَ أو خُشِيَ أَنَّ يُتَّخَذَ مَسْجِدًا" رواه البخاري(1324). واللفظ له، ومسلم (4177).
26 وعن أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قال: قال رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((لَا تَجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قُبُورًا، ولا تَجْعَلُوا قَبْرِي عِيدًا، وَصَلُّوا علي فإن صَلَاتَكُمْ تَبْلُغُنِي حَيْثُ كُنْتُمْ))[3].
27 وعن أَنَسٍ رضي الله عنه قال: لَمَّا ثَقُلَ النبي صلى الله عليه وسلم جَعَلَ يَتَغَشَّاهُ، فقالت فَاطِمَةُ رضي الله عنه: واكرب أَبَاهُ، فقال لها: ((ليس على أَبِيكِ كَرْبٌ بَعْدَ الْيَوْمِ)) فلما مَاتَ، قالت: يا أَبَتَاهُ أَجَابَ رَبًّا دَعَاهُ، يا أَبَتَاهْ من جَنَّةُ الْفِرْدَوْسِ مَأْوَاهْ، يا أَبَتَاهْ إلى جِبْرِيلَ نَنْعَاهْ، فلما دُفِنَ قالت فَاطِمَةُ: يا أَنَسُ أَطَابَتْ أَنْفُسُكُمْ أَنْ تَحْثُوا على رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم التُّرَابَ" رواه البخاري (4462).
28 وعن أُمِّ سَلَمَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كان يقول في مَرَضِهِ الذي تُوُفِّيَ فيه: ((الصَّلَاةَ، وما مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ)) فما زَالَ يَقُولُهَا حتى ما يَفِيضُ بها لِسَانُهُ[4] (أي ما يجري ولا يسيل بهذه الكلمة لسانه).
29 وعن سَعِيدِ بن جُبَيْرٍ قال: قال ابن عَبَّاسٍ: يَوْمُ الْخَمِيسِ وما يَوْمُ الْخَمِيسِ، ثُمَّ بَكَى حتى بَلَّ دَمْعُهُ الْحَصَى، فقلت: يا ابن عَبَّاسٍ وما يَوْمُ الْخَمِيسِ؟ قال: اشْتَدَّ بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَجَعُهُ، فقال: ائْتُونِي أَكْتُبْ لَكُمْ كِتَابًا لَا تَضِلُّوا بَعْدِي فَتَنَازَعُوا، وما يَنْبَغِي عِنْدَ نَبِيٍّ تَنَازُعٌ، وَقَالُوا: ما شَأْنُهُ أَهَجَرَ اسْتَفْهِمُوهُ، قال: ((دَعُونِي فَالَّذِي أنا فيه خَيْرٌ، أُوصِيكُمْ بِثَلَاثٍ: أَخْرِجُوا الْمُشْرِكِينَ من جَزِيرَةِ الْعَرَبِ، وَأَجِيزُوا الْوَفْدَ بِنَحْوِ ما كنت أُجِيزُهُمْ)) قال: وَسَكَتَ عن الثَّالِثَةِ، أو قَالَهَا فَأُنْسِيتُهَا" رواه البخاري(4168) ومسلم(1637).
30 وفي الحديث كانت عائشة رضي الله عنها تقول: "إِنَّ من نِعَمِ اللَّهِ عَلَيَّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم تُوُفِّيَ في بَيْتِي، وفي يَوْمِي، وَبَيْنَ سَحْرِي وَنَحْرِي، وَأَنَّ اللَّهَ جَمَعَ بين رِيقِي وَرِيقِهِ عِنْدَ مَوْتِهِ، دخل عَلَيَّ عبد الرحمن وَبِيَدِهِ السِّوَاكُ، وأنا مُسْنِدَةٌ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَرَأَيْتُهُ يَنْظُرُ إليه، وَعَرَفْتُ أَنَّهُ يُحِبُّ السِّوَاكَ، فقلت: آخُذُهُ لك؟ فَأَشَارَ بِرَأْسِهِ أَنْ نعم، فَتَنَاوَلْتُهُ، فَاشْتَدَّ عليه، وَقُلْتُ: أُلَيِّنُهُ لك؟ فَأَشَارَ بِرَأْسِهِ أَنْ نعم، فَلَيَّنْتُهُ، فَأَمَرَّهُ، وَبَيْنَ يَدَيْهِ رَكْوَةٌ أو عُلْبَةٌ يَشُكُّ عُمَرُ –أحد الرواة- فيها مَاءٌ، فَجَعَلَ يُدْخِلُ يَدَيْهِ في الْمَاءِ، فَيَمْسَحُ بِهِمَا وَجْهَهُ، يقول: ((لَا إِلَهَ إلا الله إِنَّ لِلْمَوْتِ سَكَرَاتٍ)) ثُمَّ نَصَبَ يَدَهُ، فَجَعَلَ يقول: ((اللهم في الرَّفِيقِ الأعلى)) حتى قُبِضَ وَمَالَتْ يَدُهُ" رواه البخاري (4184).
31 وعن عباد بن عبد الله بن الزبير عن عائشة أنها أخبرته أنها: سَمِعَتْ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يقول قبل أَنْ يَمُوتَ، وهو مُسْنِدٌ إلى صَدْرِهَا، وَأَصْغَتْ إليه، وهو يقول: ((اللهم اغْفِرْ لي، وَارْحَمْنِي، وَأَلْحِقْنِي بِالرَّفِيقِ)) (رواه البخاري(4176) ومسلم(2444).
32 وعن عائشة رضي الله عنها قالت: "كنت أَسْمَعُ أَنَّهُ لَا يَمُوتُ نَبِيٌّ حتى يُخَيَّرَ بين الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، فَسَمِعْتُ النبي صلى الله عليه وسلم يقول في مَرَضِهِ الذي مَاتَ فيه، وَأَخَذَتْهُ بُحَّةٌ، يقول: ((مع الَّذِينَ أَنْعَمَ الله عليهم من النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا)) قالت: فَظَنَنْتُهُ خُيِّرَ حِينَئِذٍ" رواه البخاري(4171) ومسلم(2444) واللفظ له).
[1] رواه ابن حبان في صحيحه، رقم(6586). النسائي في لكبرى، رقم(7079 ). وأحمد (25950). وقال محققو المسند: "حديث حسن".
[2] رواه أبو داود (948) وقال الألباني: "صحيح" كما في السلسة الصحية، رقم(319).
[3] رواه أبو داود (2042). وقال الألباني: "إسناده صحيح" كما في صحيح أبي داود، رقم(1780).
[4] رواه ابن ماجه (1625) وقال الألباني: "صحيح" كما في صحيح الترغيب والترهيب، رقم(2286).