ولما جاء المفاوضون (رسل قريش) قال في الرجلِ أخي بني كنانة: (هَذَا فُلَانٌ وَهُوَ مِنْ قَوْمٍ يُعَظِّمُونَ الْبُدْنَ، فَابْعَثُوهَا لَهُ، فَبُعِثَتْ لَهُ، وَاسْتَقْبَلَهُ النَّاسُ يُلَبُّونَ، فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ قَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ، مَا يَنْبَغِي لِهَؤُلَاءِ أَنْ يُصَدُّوا عَنْ الْبَيْتِ)، ثم عقد اتفاقية مع سهيل بن عمروٍ يرى بعين قلبه ونور بصيرته وإدراك ذكائه ما لم يره سهيل نفسه، وظاهرها غلبةٌ لقريش، فإذا بها حبلى بالنصر والفتح المبين، كان ذلك -بعد تأييد الوحي له- ناتجاً عن فهمه لواقعه وذكائه الحاد الذي ساعده على إحكام الخطة، وحسن التدبير.

وهذه الخطة العظيمة الدالة على كمال ذكائه وفطنته عليه الصلاة والسلام الملاحظ فيها أنها عميقة التفكر فيما يدور، والتبصر في ما يقال ويُفعل، ومن هنا يستطيع أحدنا أن يحذو حذو الرسول الكريم بالتأمل والتروي والأناة والنظر الثاقب في كل شيء حوله، مع قراءة لأسباب ونتائج كل أمر؛ علَّنا نقتبس قبسة من ذكائه عليه الصلاة والسلام.