عضو جديد | تسجيل دخول |
-
- صبره صلى الله عليه وسلم
- صدقه صلى الله عليه وسلم
- رحمته صلى الله عليه وسلم
- رفقه ولينة صلى الله عليه وسلم
- كرمه صلى الله عليه وسلم
- حياؤه صلى الله عليه وسلم
- تواضعه صلى الله عليه وسلم
- زهده صلى الله عليه وسلم
- أمانته صلى الله عليه وسلم
- إخلاصه صلى الله عليه وسلم
- وفاؤه صلى الله عليه وسلم
- حلمه صلى الله عليه وسلم
- ذكاؤه صلى الله عليه وسلم
- شجاعته صلى الله عليه وسلم
- رفقه صلى الله عليه وسلم بالحيوان
-
- نسبه صلى الله عليه وسلم
- خِلقته صلى الله عليه وسلم
- زوجاته صلى الله عليه وسلم
- أولاده صلى الله عليه وسلم
- خدمه صلى الله عليه وسلم
- غزواته صلى الله عليه وسلم
- كُتَّابه صلى الله عليه وسلم
- مُؤذِّنوه صلى الله عليه وسلم
- حُرَّاسه صلى الله عليه وسلم
- شعراؤه صلى الله عليه وسلم
- بيته صلى الله عليه وسلم
- دوابه صلى الله عليه وسلم
- سيوفه صلى الله عليه وسلم
- لباسه صلى الله عليه وسلم
6894
1. قال تعالى: (وَالصُّلْحُ خَيْرٌ) (النساء:128).
2. وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ كَعْبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: "أَنَّهُ تَقَاضَى (طلب بالوفاء) ابْنَ أَبِي حَدْرَدٍ دَيْنًا كَانَ لَهُ عَلَيْهِ فِي الْمَسْجِدِ، فَارْتَفَعَتْ أَصْوَاتُهُمَا حَتَّى سَمِعَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ فِي بَيْتِهِ. فَخَرَجَ إِلَيْهِمَا حَتَّى كَشَفَ سِجْفَ (ستر) حُجْرَتِهِ، فَنَادَى: يَا كَعْبُ. قَالَ: لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: ((ضَعْ مِنْ دَيْنِكَ هَذَا)) فَأَوْمَأَ إِلَيْهِ، أَيْ الشَّطْرَ. قَالَ: لَقَدْ فَعَلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: ((قُمْ فَاقْضِهِ)) رواه البخاري(445) ومسلم(1558).
3. وعن عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قالت: "سَمِعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَوْتَ خُصُومٍ بِالْبَابِ عَالِيَةٍ أَصْوَاتُهُمَا. وَإِذَا أَحَدُهُمَا يَسْتَوْضِعُ الْآخَرَ (أَيْ يَطْلُب مِنْهُ الْوَضِيعَة، أَيْ الْحَطِيطَة مِنْ الدِّين)، وَيَسْتَرْفِقُهُ فِي شَيْءٍ (أَيْ يَطْلُب مِنْهُ الرِّفْق بِهِ) وَهُوَ يَقُولُ: وَاللَّهِ لَا أَفْعَلُ. فَخَرَجَ عَلَيْهِمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: ((أَيْنَ الْمُتَأَلِّي عَلَى اللَّهِ (أَيْ الْحَالِف الْمُبَالِغ فِي الْيَمِين) لَا يَفْعَلُ الْمَعْرُوفَ)) فَقَالَ: أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَلَهُ أَيُّ ذَلِكَ أَحَبَّ" (أَيْ مِنْ الْوَضْع أَوْ الرِّفْق) رواه البخاري (2705).
4. وعَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ أَهْلَ قُبَاءٍ اقْتَتَلُوا حَتَّى تَرَامَوْا بِالْحِجَارَةِ، فَأُخْبِرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذَلِكَ، فَقَالَ: ((اذْهَبُوا بِنَا نُصْلِحُ بَيْنَهُمْ)) رواه البخاري (2693).
5. وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَجُلًا مِنْ الْأَنْصَارِ خَاصَمَ الزُّبَيْرَ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي شِرَاجِ (مسيل الماء) الْحَرَّةِ (هِيَ الْأَرْض الصلبة الغليظة ذات الحجارة السوداء) الَّتِي يَسْقُونَ بِهَا النَّخْلَ، كَانَا يَسْقِيَانِ بِهِ كِلَاهُمَا.فَاخْتَصَمَا عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلزُّبَيْرِ: ((أَسْقِ يَا زُبَيْرُ، ثُمَّ أَرْسِلْ الْمَاءَ إِلَى جَارِكَ)). فَغَضِبَ الْأَنْصَارِيُّ فَقَالَ: أَنْ كَانَ ابْنَ عَمَّتِكَ؟ (أي حَكَمْت لَهُ بِالتَّقْدِيمِ لِأَجْلِ أَنَّهُ اِبْن عَمَّتك، وَكَانَتْ أُمّ الزُّبَيْر صَفِيَّة بِنْت عَبْد الْمُطَّلِب).فَتَلَوَّنَ وَجْهُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (أَيْ تَغَيَّرَ) حَتَّى عَرَفْنَا أَنْ قَدْ سَاءَهُ مَا قَالَ. ثُمَّ قَالَ: ((اسْقِ يَا زُبَيْرُ، ثُمَّ احْبِسْ الْمَاءَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَى الْجَدْرِ))، قال ابن وهب: فَاسْتَوْعَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَئِذٍ حَقَّهُ لِلْزُّبَيْرِ. وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْلَ ذَلِكَ أَشَارَ عَلَى الزُّبَيْرِ بِرَأْيٍ سَعَةٍ لَهُ وَلِلْأَنْصَارِيِّ. فَلَمَّا أَحْفَظَ الْأَنْصَارِيُّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (أَيْ أَغْضَبَهُ) اسْتَوْعَى لِلْزُّبَيْرِ حَقَّهُ فِي صَرِيحِ الْحُكْمِ. فَقَالَ الزُّبَيْر:ُ وَاللَّهِ إِنِّي لَأَحْسِبُ هَذِهِ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِي ذَلِكَ: فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ... رواه البخاري(3260).
6. وعَنْ وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ رضي الله عنه قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَتَاهُ رَجُلَانِ يَخْتَصِمَانِ فِي أَرْضٍ، فَقَالَ أَحَدُهُمَا (امْرُؤُ الْقَيْسِ بْنُ عَابِسٍ الْكِنْدِيُّ): "إِنَّ هَذَا انْتَزَى (استولى) عَلَى أَرْضِي يَا رَسُولَ اللَّهِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ. قَالَ: ((بَيِّنَتُكَ؟)). قَالَ: "لَيْسَ لِي بَيِّنَةٌ". قَالَ: ((يَمِينُهُ)) (قَسَمُ المدعى عليه). قَالَ: "إِذَنْ يَذْهَبُ بِهَا" (يأخذ الأرض إذا كان بقاؤها معه متوقفا على حلفه). فقَالَ له: ((لَيْسَ لَكَ إِلَّا ذَاكَ)). فَلَمَّا قَامَ لِيَحْلِفَ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((مَنْ اقْتَطَعَ أَرْضًا ظَالِمًا لَقِيَ اللَّهَ وَهُوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ)) رواه مسلم (139).
7. وعن ابن عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أَنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لو يُعْطَى الناس بِدَعْوَاهُمْ لَادَّعَى نَاسٌ دِمَاءَ رِجَالٍ وَأَمْوَالَهُمْ، وَلَكِنَّ الْيَمِينَ على الْمُدَّعَى عليه)) رواه مسلم (1711).
8. وعن أُم سَلَمَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنَّهُ سَمِعَ خُصُومَةً بِبَابِ حُجْرَتِهِ، فَخَرَجَ إِلَيْهِمْ، فَقَالَ: ((إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ، وَإِنَّهُ يَأْتِينِي الْخَصْمُ فَلَعَلَّ بَعْضَكُمْ أَنْ يَكُونَ أَبْلَغَ (أفصح ببيان حجته) مِنْ بَعْضٍ، فَأَحْسِبُ أَنَّهُ صَادِقٌ فَأَقْضِي لَهُ بِذَلِكَ، فَمَنْ قَضَيْتُ لَهُ بِحَقِّ مُسْلِمٍ فَإِنَّمَا هِيَ قِطْعَةٌ مِنْ النَّارِ فَلْيَأْخُذْهَا أَوْ لِيَتْرُكْهَا)) رواه البخاري (2326) ومسلم (1713).
9. وعن أم سلمة رضي الله عنها قالت: كُنْتُ جَالِسَةً عِنْدَ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم إِذْ جَاءَهُ رَجُلاَنِ يَخْتَصِمَانِ فِي مَوَارِيثَ فِي أَشْيَاءَ قَدْ دَرَسَتْ (بليت). وفي رواية: أتى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلَانِ يَخْتَصِمَانِ فِي مَوَارِيثَ لَهُمَا، لَمْ تَكُنْ لَهُمَا بَيِّنَةٌ إِلَّا دَعْوَاهُمَا. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ وَإِنَّكُمْ تَخْتَصِمُونَ إِلَيَّ وَلَعَلَّ بَعْضَكُمْ أَنْ يَكُونَ أَلْحَنَ بِحُجَّتِهِ مِنْ بَعْضٍ فَأَقْضِيَ لَهُ عَلَى نَحْوِ مَا أَسْمَعُ مِنْهُ، فَمَنْ قَضَيْتُ لَهُ مِنْ حَقِّ أَخِيهِ بِشَيْءٍ فَلَا يَأْخُذْ مِنْهُ شَيْئًا، فَإِنَّمَا أَقْطَعُ لَهُ قِطْعَةً مِنْ النَّارِ)). فَبَكَى الرَّجُلاَنِ، وَقَالَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا: حقي هَذَا الَّذِي أَطْلُبُ لصاحبي. فَقَالَ لَهُمَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((أَمَّا إِذْ فَعَلْتُمَا مَا فَعَلْتُمَا، فَاقْتَسِمَا وَتَوَخَّيَا الْحَقَّ، ثُمَّ اسْتَهَمَا، ثُمَّ تَحَالَّا))[1] (ليجعل كل واحد منكما صاحبه في حل من قبله بإبراء ذمته).
10. وعن عَلْقَمَةَ بْنَ وَائِلٍ حَدَّثَهُ: أَنَّ أَبَاهُ حَدَّثَهُ قَالَ: إِنِّي لَقَاعِدٌ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ جَاءَ رَجُلٌ يَقُودُ آخَرَ بِنِسْعَةٍ (حبل من جلد) فَقَالَ: "يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذَا قَتَلَ أَخِي"، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((أَقَتَلْتَهُ؟)) فَقَالَ: "إِنَّهُ لَوْ لَمْ يَعْتَرِفْ أَقَمْتُ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةَ"، قَالَ: "نَعَمْ قَتَلْتَهُ". قَالَ: ((كَيْفَ قَتَلْتَهُ؟)). قَالَ: "كُنْتُ أَنَا وَهُوَ نَخْتَبِطُ (يضربون الشجر بالعصا فيسقط ورقها فيجمعونه علفا) مِنْ شَجَرَةٍ فَسَبَّنِي فَأَغْضَبَنِي، فَضَرَبْتُهُ بِالْفَأْسِ عَلَى قَرْنِهِ (جانب رأسه) فَقَتَلْتُهُ". فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((هَلْ لَكَ مِنْ شَيْءٍ تُؤَدِّيهِ عَنْ نَفْسِكَ؟)). قَالَ: "مَا لِي مَالٌ إِلَّا كِسَائِي وَفَأْسِي"، قَالَ: ((فَتَرَى قَوْمَكَ يَشْتَرُونَكَ؟)). قَالَ: "أَنَا أَهْوَنُ عَلَى قَوْمِي مِنْ ذَاكَ". فَرَمَى إِلَيْهِ بِنِسْعَتِهِ، وَقَالَ: ((دُونَكَ صَاحِبَكَ)) فَانْطَلَقَ بِهِ الرَّجُلُ فَلَمَّا وَلَّى، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((إِنْ قَتَلَهُ فَهُوَ مِثْلُهُ)) فَرَجَعَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهُ بَلَغَنِي أَنَّكَ قُلْتَ إِنْ قَتَلَهُ فَهُوَ مِثْلُهُ، وَأَخَذْتُهُ بِأَمْرِكَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((أَمَا تُرِيدُ أَنْ يَبُوءَ بِإِثْمِكَ وَإِثْمِ صَاحِبِكَ؟)). قَالَ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ بَلَى. قَالَ: ((فَإِنَّ ذَاكَ كَذَاكَ)) قَالَ: فَرَمَى بِنِسْعَتِهِ، وَخَلَّى سَبِيلَهُ" رواه مسلم(1680).
11. وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَجُلَيْنِ اخْتَصَمَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَقَالَ أَحَدُهُمَا: "اقْضِ بَيْنَنَا بِكِتَابِ اللَّه"، وَقَالَ الْآخَرُ وَهُوَ أَفْقَهُهُمَا: "أَجَلْ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَاقْضِ بَيْنَنَا بِكِتَابِ اللَّهِ، وَأْذَنْ لِي أَنْ أَتَكَلَّمَ". قَالَ: ((تَكَلَّمْ)) قَالَ: "إِنَّ ابْنِي كَانَ عَسِيفًا عَلَى هَذَا (أجيرا) فزَنَى بِامْرَأَتِهِ، فَأَخْبَرُونِي أَنَّ عَلَى ابْنِي الرَّجْمَ، فَافْتَدَيْتُ مِنْهُ بِمئَةِ شَاةٍ وَجَارِيَةٍ لِي. ثُمَّ إِنِّي سَأَلْتُ أَهْلَ الْعِلْمِ فَأَخْبَرُونِي أَنَّمَا عَلَى ابْنِي جَلْدُ مِائَةٍ وَتَغْرِيبُ عَامٍ، (أي نفيه عن البلد سنة)، وَإِنَّمَا الرَّجْمُ عَلَى امْرَأَتِه" (لأنها محصنة). فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((أَمَا وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَأَقْضِيَنَّ بَيْنَكُمَا بِكِتَابِ اللَّهِ، أَمَّا غَنَمُكَ وَجَارِيَتُكَ فَرَدٌّ عَلَيْكَ، وَعَلَى ابْنِكَ جَلْدُ مِائَةٍ وَتَغْرِيبُ عَامٍ. وَأَمَّا أَنْتَ يَا أُنَيْسُ (اِبْن الضَّحَّاك الْأَسْلَمِيّ) فَاغْدُ عَلَى امْرَأَةِ هَذَا فَإِنْ اعْتَرَفَتْ فَارْجُمْهَا)). قَالَ: فَغَدَا عَلَيْهَا فَاعْتَرَفَتْ، فَأَمَرَ بِهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرُجِمَتْ.رواه البخاري (6258).
12. وعن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: ((مَنْ حَالَتْ شَفَاعَتُهُ دُونَ حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ فَقَدْ ضَادَّ اللَّهَ. وَمَنْ خَاصَمَ فِي بَاطِلٍ وَهُوَ يَعْلَمُهُ (يَعْلَم أَنَّهُ بَاطِل، أَوْ يَعْلَم أَنَّ خَصْمه عَلَى الْحَقّ) لَمْ يَزَلْ فِي سَخَطِ اللَّهِ حَتَّى يَنْزِعَ عَنْهُ (أَيْ يَتْرُك وَيَنْتَهِي عَنْ مُخَاصَمَته) وَمَنْ قَالَ فِي مُؤْمِنٍ مَا لَيْسَ فِيهِ أَسْكَنَهُ اللَّهُ رَدْغَةَ الْخَبَالِ (طِين وَوَحْل كَثِير، وَجَاءَ تَفْسِيرهَا فِي الْحَدِيث: أَنَّهَا عُصَارَة أَهْل النَّار) حَتَّى يَخْرُجَ مِمَّا قَالَ))[2].
13. وعن عُرْوَةُ بن الزُّبَيْرِ: أَنَّ امْرَأَةً سَرَقَتْ في عَهْدِ رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم في غَزْوَةِ الْفَتْحِ، فَفَزِعَ قَوْمُهَا إلى أُسَامَةَ بن زَيْدٍ يَسْتَشْفِعُونَهُ، قال عُرْوَةُ: فلما كَلَّمَهُ أُسَامَةُ فيها تَلَوَّنَ وَجْهُ رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فقال: ((أَتُكَلِّمُنِي في حَدٍّ من حُدُودِ اللَّهِ؟)) قال أُسَامَةُ: اسْتَغْفِرْ لي يا رَسُولَ اللَّهِ، فلما كان الْعَشِيُّ قام رسول اللَّهِ خَطِيبًا، فَأَثْنَى على اللَّهِ بِمَا هو أَهْلُهُ، ثُمَّ قال: ((أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّمَا أَهْلَكَ الناس قَبْلَكُمْ أَنَّهُمْ كَانُوا إذا سَرَقَ فِيهِمْ الشَّرِيفُ تَرَكُوهُ وإذا سَرَقَ فِيهِمْ الضَّعِيفُ أَقَامُوا عليه الْحَدَّ، وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بيده لو أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ مُحَمَّدٍ سَرَقَتْ لَقَطَعْتُ يَدَهَا)) ثُمَّ أَمَرَ رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِتِلْكَ الْمَرْأَةِ فَقُطِعَتْ يَدُهَا، فَحَسُنَتْ تَوْبَتُهَا بَعْدَ ذلك، وَتَزَوَّجَتْ، قالت عَائِشَةُ: فَكَانَتْ تَأْتِي بَعْدَ ذلك، فَأَرْفَعُ حَاجَتَهَا إلى رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم" رواه البخاري(4053) ومسلم(1688)، وهذا لفظ البخاري).
14. وعَنْ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ: أَنَّ مُحَيِّصَةَ بْنَ مَسْعُودٍ وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَهْلٍ انْطَلَقَا قِبَلَ خَيْبَرَ مِنْ جَهْدٍ أَصَابَهُمْ (شدة ومشقة) فَتَفَرَّقَا فِي النَّخْلِ.فَعُدِيَ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْن سَهْلٍ، فَكُسِرَتْ عُنُقُهُ، ثُمَّ طُرِحَ فِي قليب. وَفَقَدَهُ أَصْحَابُهُ فَالْتَمَسُوهُ حَتَّى وَجَدُوهُ، فَاسْتَخْرَجُوهُ فَغَيَّبُوهُ. ثم قَدِم أَخُوهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ وَابْنَا عَمِّهِ حُوَيِّصَةُ وَمُحَيِّصَةُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَذَهَبَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ لِيَتَكَلَّمَ فِي أَمْرِ أَخِيهِ، وَكَانَ أَحْدَثَهُمْ سِنًّا وَهُوَ صَاحِبُ الدَّمِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((كَبِّرْ كَبِّرْ)) أَوْ قَالَ: ((لِيَبْدَأْ الْأَكْبَرُ)). فَاسْتَأْخَرَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ، وَتَكَلَّمَ حُوَيِّصَةُ، ثُمَّ تَكَلَّمَ مُحَيِّصَةُ، ثُمَّ تَكَلَّمَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ فِي أَمْرِ صَاحِبِهِم. فقَالَوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنَّا وَجَدْنَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَهْلٍ قَتِيلًا فِي قَلِيبٍ مِنْ بَعْضِ قُلُبِ خَيْبَرَ، وَلَيْسَ بِخَيْبَرَ عَدُوٌّ إِلَّا يَهُودَ. فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((مَنْ تَتَّهِمُونَ؟)) قَالُوا: نَتَّهِمُ الْيَهُودَ. فَكَتَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَيْهِمْ بِهِ، فَكُتِبَ:"مَا قَتَلْنَاهُ".فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((أَفَتُقْسِمُونَ خَمْسِينَ يَمِينًا أَنَّ الْيَهُودَ قَتَلَتْهُ؟)).قَالُوا: أَمْرٌ لَمْ نَشْهَدْهُ كَيْفَ نَحْلِفُ؟!. ومَا كُنَّا لِنَحْلِفَ عَلَى مَا لَا نَعْلَمُ، مَا نَدْرِي مَنْ قَتَلَهُ إِلَّا أَنَّ يَهُودَ عَدُوُّنَا، وَبَيْنَ أَظْهُرِهِمْ قُتِلَ. قَالَ: ((فَيَحْلِفُونَ لَكُمْ خَمْسِينَ يَمِينًا أَنَّهُمْ لَمْ يَقْتُلُوهُ وَيَبْرَءُونَ مِنْ دَمِ صَاحِبِكُمْ))، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا كُنَّا لِنَقْبَلَ أَيْمَانَ يَهُودَ مَا هُمْ فِيهِ مِنْ الْكُفْرِ أَعْظَمُ مِنْ أَنْ يَحْلِفُوا عَلَى إِثْمٍ. فَكَرِهَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُبْطِل دَمَهُ، فَوَدَاهُ (دَفَعَ دِيَته) مِنْ عِنْدِهِ بِمِائَةِ نَاقَةٍ. قَالَ سَهْلٌ: فَوَاللَّهِ مَا أَنْسَى بَكْرَةً مِنْهَا حَمْرَاءَ رَكَضَتْنِي، وَأَنَا أَحُوزُهَا. رواه البخاري (6769) ومسلم(1669).
15. وفي قصة الحديبية ومصالحة النبي صلى الله عليه وسلم أهل مكة أن يدخلها في العام المقبل ثلاثة أيام، قدم النبي صلى الله عليه وسلم مكة في العام القادم معتمرا.فَلَمَّا دَخَلَهَا وَمَضَى الْأَجَلُ (أَيْ الْأَيَّام الثَّلَاثَة، والمقصود لَمَّا قَرُبَ مُضِيّه) أَتَوْا عَلِيًّا، فَقَالُوا: قُلْ لِصَاحِبِكَ اخْرُجْ عَنَّا فَقَدْ مَضَى الْأَجَلُ. فَخَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَتَبِعَتْهُ ابْنَةُ حَمْزَةَ (أمامة) تُنَادِي: يَا عَمِّ! يَا عَمِّ! فَتَنَاوَلَهَا عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَأَخَذَ بِيَدِهَا، وَقَالَ لِفَاطِمَةَ: دُونَكِ ابْنَةَ عَمِّكِ.قَالَ علي: فَلَمَّا قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ اخْتَصَمْنَا فِيهَا، أَنَا، وَجَعْفَرٌ، وَزَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ (أَيْ فِي أَيِّهِمْ تَكُون عِنْدَهُ، كل منهم يريد أن تكون تحت كفالته). فَقَالَ جَعْفَرٌ: ابْنَةُ عَمِّي وَخَالَتُهَا عِنْدِي (زَوْجَتِي) يَعْنِي: أَسْمَاءَ بِنْتَ عُمَيْسٍ.وَقَالَ زَيْدٌ: ابْنَةُ أَخِي (لأَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ أَخِي بَيْن حَمْزَةَ وَزَيْد بْن حَارِثَة، وَكَانَ زيد وَصِيّ حَمْزَة). وَقُلْتُ: أَنَا أَخَذْتُهَا، وَهِيَ ابْنَةُ عَمِّي، وَعِنْدِي اِبْنَة رَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهِيَ أَحَقُّ بِهَا.فَقَضَى بِهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِخَالَتِهَا (كَانَ لِكُلٍّ مِنْ هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةِ فِيهَا شُبْهَة: أَمَّا زَيْد فَلِلْأُخُوَّةِ، وَأَمَّا عَلِيّ فَلِأَنَّهُ اِبْن عَمِّهَا وَحَمَلَهَا مَعَ زَوْجَتِهِ، وَأَمَّا جَعْفَر فَلِكَوْنِهِ اِبْن عَمِّهَا وَخَالَتهَا عِنْده، فَيَتَرَجَّح جَانِب جَعْفَر بِاجْتِمَاعِ قَرَابَةِ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ مِنْهَا دُون الْآخَرِينَ). وَقَالَ: ((الْخَالَةُ بِمَنْزِلَةِ الْأُمِّ)) (لِأَنَّهَا تَقْرُبُ مِنْهَا فِي الْحُنُوِّ وَالشَّفَقَةِ وَالِاهْتِدَاءِ إِلَى مَا يُصْلِحُ الْوَلَدَ). وقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((أَمَّا أَنْتَ يَا جَعْفَرُ فَأَشْبَهْتَ خَلْقِي وَخُلُقِي، وَأَمَّا أَنْتَ يَا عَلِيُّ فَمِنِّي وَأَنَا مِنْكَ، وَأَمَّا أَنْتَ يَا زَيْدُ فَأَخُونَا وَمَوْلَانَا)) رواه البخاري(4005).
16. وعَنْ عِكْرِمَةَ: أَنَّ رِفَاعَةَ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ، فَتَزَوَّجَهَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الزَّبِيرِ الْقُرَظِيُّ.قَالَتْ عَائِشَةُ: فَجَاءَتْ وَعَلَيْهَا خِمَار أَخْضَر، فَشَكَتْ إِلَيْهَا -أَيْ إِلَى عَائِشَة- مِنْ زَوْجهَا، وَأَرَتْهَا خَضْرَة بِجِلْدِهَا (يُحْتَمَل أَنْ تَكُون لِهُزَالِهَا أَوْ مِنْ ضَرْب زَوْجهَا لَهَا) فَلَمَّا جَاءَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَالنِّسَاءُ يَنْصُرُ بَعْضُهُنَّ بَعْضًا (جُمْلَة مُعْتَرَضَة، وَهِيَ مِنْ كَلَام عِكْرِمَة راوي الحديث)، قَالَتْ عَائِشَةُ: مَا رَأَيْتُ مِثْلَ مَا يَلْقَى الْمُؤْمِنَاتُ، لَجِلْدُهَا أَشَدُّ خُضْرَةً مِنْ ثَوْبِهَا.قَالَتْ عَائِشَة: فجَاءَتْ امْرَأَةُ رِفَاعَةَ الْقُرَظِيِّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَنَا جَالِسَةٌ وَعِنْدَهُ أَبُو بَكْرٍ.فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي كُنْتُ تَحْتَ رِفَاعَةَ فَطَلَّقَنِي فَبَتَّ طَلَاقِي، فَتَزَوَّجْتُ بَعْدَهُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الزَّبِيرِ، وَإِنَّهُ وَاللَّهِ مَا مَعَهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِلَّا مِثْلُ هَذِهِ الْهُدْبَةِ (أَرَادَتْ أَنَّ ذَكَرَهُ يُشْبِه الْهُدْبَة فِي الِاسْتِرْخَاء وَعَدَم الِانْتِشَار) وَأَخَذَتْ هُدْبَةً مِنْ جِلْبَابِهَا.وَخَالِدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ بِالْبَابِ يَنْتَظِرُ أَنْ يُؤْذَنَ لَهُ، فَقَالَ: يَا أَبَا بَكْرٍ أَلَا تَسْمَعُ إِلَى هَذِهِ مَا تَجْهَرُ بِهِ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.فَلَا وَاللَّهِ، مَا يَزِيدُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى التَّبَسُّمِ. فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((لَعَلَّكِ تُرِيدِينَ أَنْ تَرْجِعِي إِلَى رِفَاعَةَ، لَا حَتَّى يَذُوقَ عُسَيْلَتَكِ، وَتَذُوقِي عُسَيْلَتَهُ)) (كِنَايَة عَنْ الْجِمَاع) قَالَ: فَسَمِعَ بِذَلِكَ زَوْجهَا، وأَنَّهَا قَدْ أَتَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَجَاءَ وَمَعَهُ ابْنَانِ لَهُ مِنْ غَيْرِهَا.فَقَالَ: كَذَبَتْ وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي لَأَنْفُضُهَا نَفْضَ الْأَدِيمِ (كناية عن كمال قوة المباشرة) وَلَكِنَّهَا نَاشِزٌ تُرِيدُ رِفَاعَةَ.فَقَالَ: ((بَنُوكَ هَؤُلَاءِ؟)) قَالَ: نَعَمْ.قَالَ: ((هَذَا الَّذِي تَزْعُمِينَ مَا تَزْعُمِينَ، فَوَاللَّهِ لَهُمْ أَشْبَهُ بِهِ مِنْ الْغُرَابِ بِالْغُرَابِ)) رواه البخاري(5377).
17. وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: بَيْنَمَا يَهُودِيٌّ يَعْرِضُ سِلْعَةً لَهُ أُعْطِيَ بِهَا شَيْئًا كَرِهَهُ أَوْ لَمْ يَرْضَهُ، قَالَ: لَا وَالَّذِي اصْطَفَى مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام عَلَى الْبَشَرِ.فَسَمِعَهُ رَجُلٌ مِنْ الْأَنْصَارِ فَلَطَمَ وَجْهَهُ، وقَالَ: تَقُولُ وَالَّذِي اصْطَفَى مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام عَلَى الْبَشَر،ِ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ أَظْهُرِنَا.فَذَهَبَ الْيَهُودِيُّ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا أَبَا الْقَاسِمِ إِنَّ لِي ذِمَّةً وَعَهْدًا، وَقَالَ: فُلَانٌ لَطَمَ وَجْهِي.فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((لِمَ لَطَمْتَ وَجْهَهُ؟)).قَالَ: قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَالَّذِي اصْطَفَى مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام عَلَى الْبَشَرِ، وَأَنْتَ بَيْنَ أَظْهُرِنَا.فَغَضِبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى عُرِفَ الْغَضَبُ فِي وَجْهِهِ، ثُمَّ قَالَ: ((لَا تُفَضِّلُوا بَيْنَ أَنْبِيَاءِ اللَّهِ، فَإِنَّهُ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَيَصْعَقُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ، ثُمَّ يُنْفَخُ فِيهِ أُخْرَى فَأَكُونُ أَوَّلَ مَنْ بُعِثَ، فَإِذَا مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام آخِذٌ بِالْعَرْشِ فَلَا أَدْرِي أَكَانَ فِيمَنْ صَعِقَ فَأَفَاقَ قَبْلِي أَوْ كَانَ مِمَّنْ اسْتَثْنَى اللَّهُ)) رواه البخاري (2411) ومسلم(2373).
18. وعن عَائِشَةَ رضي الله عنها قالت: كان عُتْبَةُ بن أبي وَقَّاصٍ عَهِدَ إلى أَخِيهِ سَعْدِ بن أبي وَقَّاصٍ أَنَّ ابن وَلِيدَةِ زَمْعَةَ مِنِّي فَاقْبِضْهُ، قالت: فلما كان عَامَ الْفَتْحِ أَخَذَهُ سَعْدُ بن أبي وَقَّاصٍ وقال ابن أَخِي قد عَهِدَ إلي فيه فَقَامَ عبد بن زَمْعَةَ، فقال: أَخِي وابن وَلِيدَةِ أبي وُلِدَ على فِرَاشِهِ فَتَسَاوَقَا إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال سَعْدٌ: يا رَسُولَ اللَّهِ ابن أَخِي كان قد عَهِدَ إلي فيه، فقال عبد بن زَمْعَةَ: أَخِي وابن وَلِيدَةِ أبي وُلِدَ على فِرَاشِهِ، فقال رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((هو لك يا عبد بن زَمْعَةَ)) ثُمَّ قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ وَلِلْعَاهِرِ الْحَجَرُ)) ثُمَّ قال لِسَوْدَةَ بِنْتِ زَمْعَةَ زَوْجِ النبي صلى الله عليه وسلم: ((احْتَجِبِي منه)) لِمَا رَأَى من شَبَهِهِ بِعُتْبَةَ، فما رَآهَا حتى لَقِيَ اللَّهَ" رواه البخاري(1948) ومسلم(1457).
19. وعن عَائِشَةَ قالت: دَخَلَتْ هِنْدٌ بِنْتُ عُتْبَةَ امْرَأَةُ أبي سُفْيَانَ على رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فقالت: يا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أَبَا سُفْيَانَ رَجُلٌ شَحِيحٌ، لَا يُعْطِينِي من النَّفَقَةِ ما يَكْفِينِي وَيَكْفِي بَنِيَّ إلا ما أَخَذْتُ من مَالِهِ بِغَيْرِ عِلْمِهِ فَهَلْ عَلَيَّ في ذلك من جُنَاحٍ؟ فقال رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((خُذِي من مَالِهِ بِالْمَعْرُوفِ ما يَكْفِيكِ وَيَكْفِي بَنِيكِ)) رواه البخاري(5049 ) ومسلم(1714) واللفظ له).
20. وعن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنهَ: أَنَّ رَجُلَيْنِ اخْتَصَمَا في مَتَاعٍ إلى النبي صلى الله عليه وسلم ليس لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا بَيِّنَةٌ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم اسْتَهِمَا على الْيَمِينِ، ما كان أَحَبَّا ذلك أو كَرِهَا"[3].
21. وعن أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَضَى في امْرَأَتَيْنِ من هُذَيْلٍ اقْتَتَلَتَا فَرَمَتْ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى بِحَجَرٍ فَأَصَابَ بَطْنَهَا، وَهِيَ حَامِلٌ، فَقَتَلَتْ وَلَدَهَا الذي في بَطْنِهَا، فَاخْتَصَمُوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فَقَضَى أَنَّ دِيَةَ ما في بَطْنِهَا غُرَّةٌ عَبْدٌ أو أَمَةٌ، فقال وَلِيُّ الْمَرْأَةِ التي غَرِمَتْ: كَيْفَ أَغْرَمُ يا رَسُولَ اللَّهِ من لَا شَرِبَ ولا أَكَلَ، ولا نَطَقَ ولا اسْتَهَلَّ، فَمِثْلُ ذلك بَطَل؟ فقال النبي صل الله عليه وسلم: ((إنما هذا من إِخْوَانِ الْكُهَّانِ)) رواه البخاري(5426).
[1] رواه أحمد (26760) وأبو داود (3583)، وصححه ابن الملقن، وقال ابن كثير: إسناده على شرط مسلم، وحسنه الألباني.
[2] رواه أبو داود (3597) وقال الألباني: "صحيح" كما في صحيح الترغيب والترهيب، رقم(2248).
[3] رواه أبو داود، رقم(3616 ) وابن ماجه، رقم(2346). وقال الألباني: "صحيح"، كما مختصر إرواء الغليل، رقم(2659).
لا يخلو مجتمع مهما كان صلاح أفراده، ومهما كان حرصه على الخير من الاختلاف على أعراض الحياة الدنيا، أو التباين في حظوظ النفس، أو الزلل باتباع بعض نزغات الشياطين مما يؤدي إلى شيء من الخصومات!.
ومما لا شك فيه ولا ريب أن مجتمع النبي عليه الصلاة والسلام خير مجتمع، وأفضله على الإطلاق، ومع ذلك حصل بين بعض أفراده خلاف وخصومات، ولكن تعامل النبي صلى الله عليه وسلم الحسن قضى على تلك الخلافات وأجهز على تلك الخصومات.
فمن تعامله الحسن أنه كان يسعى أولا للصلح بين المتخاصمين، فيحث على أن يتنازل أحد المتخاصمين عن بعض الحق الذي له عند صاحبه، ودليل ذلك أن كعب بن مالك أقرض ابْنَ أَبِي حَدْرَدٍ مالا، ثم طلب منه قضاء الدين الذي كان عليه، فاختصما في المسجد حتى َارْتَفَعَتْ أَصْوَاتُهُمَا فسَمِعَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ فِي بَيْتِهِ، فَخَرَجَ إِلَيْهِمَا حَتَّى كَشَفَ سِجْفَ (ستر) حُجْرَتِهِ، فَنَادَى: ((يَا كَعْبُ)) قَالَ: لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: ((ضَعْ مِنْ دَيْنِكَ هَذَا)) فَأَوْمَأَ إِلَيْهِ، أَيْ الشَّطْرَ. قَالَ: لَقَدْ فَعَلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ. فقَالَ لابن أبي حدرد: ((قُمْ فَاقْضِهِ)).
وأما إذا اصطلح الناس على صلح يخالف شرع الله فإن النبي صلى الله عليه وسلم يرده ويبطله، فقد اخْتَصَمَ إِلَيه رجلان، فقال أحدهم: "إِنَّ ابْنِي كَانَ عَسِيفًا (أجيرا) عَلَى هَذَا (عند هذا) فزَنَى بِامْرَأَتِهِ، فَأَخْبَرُونِي (أي الناس) أَنَّ عَلَى ابْنِي الرَّجْمَ، فَافْتَدَيْتُ مِنْهُ بِمئَةِ شَاةٍ، وَجَارِيَةٍ لِي. ثُمَّ إِنِّي سَأَلْتُ أَهْلَ الْعِلْمِ فَأَخْبَرُونِي أَنَّمَا عَلَى ابْنِي جَلْدُ مِائَةٍ وَتَغْرِيبُ عَامٍ (أي إخراجه عن البلد سنة) وَإِنَّمَا الرَّجْمُ عَلَى امْرَأَتِه (لأنها محصنة)، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((أَمَا وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَأَقْضِيَنَّ بَيْنَكُمَا بِكِتَابِ اللَّهِ: أَمَّا غَنَمُكَ وَجَارِيَتُكَ فَرَدٌّ عَلَيْكَ، وَعَلَى ابْنِكَ جَلْدُ مِائَةٍ وَتَغْرِيبُ عَامٍ. وَأَمَّا أَنْتَ يَا أُنَيْسُ فَاغْدُ عَلَى امْرَأَةِ هَذَا، فَإِنْ اعْتَرَفَتْ فَارْجُمْهَا))، فَغَدَا عَلَيْهَا فَاعْتَرَفَتْ، فَأَمَرَ بِهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرُجِمَتْ".
فتأمل أخي كيف تعامل عليه الصلاة والسلام مع المتخاصمين؟ وكيف أصلح بينهم صلحا ليس فيه إهدار لحق الآخرين..
من حسن أخلاقه عليه الصلاة والسلام، وحبه لجمع الكلمة، ووحدة الصف، وبغضه للفرقة والاختلاف، ورغبته في الإصلاح بين المتخاصمين، كان يذهب إلى من كانت بينهم خصومة، فيصلح بينهم، ولا ينتظر حتى يأتوا إليه، فعندما أُخبر عليه الصلاة والسلام بأن أَهْلَ قُبَاءٍ، اقْتَتَلُوا حَتَّى تَرَامَوْا بِالْحِجَارَةِ، قال: ((اذْهَبُوا بِنَا نُصْلِحُ بَيْنَهُمْ))، هكذا يبادر عليه الصلاة والسلام إلى الإصلاح، لا يريد من وراء ذلك جزاء ولا شكورا، إنما ابتغاء مرضات الله، ووحدة الصف، ولَمِّ الشمل، وإصلاح ذات البين.
فإذا لم يُجْدِ الصلح قضى بين المتخاصمين بشرع الله، فمن رضي فله، ومن سخط فعليه، ومن ذلك ما حصل بين الزبير رضي الله عنه ورجل آخر، فقد اختصما في ممر ماء كَانَا يَسْقِيَانِ بِهِ كِلَاهُمَا، فاختلفا في ذلك، فَاخْتَصَمَا إلى النَّبِيّ عليه الصلاة والسلام، فعرض صلى الله عليه وسلم عليهما صلحا فيه طلب من الزبير أن يتنازل عن شي من حقه فقال لِلزُّبَيْرِ: ((أَسْقِ يَا زُبَيْرُ، ثُمَّ أَرْسِلْ الْمَاءَ إِلَى جَارِكَ))، فَغَضِبَ ذلك الرجل، وقال للنبي عليه الصلاة والسلام: "أَنْ كَانَ ابْنَ عَمَّتِكَ؟!" فغضب عليه الصلاة والسلام، وتلون وجهه حَتَّى عَرَف الصحابة ذلك في وجهه، ثُمَّ قَالَ عليه الصلاة والسلام: ((اسْقِ يَا زُبَيْرُ، ثُمَّ احْبِسْ الْمَاءَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَى الْجَدْرِ))، فاستوفى عليه الصلاة والسلام حِينَئِذٍ للزبير حَقَّهُ؛ بعد أن رفض خصمُ الزبير قبول الصلح وقال ما قال.
ومن تعامله صلى الله عليه وسلم مع المتخاصمين أنه كان يطالب المدعي بالبينة، والمنكر باليمين، فقد جاء إليه عليه الصلاة والسلام رَجُلَانِ يَخْتَصِمَانِ فِي أَرْضٍ، فَقَالَ أَحَدُهُمَا: "إِنَّ هَذَا انْتَزَى (استولى) عَلَى أَرْضِي يَا رَسُولَ اللَّهِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ" قَالَ: ((بَيِّنَتُكَ؟)). قَالَ: "لَيْسَ لِي بَيِّنَةٌ"، قَالَ: ((يَمِينُهُ)) -أي المدعى عليه-، قَالَ: "إِذَنْ يَذْهَبُ بِهَا" -أي بيمنه-، فقَالَ له عليه الصلاة والسلام: ((لَيْسَ لَكَ إِلَّا ذَاكَ))، فَلَمَّا قَامَ لِيَحْلِفَ، ذكره عليه الصلاة والسلام بالله، وخوفه من الحلف إن كان كاذبا، فقَالَ له: ((مَنْ اقْتَطَعَ أَرْضًا ظَالِمًا لَقِيَ اللَّهَ وَهُوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ)).
هذه هي التعاملات المثلى التي ينبغي على القضاة والمصلحين أن يتبعوها، ويقتدوا بهدي النبي صلى الله عليه وسلم فيها.
الاعتراف سيد الأدلة كما يقال، وبذلك قضى عليه الصلاة والسلام بين المتخاصمين، فقد أتى إليه صلى الله عليه وسلم رَجُلٌ يَقُودُ آخَرَ بحبل،فَقَالَ: "يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذَا قَتَلَ أَخِي"، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((أَقَتَلْتَهُ؟)).فَقَالَ: "إِنَّهُ لَوْ لَمْ يَعْتَرِفْ أَقَمْتُ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةَ"قَالَ: نَعَمْ قَتَلْته" فاعترف فقضى به عليه الصلاة والسلام له..
فإن لم يكن ثمة اعتراف، فبالبينة، فإن لم فيمين المنكِر، بذلك يكون قد قضى عليه الصلاة بما ظهر له في القضية من البراهين والأدلة الشرعية الواضحة، وأما ما خفي فإلى عالم الغيب والشهادة تبارك وتعالى، فها هو عليه الصلاة والسلام يسمع ذات مرة خُصُومَةً بِبَابِ حُجْرَتِهِ، فَخَرَجَ إِلَيْهِمْ، فَقَالَ: ((إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ، وَإِنَّهُ يَأْتِينِي الْخَصْمُ فَلَعَلَّ بَعْضَكُمْ أَنْ يَكُونَ أَبْلَغَ (أفصح ببيان حجته) مِنْ بَعْضٍ، فَأَحْسِبُ أَنَّهُ صَادِقٌ فَأَقْضِي لَهُ بِذَلِكَ، فَمَنْ قَضَيْتُ لَهُ بِحَقِّ مُسْلِمٍ فَإِنَّمَا هِيَ قِطْعَةٌ مِنْ النَّارِ فَلْيَأْخُذْهَا أَوْ لِيَتْرُكْهَا)).
وكان عليه الصلاة والسلام يبين للمتخاصمين أنه إذا قضى لواحد منهما على الآخر بأمر ما فإن قضاءه ذلك لا يبيح له أخذ حق خصمه، فيقول: ((فَمَنْ قَضَيْتُ لَهُ مِنْ حَقِّ أَخِيهِ بِشَيْءٍ فَلَا يَأْخُذْ مِنْهُ شَيْئًا، فَإِنَّمَا أَقْطَعُ لَهُ قِطْعَةً مِنْ النَّارِ)).
وكان عليه الصلاة والسلام يحذر من الشفاعة في ترك إقامة حدود الله، فيقول: ((مَنْ حَالَتْ شَفَاعَتُهُ دُونَ حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ فَقَدْ ضَادَّ اللَّهَ))، ويحذر أيضا المتخاصمين من التمادي في الباطل، فيقول: ((وَمَنْ خَاصَمَ فِي بَاطِلٍ وَهُوَ يَعْلَمُهُ ((أَنَّهُ بَاطِل، أَوْ يَعْلَم أَنَّ خَصْمه عَلَى الْحَقّ لَمْ يَزَلْ فِي سَخَطِ اللَّهِ حَتَّى يَنْزِعَ عَنْهُ)) أَيْ يَتْرُك وَيَنْتَهِي عَنْ مُخَاصَمَته.
فابتعد أخي عن المخاصمة بالباطل، فإن ذلك مما يعرضك لسخط الله، وعقوبته، وعليك أن تتحلى بخلق القسط والعدل.
الأصل في القضاء أنه يزيل الخصومات بين المتخاصمين، ولن يكون ذلك إلا إذا كان القضاء راشداً، لذلك نجد أن من تعامله عليه الصلاة والسلام مع المتخاصمين أنه يقضي بينهم بشرع الله، ويطيب خاطر من وقع الحكم ضده، وخاصة إذا كان الخصام بين الأقارب، كما في قصة الخصومة التي حصلت بين علي بن أبي طالب، وجعفر بن أبي طالب وزيد بن حارثة في أيهم يقوم بكفالة أمامة بنت حمزة بن عبد المطلب، فاختصموا إلى النبي عليه الصلاة والسلام في ذلك، فَقَضَى بِهَا عليه الصلاة والسلام لِخَالَتِهَا، وَقَالَ: ((الْخَالَةُ بِمَنْزِلَةِ الْأُمِّ)) ثم طيب خواطر الثلاثة، فقال لجعفر: ((أَمَّا أَنْتَ يَا جَعْفَرُ فَأَشْبَهْتَ خَلْقِي وَخُلُقِي، وَأَمَّا أَنْتَ يَا عَلِيُّ فَمِنِّي وَأَنَا مِنْكَ، وَأَمَّا أَنْتَ يَا زَيْدُ فَأَخُونَا وَمَوْلَانَا)).
ولحبه صلى الله عليه وسلم لجمع الكلمة، والإصلاح لذات البين ربما تحمل دية مقتول لم يُعلم قاتله، مراعاة للمصلحة العامة، وحتى يحصل الصلح بين المتخاصمين، ويقطع دابر الخلاف، يشهد لذلك مقتل عبد الله بن سهل فقد كسرت عنقه، وألقي في بئر، فجاء أقاربه إلى رسوله الله عليه الصلاة والسلام، فقالوا: "يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنَّا وَجَدْنَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَهْلٍ قَتِيلًا فِي قَلِيبٍ (بئر) مِنْ بَعْضِ قُلُبِ خَيْبَرَ، وَلَيْسَ بِخَيْبَرَ عَدُوٌّ إِلَّا يَهُودَ"، ولأنه جاء بالقسط والعدل عليه الصلاة والسلام، قَالَ لهم: ((مَنْ تَتَّهِمُونَ؟) قَالُوا: نَتَّهِمُ الْيَهُودَ. فَكَتَبَ عليه الصلاة والسلم إلى يهود هذه التهمة، وأرسل بها إليهم، فردوا عليه بأنهم لم يقتلوه، فَقَالَ عليه الصلاة والسلام لأقارب سهل بن عبدالله: ((أَفَتُقْسِمُونَ خَمْسِينَ يَمِينًا أَنَّ الْيَهُودَ قَتَلَتْهُ؟))، فقَالُوا: "أَمْرٌ لَمْ نَشْهَدْهُ كَيْفَ نَحْلِفُ؟! ومَا كُنَّا لِنَحْلِفَ عَلَى مَا لَا نَعْلَمُ، مَا نَدْرِي مَنْ قَتَلَهُ إِلَّا أَنَّ يَهُودَ عَدُوُّنَا، وَبَيْنَ أَظْهُرِهِمْ قُتِلَ". فقَالَ عليه الصلاة والسلام: ((فَيَحْلِفُونَ لَكُمْ خَمْسِينَ يَمِينًا أَنَّهُمْ لَمْ يَقْتُلُوهُ وَيَبْرَءُونَ مِنْ دَمِ صَاحِبِكُمْ)) قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا كُنَّا لِنَقْبَلَ أَيْمَانَ يَهُودَ مَا هُمْ فِيهِ مِنْ الْكُفْرِ أَعْظَمُ مِنْ أَنْ يَحْلِفُوا عَلَى إِثْمٍ، فَكَرِهَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُبْطِل دَمَهُ فَوَدَاهُ (دَفَعَ دِيَته) مِنْ عِنْدِهِ بِمِائَةِ نَاقَةٍ".
فتأمل أخي المسلم في قضاء رسول الله عليه الصلاة والسلام وحكمه، واقتد به، وأنصف من نفسك إذا خاصمت، وانشد الحق والعدل.